بدأ موسم الخليقة الذي يستمر حتى الرابع من أكتوبر، حيث تتوحد الكنائس المسيحية حول العالم في الصلاة والعمل المشترك من أجل رعاية الأرض وحماية "البيت المشترك"، في وقت تتزايد فيه التحديات البيئية وتداعيات التغير المناخي. حيث يمثل موسم الخليقة مناسبة مسكونية سنوية تدعو المؤمنين إلى تجديد علاقتهم مع الخالق ومع الخليقة بأسرها، من خلال رفع الوعي بأهمية حماية البيئة، والتأكيد على المسؤولية الأخلاقية تجاه الفئات الأكثر ضعفًا والمتضررة من الأزمات البيئية. وفي بيان صادر عن "الزمالة العالمية للإصلاح الكنسي"، جاء التأكيد على أن الكنيسة مدعوة خلال هذا الموسم إلى السعي لتحقيق العدالة المناخية، والمساهمة في شفاء البيئة، وبناء نمط جديد من الحياة يحترم كرامة كل أشكال الحياة على الأرض. كما دعا البيان إلى الإصغاء إلى "صرخة الأرض وصرخة الفقراء"، والسير برفق على هذا الكوكب، والعيش بعدالة، والتحلي بالشجاعة في اتخاذ خطوات عملية لحماية البيئة وضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة. وبينما يتواصل موسم الخليقة حتى الرابع من أكتوبر، تجدد الكنائس حول العالم التزامها بروح التضامن والعمل المشترك من أجل الأرض والإنسان، في رسالة إيمانية تؤكد أن حماية البيئة ليست خيارًا، بل واجبًا مقدسًا للحفاظ على عطية الله الكبرى: الخليقة. وفي ذات السياق أطلق البطريرك المسكوني برثلماوس، بمشاركة مجلس الكنائس العالمي (WCC)، نداءً عاجلاً من أجل ما أسماه "التوبة البيئية" والتحرك العالمي لمواجهة أزمة المناخ، بالتزامن مع يوم الصلاة من أجل البيئة الطبيعية . ويُعد هذا اليوم بداية موسم "زمن الخليقة"، الذي يمتد من الأول من سبتمبر حتى الرابع من أكتوبر، جامعًا المسيحيين من مختلف الطوائف – أرثوذكس وكاثوليك وبروتستانت – في أنشطة روحية وبيئية مشتركة، هدفها تجديد الالتزام بحماية الأرض والدفاع عن الخليقة. التدمير البيئي والعنف في رسالته، حذّر البطريرك برثلماوس من أن التدمير البيئي وما يصاحبه من عنف عالمي باتا معًا يهددان مستقبل الحياة على الأرض. وقال: "اليوم، يُضاف إلى ذلك كله ضجيج الحروب، وصوت القنابل والصواريخ والانفجارات، الذي يطغى على صرخات الأبرياء ضحايا العنف بلا رحمة، وعلى أنين الخليقة، إن مستقبل الحياة على كوكبنا سيكون إما بيئيًا وسلميًا.. أو لن يكون." ووصف البطريرك الأرثوذكسية بأنها "الوجه البيئي للمسيحية"، مؤكدًا أن المطلوب ليس مجرد الندم على ما أصاب البيئة من أضرار، بل إحداث "تغيير جذري في العقلية والسلوك تجاه الخليقة". تحرك كنسي عالمي دعا برثلماوس الكنائس الأرثوذكسية الإقليمية والأبرشيات والأديرة في العالم كله إلى تبني خطوات عملية منسقة، تهدف إلى تعبئة المؤمنين، مع التركيز على توعية وتعليم الأجيال الشابة، موضحا أن تطبيق البعد البيئي للإيمان المسيحي في الممارسة اليومية يمثل جزءًا أساسيًا من هوية الكنيسة الأرثوذكسية. أما مجلس الكنائس العالمي، فقد استهل الموسم بإقامة صلاة عبر الإنترنت شارك فيها مؤمنون من مختلف الطوائف والبلدان، لتجديد الالتزام بخدمة الخليقة والدفاع عن البيئة. موسم يمتد من الصلاة إلى العمل يستمر موسم الخليقة حتى الرابع من أكتوبر، عيد القديس فرنسيس الأسيزي، الذي يعد رمزًا مسيحيًا عالميًا لحب الطبيعة، وعلى مدار هذه الفترة، تشارك الكنائس حول العالم في برامج تعليمية وعبادات وفعاليات مناصرة، تركز على قضايا التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي والعدالة البيئية. ويشدد مجلس الكنائس العالمي على أن الهدف ليس فقط رفع الوعي، بل دعم العمل العملي الملموس لحماية الفئات الأكثر ضعفًا أمام التدهور البيئي وآثاره الكارثية. توبة بيئية يعكس هذا النداء المتجدد من البطريرك المسكوني ومجلس الكنائس العالمي إدراكًا متزايدًا بأن أزمة المناخ لم تعد مجرد قضية بيئية، بل قضية أخلاقية وروحية في آن واحد، فالمطالبة ب"توبة بيئية" تعبّر عن وعي جديد يرى أن إنقاذ الأرض يتطلب تغييرًا في القيم وأنماط الحياة، إلى جانب السياسات والتقنيات، وهو ما يضع الكنائس أمام تحدٍ كبير: كيف تتحول من منبر وعظي إلى قوة فاعلة في معركة إنقاذ الكوكب.