ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم /الثلاثاء/، أن الإدارة الأمريكية تسارع الزمن لعقد اتفاقات تجارية ضيقة النطاق مع عدد من الدول قبل انتهاء المهلة المحددة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة فرض تعريفاته الجمركية المشددة، والتي تنتهي بعد 9 أيام تقريبًا. وبحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى الصحيفة بشرط عدم ذكر هويتها، قرر المسئولون التجاريون الأمريكيون تقليص خططهم الطموحة بشأن اتفاقات شاملة، والتركيز بدلًا من ذلك على إبرام اتفاقات مرحلية مع الدول الأكثر تفاعلًا، في محاولة لتجنب إعادة تطبيق الرسوم الجمركية "التبادلية" التي أُعلن عنها لأول مرة في 2 أبريل الماضي. وتُعد هذه الخطوة، وفقا لما ذكرته الصحيفة، تراجعًا عن الوعد السابق الذي أطلقته إدارة ترامب بإبرام 90 اتفاقًا خلال فترة التجميد التي استمرت 90 يوما، لكنها في الوقت ذاته تتيح لبعض الدول فرصة لعقد اتفاقات مبدئية تُجنبها الرسوم الأشد. ووفقا للمصادر، فإن الدول التي توافق على هذه الاتفاقات المحدودة سيتم إعفاؤها من التعريفات الأعلى، لكنها ستظل خاضعة للرسوم الحالية البالغة 10% إلى حين التوصل لحلول بشان قضايا أكثر تعقيدًا. مع ذلك، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن المحادثات لا تزال معقدة، فضلًا عن أن إدارة ترامب لا تزال، إلى جانب نهجها المحدود تجاه الصفقات، تدرس فرض رسوم جمركية على قطاعات حيوية، وفقا للمصادر نفسها. وأضافت الصحيفة أن هذا المسار المزدوج، الذي ينطوي على التهديد بفرض رسوم جمركية جديدة إلى جانب الانفتاح على الصفقات، يُبرز الصعوبة التي يواجهها المفاوضون مع ترامب، "الذي استخدم التجارة كسلاح للحصول على تنازلات من دول أخرى". وفي الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس أنه سيُنهي محادثات التجارة مع كندا، مما دفع أوتاوا إلى إلغاء ضريبة الخدمات الرقمية التي اعترضت عليها واشنطن فورًا. كذلك، تسبب ترامب في موجة هبوط حاد في أسواق الأسهم العالمية في أوائل أبريل الماضي بعد فرضه رسومًا جمركية باهظة على أكبر شركاء الولاياتالمتحدة التجاريين، بعد أسابيع من "طرح فوضوي" لسياسة تجارية اتسمت بالتراجع والتعليق. وعلى الرغم من تراجعه منذ ذلك الحين عن بعض أشد الرسوم عقابية، إلا أن الولاياتالمتحدة لم تتوصل حتى الآن إلا إلى اتفاقية تجارية وحيدة مع المملكة المتحدة بجانب الهدنة المؤقتة التي وقعتها مع الصين.. لذا، يحاول المفاوضون الأجانب الآن فهم ما سيحدث لاحقًا. وقد أطلقت وزارة التجارة الأمريكية بالفعل تحقيقات تتعلق بالأمن القومي، بموجب المادة 232، في سلع تشمل النحاس والأخشاب وقطع غيار الطائرات والأدوية والرقائق والمعادن الأساسية.. وقد سعت عدة دول تجري محادثات تجارية جادة مع الولاياتالمتحدة إلى إعفاء من الرسوم الجمركية القطاعية الحالية البالغة 25% على السيارات وقطع غيارها و50% على الصلب والألومنيوم. وبحسب الصحيفة، فإن اتفاق التجارة الأمريكي مع المملكة المتحدة يوفر بدوره حصة تعريفية محدودة مخفضة للسيارات البريطانية، ويتعهد بالتفاوض على استثناءات أخرى للأدوية، كما فازت المملكة المتحدة برسوم جمركية مخفضة على الصلب وقطع غيار الطائرات. وقال أشخاص مطلعون على المحادثات إن ضعف وضوح الرسوم الجمركية القطاعية الجديدة المحتملة التي قد تفرضها الولاياتالمتحدة في وقت لاحق يعيق المناقشات، وقد أشار وزير الخزانة سكوت بيسنت أمس /الاثنين/ إلى أن الولاياتالمتحدة تُركز بشكل أساسي على الرسوم الجمركية المتبادلة وأنها ستؤجل فرض الرسوم القطاعية إلى وقت لاحق. وقال الوزير، في مقابلة إعلامية،: "يستغرق تطبيق المادة 232 وقتًا أطول، لذا سنرى ما سيحدث بشأنها".. كما أنه من غير الواضح، حسبما أبرزت الصحيفة، كيف سيُحدد ترامب أي معدلات تعريفات جمركية جديدة على الدول التي لا تُوافق على صفقة جديدة قبل الموعد النهائي في 9 يوليو. وصرحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت بأن ترامب سيجتمع مع فريقه التجاري لتحديد التعريفات الجمركية "للعديد من هذه الدول إذا لم تتفاوض بحسن نية"، في حين ألمح ترامب لاحقًا على حسابه على موقع "تروث سوشيال" إلى أنه سيتم إرسال معدل تعريفات جمركية جديد إلى اليابان، على الرغم من أسابيع من المفاوضات التجارية بينهما. وكتب ترامب: "لإظهار مدى الدلال الذي باتت عليه الدول في تعاملها مع الولاياتالمتحدة، ومع كامل احترامي لليابان، فإنهم يرفضون استيراد الأرز الأمريكي رغم معاناتهم من نقص حاد في الإمدادات".. وأضاف:" بمعنى آخر، سنكتفي بإرسال رسالة، ونحن نحب أن نبقيهم شريكًا تجاريًا معنا لسنوات قادمة".. فيما تشير مصادر مطلعة على المفاوضات إلى وجود غموض بشأن التزام ترامب بالموعد النهائي لإنهاء فترة التجميد البالغة 90 يومًا. من جانبه، صرح سكوت بيسنت بأن تمديد المهلة سيكون قرارًا رئاسيًا بحتًا، لكنه توقع نشاطًا تفاوضيًا مكثفًا قبل حلول الموعد النهائي. وكان وزير الخزانة قد صرّح لقناة "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي بأن الولاياتالمتحدة تجري محادثات تجارية مع 18 شريكًا، مؤكدًا أن بعض الاتفاقات قد تُبرم خلال موسم الصيف.