توغلت دبابات إسرائيلية فى الأحياء الجنوبية والشرقية من مدينة دير البلح بغزة للمرة الأولى، وهى المنطقة التى قالت مصادر إسرائيلية إن الجيش يعتقد أن رهائن ربما يحتجزون بها، حيث تكتظ المنطقة بالفلسطينيين النازحين خلال أكثر من 21 شهرا من الحرب فى غزة، حيث فر المئات منهم إلى الغرب أو الجنوب بعد أن أصدرت إسرائيل أمر إخلاء، قائلة إنها تسعى إلى تدمير البنية التحتية وقدرات جماعة حماس المسلحة. وقال مسعفون محليون إن قصف الدبابات فى المنطقة أصاب منازل ومساجد، مما أدى إلى مقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل وإصابة عدد آخر. لا يزال موظفو الأممالمتحدة موجودين فى دير البلح، وقد قُصفت داران للضيافة تابعتان للأمم المتحدة، رغم إبلاغ الأطراف بمواقع مبانى الأممالمتحدة، التى لا يجوز انتهاك حرمتها. وصرح المتحدث باسم الأممالمتحدة، ستيفان دوجاريك، قائلاً: "يجب حماية هذه المواقع - كما هو الحال مع جميع المواقع المدنية - بغض النظر عن أوامر الإخلاء". وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن منزل موظفيها ومستودعها الرئيسى فى دير البلح تعرضا لهجوم يوم الاثنين الماضي، وصرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بأن الجيش الإسرائيلى احتجز اثنين من موظفى المنظمة واثنين من أفراد عائلتهما، مضيفًا أنه أُفرج عن ثلاثة منهم لاحقًا، بينما ظل موظف واحد قيد الاحتجاز، ورفضت بعثة إسرائيل لدى الأممالمتحدة فى نيويورك التعليق. وفى جنوب خان يونس، قال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية قتلت خمسة أشخاص على الأقل، بينهم زوج وزوجته وطفلاهما فى خيمة. وقالت وزارة الصحة فى غزة فى تحديثها اليومى إن 130 فلسطينيا على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من ألف آخرين بنيران إسرائيلية وضربات عسكرية فى مختلف أنحاء القطاع خلال ال24 ساعة الماضية، وهو أحد أعلى المعدلات فى الأسابيع الأخيرة، ولم يصدر تعليق إسرائيلى فورى على حادثتى دير البلح وخان يونس. وذكرت مصادر إسرائيلية أن سبب ابتعاد الجيش عن منطقة دير البلح هو الاشتباه فى أن حماس قد تحتجز رهائن هناك. ويُعتقد أن ما لا يقل عن 20 من أصل 50 رهينة متبقين فى غزة ما زالوا على قيد الحياة. وأعربت عائلات الرهائن عن قلقها على أقاربهم وطالبت بتوضيح من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس وقائد الجيش حول كيفية حمايتهم. «لن يسامح شعب إسرائيل أى شخص عرّض حياة الرهائن للخطر عمدًا، أحياءً وأمواتًا. لن يستطيع أحدٌ الادعاء بأنه لم يكن يعلم ما هو على المحك»، هذا ما جاء فى بيانٍ صادر عن مقر منتدى عائلات الرهائن. وحذر مسئولون صحيون فى غزة من احتمال وقوع "وفيات جماعية" فى الأيام المقبلة بسبب الجوع الذى أودى بحياة 19 شخصا على الأقل منذ يوم السبت الماضي، بحسب وزارة الصحة فى القطاع الذى تديره حركة حماس. الجوع يفتك بالمدنيين أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن انزعاجه من الانهيار المتسارع للأوضاع الإنسانية فى غزة "حيث تنهار آخر شرايين الحياة التى تبقى الناس على قيد الحياة"، بحسب دوجاريك. وقال دوجاريك "إنه يأسف للتقارير المتزايدة عن الأطفال والبالغين الذين يعانون من سوء التغذية"، متابعًا: "تقع على عاتق إسرائيل التزام بالسماح بتسهيل وصول الإغاثة الإنسانية التى تقدمها الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى بكل الوسائل المتاحة لها". وأوضح مسئولون صحيون، أن المستشفيات تعانى من نقص الوقود والمساعدات الغذائية والأدوية، مما يهدد بتوقف العمليات الحيوية. ومن جانبه قال المتحدث باسم وزارة الصحة خليل الدقران إن الكادر الطبى يعتمد على وجبة واحدة يوميا، وإن المئات يتوافدون على المستشفيات يوميا يعانون من التعب والإرهاق. وفى جنوبغزة، قالت وزارة الصحة إن وحدة إسرائيلية متخفية اعتقلت يوم الاثنين الماضى مروان الهمص، رئيس المستشفيات الميدانية فى غزة، فى غارة أسفرت عن مقتل صحفى محلى وإصابة آخر خارج منشأة طبية ميدانية تديرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وصرح متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بأن اللجنة عالجت مصابين فى الحادث، لكنه لم يُدلِ بمزيد من التفاصيل حول وضعهم. وأعربت عن "قلقها البالغ إزاء سلامة وأمن" محيط المستشفى الميداني، ولم يستجب الجيش الإسرائيلى على الفور لطلب التعليق. وشنّت إسرائيل غاراتٍ على مستشفيات فى أنحاء غزة خلال الحرب، متهمةً حماس باستخدامها لأغراض عسكرية، وهو اتهامٌ تنفيه الحركة. ويُعدّ إرسال قواتٍ سريةٍ لتنفيذ اعتقالاتٍ أمرًا نادرًا. ويبدو أن التوغل فى دير البلح والعدد المتزايد من القتلى قد أدى إلى تعقيد الجهود الرامية إلى تأمين وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل فى المحادثات التى توسطت فيها قطر ومصر، بدعم من الولاياتالمتحدة. وقال مسئول فى حماس لرويترز يوم الأحد الماضى إن الجماعة المسلحة غاضبة من ارتفاع عدد القتلى وأزمة الجوع وقال إن ذلك قد يؤثر على المحادثات بشأن هدنة مدتها 60 يوما وصفقة الرهائن. انتظار المساعدات قالت وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس الأول الثلاثاء إنها تلقت رسائل يائسة من غزة تحذر من المجاعة، بما فى ذلك من موظفيها، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفى الوقت نفسه، وعلى مشارف غزة، تحتفظ الأونروا بما يكفى من الغذاء المخزّن فى المستودعات لتغطية احتياجات جميع السكان لأكثر من ثلاثة أشهر. ارفعوا الحصار ودعوا المساعدات تدخل إلى القطاع بأمان وعلى نطاق واسع، كما جاء فى البيان. وكانت قد أعلنت وزارة الصحة يوم الأحد الماضى أن 67 شخصًا على الأقل قُتلوا بنيران إسرائيلية أثناء انتظارهم شاحنات مساعدات الأممالمتحدة لدخول غزة، وأضافت أن 36 شخصًا على الأقل من طالبى الإغاثة قُتلوا فى اليوم السابق . وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن قواته أطلقت طلقات تحذيرية لإزالة ما وصفه ب"تهديد وشيك". وأضاف أن النتائج الأولية تشير إلى أن أعداد الضحايا المبلغ عنها مبالغ فيها. وقال الجيش الإسرائيلى إنه "يعتبر نقل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مسألة ذات أهمية قصوى، ويعمل على تمكين وتسهيل دخولها بالتنسيق مع المجتمع الدولي". ودعت بريطانيا وأكثر من عشرين دولة أخرى يوم الاثنين الماضى إلى وقف فورى للحرب فى غزة، وانتقدت نموذج الحكومة الإسرائيلية فى إيصال المساعدات بعد مقتل مئات الفلسطينيين قرب مواقع توزيع الغذاء. ورفضت إسرائيل هذا البيان "لأنه منفصل عن الواقع ويرسل رسالة خاطئة إلى حماس". وبدأت الحرب عندما اقتحم مسلحون بقيادة حماس إسرائيل فى 7 أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر 251 رهينة وإعادتهم إلى غزة، وفقًا للإحصاءات الإسرائيلية. وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس فى غزة منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 59 ألف فلسطيني، وفقا لمسئولى الصحة، ونزوح ما يقرب من جميع السكان، وتسببت فى أزمة إنسانية.