تتعاظم جهود المثقفين المصريين والعرب جنبا إلى جنب مع جهود دولية لتحرير الشاعر القطري محمد ابن الذيب العجمي من غياهب السجون ، فيما تبرهن الجماعة الثقافية المصرية مجددا على انتصارها لقيم الحق والحرية والإبداع ورفض الاستبداد والتبعية لأعداء الأمة العربية. وإذا كان العالم يحتفل في يوم معلوم من كل عام بالشعر والتغيير تتردد فيه أسئلة كبرى وكونية مثل :"هل ينجح الشعر فى تغيير العالم ؟" فإن للشعراء في بلد مثل قطر أسئلة أخرى وهموم مغايرة قد لايتصورها أقرانهم في مناطق أخرى بهذه الدنيا الواسعة والتي قد تضيق في وجه الشاعر القطري لتتحول إلى سجن بدلا من فضاء حرية وبهجة إبداع كما يتبدى في حالة ابن الذيب!. وقال علي آل حطاب مؤسس حملة الدفاع عن الشاعر ابن الذيب إن هذا الشاعر حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بسبب القائه قصيدة تنتقد النظام الحاكم في قطر ، وهو يعاني من السجن الانفرادي منذ عام 2011 واتهم بمحاولة قلب نظام الحكم والمساس بالذات الأميرية رغم أنه لم يحمل أي أسلحة أو ينتمي لأي تنظيم أو جماعة. وتحت عنوان "الحملة التضامنية للدفاع عن شاعر الياسمين" كان حزب التجمع قد عقد صباح أمس الأول "الخميس" مؤتمرا صحفيا وتضمن عرض فيلم تسجيلي عن الشاعر القطري السجين وقصائده ، فيما أعرب الدكتور رفعت السعيد الرئيس السابق لهذا الحزب عن شعوره بالدهشة حيال "دويلة تنفق مليارات الدولارات على شراء أسلحة وتنام في حضن المخابرات الأمريكية وترتعد من بيت من الشعر". وفيما أكد على أن الشعر أقوى من أي سلاح أو استعمار قال رفعت السعيد إنه " ليس من الغريب على قطر التي تدعم جماعة الإخوان الإرهابية أن تقوم بحبس شاعر قطري عبر عن رأيه" ووجه التحية للشاعر ابن الذيب معلنا تضامن حزب التجمع معه. وكان علي آل حطاب قد اعتبر سجن ابن الذيب رسالة وجهها النظام الحاكم في الدوحة لكل مواطن قطري يريد التعبير عن رأيه بأنه سيلقى نفس مصير هذا الشاعر ، بينما إقترح الدكتور رفعت السعيد تشكيل لجنة تضامنية من مثقفين وأدباء وكتاب للدفاع عن ابن الذيب. واعتبر آل حطاب أن حملة الدفاع عن ابن الذيب تستمد قوتها من قوة هذا الشاعر ورفضه للاعتذار للنظام القائم في الدوحة لأنه يرى أن الاعتذار لمثل هذا النظام "خيانة " فيما كان الدكتور رياض الصيداوي مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية ورئيس اللجنة الدولية لاطلاق سراح الشاعر ابن الذيب قد رأي أن " النظام القائم في الدوحة هو الذي يتوجب عليه الاعتذار للشاعر". وقال الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي إن " الشاعر صوت الأمة وضميرها اليقظ المنتبه والسابح ضد التيار" معربا عن دهشته من الحجر على حرية الرأي بهذا الشكل فيما رأي أن "البلد الذي يسجن فيه الشاعر هو بلد يسجن الحرية". واللافت أن جلسات محاكمة هذا الشاعر كانت سرية وشابتها الكثير من أوجه العوار في الإجراءات ناهيك عن عدم تصور محاكمة شخص بسبب قصيدة في القرن الواحد والعشرين ، فيما وصف نجيب النعيمي محامي هذا الشاعر السجين الحكم بسجنه لمدة 15 عاما بأنه "قرار سياسي وليس قضائيا". وكان لنجيب النعيمي وهو وزير سابق في قطر فضلا عن كونه من أبرز المحامين والحقوقيين والمثقفين في منطقة الخليج أن يضيف :" لسنا في دولة ديمقراطية حتى يكون بمقدورنا إعادة فتح التحقيق" ، لافتا إلى أن الشاعر "ابن الذيب" كان قد وضع منذ عامين في " الحبس الانفرادي". وطالب الفريق ضاحي خلفان عضو المجلس التنفيذي في حكومة إمارة دبي نظام الحكم القطري باطلاق سراح هذا الشاعر السجين بسبب قصيدة ، فيما أكدت عائلة هذا الشاعر على أن القضاء في قطر خرج بصورة صارخة عن أبسط مباديء العدالة وقبل "تسييس القضية" التي لاتعدو كونها قصيدة تشيد بالربيع العربي بعد الثورة التونسية. ومن المثير للدهشة أن النائب العام القطري علي بن فطيس أعرب عن أسفه لعدم الحكم على الشاعر ابن الذيب بالإعدام فيما كان هذا الشاعر قد أضرب عن الطعام لحرمانه من لقاء ممثلين لمنظمات حقوقية دولية. وأعاد المحامي محمد ناصر الرحيان للأذهان أن محاكمة الشاعر ابن الذيب كانت "مهزلة قضائية" موضحا أن " قاضي التحقيق" هو ذاته "قاضي الموضوع" الذي أصدر الحكم بسجن الشاعر فيما كانت المحكمة قد رفضت طلبا للدفاع بردها عن نظر القضية وكلفت أشخاصا من العاملين في وزارة الثقافة القطرية بتفسير أبيات القصيدة التي كتبها ابن الذيب حول الربيع العربي على نحو يجرم الشاعر أمام المحكمة. وقال المفكر التونسي الدكتور رياض الصيداوي إن قرار سجن الشاعر محمد ابن الذيب العجمي هو "قرار سياسي" ، مؤكدا على أن " قطر لاتعرف الفصل بين السلطات في ظل نظام ديكتاتوري مطلق" وتحدى أن تقوم فضائية الجزيرة التي يستخدمها هذا النظام لتحقيق أهداف معادية للأمة العربية ببث برنامج حول ملابسات قضية ابن الذيب. وإعتبر الصيداوي أن الشاعر محمد ابن الذيب العجمي "حطم جدار الكذب والخداع والنفاق" في قطر ، مؤكدا على ضرورة أن يتحرك مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة لتحرير هذا الشاعر من غياهب السجون ، فيما يقول الدكتور أسعد أبو خليل أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا أن "من يزور قطر يرى معالم الوجود العسكري والاستخباراتي الأمريكي أينما حل". ورأى هذا المفكر اللبناني الأصل أن النظام الحاكم في قطر أراد أن " يقفز على التاريخ والجغرافيا ويبتاع لنفسه عبقرية مكان غير موجود" معتبرا أن هذا النظام " أبعد مايكون عن أي رؤية قومية عربية صافية" ، وأوضح أن الدور الحقيقي لهذا النظام بعد الربيع العربي يكمن في تمويل ودعم الثورة المضادة كما تجسدها جماعة الإخوان التي أرادت الانقضاض على الثورات الشعبية في المنطقة فيما كان هذا الدور بالتنسيق الكامل مع أعداء الأمة العربية. ودعا العديد من الشعراء في منطقة الخليج السلطات القطرية للإفراج عن الشاعر السجين "ابن الذيب" فيما كان اتحاد كتاب مصر قد استنكر سجن الشاعر القطري محمد بن راشد العجمي الملقب ب"ابن الذيب" لمدة 15 عاما في حكم نهائي غير قابل للطعن بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم في قصيدة كتبها ، معتبرا أن ماحدث لهذا الشاعر "يمثل سابقة خطيرة لايمكن السكوت عنها أو القبول بها". وقال إن هذا الحكم "يمثل انتهاكا صارخا لحرية الرأي والتعبير ولحرية المواطن في التعبير عما يقتنع به بالطرق السلمية " ، مشددا على أنه " لاتقدم إلا بإفساح المجال أمام الآراء المخالفة وعدم تقييد حرية الإبداع" ، ومضيفا أن "الأيادي المرتعشة لاتصنع مستقبلا ولاتنتج ادبا ولافكرا جديرين بالبقاء". كما وصف اتحاد كتاب مصر سجن هذا الشاعر القطري جراء قصيدة كتبها بأنه "انتهاك لكل المعاهدات والمواثيق الدولية التي تضمن حرية الرأي" ، مؤكدا على التمسك "بمبدأ الحق في التعبير السلمي الحر عن الرأي". وفيما تتوالى بيانات الاستنكار والشجب لسجن هذا الشاعر القطري من جانب العديد من المثقفين في مصر والعالم العربي قاطبة امتدت موجة الاستنكار للعالم لتشمل ادانة سجن "ابن الذيب" من جانب منظمة العفو الدولية ومنظمة "هيومان رايتس ووتش" كما أعربت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة عن شعورها بالقلق البالغ حيال سجن شاعر بسبب قصيدة!. وكانت محكمة البداية في قطر قد قضت بالسجن المؤبد لهذا الشاعر ليجري فيما بعد تعديل الحكم استئنافيا بالسجن لمدة 15 عاما فيما قالت سيسيل بويي المتحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان في جنيف :"أننا قلقون للطابع الظالم لهذه المحاكمة التي شابتها عيوب في الإجراءات". وإذا كان الناقد والشاعر الأمريكي الكبير ستيفن بورت والذي يدرس الأدب في جامعة هارفارد مهموم بقضية الخيال في عالم حافل بالفانتازيا والعجائب بصورة قد تتجاوز الخيال فلعل من مدهشات وعجائب راهن المرحلة العربية أن يسجن شاعر بسبب كلمات يعبر بها في قصيدة عن رأيه في واقع بلاده!. فالشعر الحق خيال مبدع لستيفن بورت وغيره من المثقفين في العالم أن يهتموا بسبل تحفيزه بحثا عن ربيع جديد للقصيدة غير أن هناك في قطرمن يهتم في المقابل باعتقال الخيال ومحاكمة الشاعر وسحق الشعور وسجن الكلمات. فالشعر مطلق لايعرف الحدود والقيود والسجون.. والشعر تمرد وللشاعر الحق أن يقول :"ليس بيدي أن أكون سواي" لكن أبجديات الشعر مازالت سجينة في قطر ومن هنا فليس للشاعر القطرى "ابن الذيب" أن يحلم ويبدع ويبتهج بالياسمين ويكتب قصيدة "الياسمين" التي عبر فيها عن رؤيته لبلاده في ضوء الربيع العربي وثورات الشعوب . ليس للشاعر "ابن الذيب" أن يستدرج عرائس أحلامه ويمضي مع المغامرة والمغايرة الإبداعية أو ينطلق لمحيطات الشعر أن ضاقت عليه بحوره وإلا وجد السجن في الإنتظار والسجان متجهم في وجه القصيدة بعد أن اعتقل طائرها الذي لايحط اإا على شجرة قلب دائم الخضرة!. ألم يعلم من سجن الشاعر القطري ابن الذيب أن القصيدة تجليات الروح ومطر أخضر تجود به سماء خضراء وأن الشاعر الحق يستنزل أحلى المعاني وأجمل الأغاني من أجل الوطن والشعب والحرية والكرامة؟!. فليس شعرا أن تقول ماقيل وانما الشعر أن تقول مالم يقل ومن هنا فعلى الشاعر أن يقبض على جمر المحاولة غير ان هناك في قطر من لايقبل أن يكتب الشاعر بمداد القلب وأن يخرج من عباءة المديح لنظام الى الاخلاص للكلمة ومكابدات ومجاهدات في حب الوطن. في الشعر الشاعر هو من يبتكر مزامير الجمال والبهاء ويضمخ الكلمات بطيوب الادهاش فهل اندهش "ابن الذيب" عندما وجد نفسه في السجن وهو الذي كان يحلم بقصيدة كعرائس مسربلة بالالق..هل شعر الشاعر ان الكلمة ليست لملكوت الشعر وانما لعذابات السجن والسجان؟!. واذا كان الشعر فتنة الجمال فان اعداء الشعر في قطر لايتورعون عن اشعال فتن الشر من المحيط الى الخليج واستعارة اسوأ سياسات الامارات الأندلسية في عصر الانحطاط عندما كان البعض يستقوي بالعدو حتى ضاعت الأندلس كلها وتحولت الى "الفردوس المفقود" في قصائد الشعراء ومرثيات وبكائيات الأمة العربية!. في الشعر لافرق بين التفاعيل ونبض القلب ولا بين المعنى وتحليق الطيور فكيف يقيد الشاعر وكيف يكبل بالأغلال وكيف يزج به في السجن الانفرادي وكيف لسيف القمع ان يغتال وردة ويقطع عنق الكلمة الوفية؟!..هل انزعج السيف من كلمة انفلتت كطائر شوق من اسر الوحشة؟!. والواضح أن "ابن الذيب" رفض قيودا لها ملمس الحرير وسلاسل لها شكل الذهب وبحث عن الانعتاق في القصيدة واراد وجه الحرية وحرية الوطن وازمنة بلا عبودية وامكنة بلا اسوار فكان ماكان!!. وفى أمة انجبت شعراء كالمتنبى وابو العلاء المعرى وابو نواس واحمد شوقى واحمد عبد المعطى حجازى وامل دنقل وهبد الرحمن الأبنودي وعبد الوهاب البياتى ونزار قبانى ومحمود حسن اسماعيل وبدر شاكر السياب ومحمود درويش وممدوح عدوان وعشرات إن لم يكن مئات الأسماء الأخرى لقامات فى عالم القصيدة العربية عبر تاريخها المديد يصعب تصور كراهية البعض في قطر للقصيدة الى حد سجن الشاعر!. واذا كان الشعر الحق يتسق دوما مع قيم الحرية والعدل والمساواة فما القول في شاعر سجين بالقرن الحادي والعشرين؟!..للشعر ان يقول أرفع رأسك عاليا ايها الشاعر السجين..اعلم ان في البدء كانت الكلمة واعلم ان الابداع حرية. "ابن الذيب" اليوم قهر وغدا امر..والأمر للابداع..للحرية..للعدالة..للكرامة..فلا تحزن ايها الشاعر ولاتغني الا لجمرة حرية فالسائد والمألوف مكيدة سرمدية!.."ابن الذيب"الشعر يأمرك ان تحرس مملكة حدسك وكلمة ابداعك حتى لايظفر منك السجان بما يريد!..لاسلطان عليك الا سلطان الضمير فمزق عن اوجه الحواة والمشعوذين اقنعتها واشهد ان الحقيقة ليست ماتقوله الشاشة الدجالة بألف لون ولون!. ابن الذيب:لاتسمح للروح ان تذبل ولا للحرف ان يذوي وان نحل جسد الشاعر وزاد وجع الأعضاء السجينة..ايها الشاعر الباحث عن اللوتس والمغني للياسمين يعز على الشعر والشعراء وعلى كل مثقف حقيقي بل وكل انسان صاحب ضمير حي ان يراك سجينا لكن تذكر ان الشعر يعجز كل شرح ويلعثم كل اعراب ويفحم كل اعداء الحرية والحقيقة. ايها الشاعر المكبل المقيد :تذكر في سجنك الانفرادي ان الشعر يحول المقيد الى مطلق وانك نلت شرف الكلمة ومجد الشعر رغم الألم والشجن.."ابن الذيب": سلام عليك حتى مطلع الحرية..سلام عليك ايها الشاعر السجين حتى اشراقة اليوم الموعود.