عرض برنامج "الصندوق الأسود" الذي يقدّمه الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، رئيس تحرير "البوابة نيوز"، تقريرًا يكشف فيه كيفية مهاجمة القاعدة كل دول المنطقة دون هذه الدويلة "قطر".. مع أن بها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية.. وتتحالف مع إسرائيل ولا تطبق الشريعة بمفهوم قادة هذا التنظيم المتطرف. من هذه المنطلقات لا يمكن أن يخفى على المتابعين أن العلاقة بين قطر و«القاعدة»، المنظمة الإرهابية، كبيرة ومتشابكة، ف«الجزيرة» تبث كل أشرطة الفيديو السمعية والبصرية لرموز «القاعدة»، من أفغانستان إلى العراق إلى الجزائر، بما يعني أن هناك تعاونًا وثيقًا بين المنظمة الإرهابية والمنظمة الإعلامية، بناء على هذا الأساس فقناة «الجزيرة» تُعتبر منظمة إرهابية أخطر من «القاعدة»، بحكم أنها الذراع الإعلامية لها، فهي التي أسهمت في التعريف ب«القاعدة» وروّجت لأفكارها ولعنفها، وهي التي ساعدتها على القيام بعملياتها وهي التي بتناولها لمواضيع تخص «القاعدة» تنقل لها ما يدور من خطط واستراتيجيات، وبالتالي أصبحت «الجزيرة» تشتغل كعميل مزدوج. إذن، للسائل أن يتساءل: كيف للتنظيم أن يضرب أو يحاول أن يضرب في بلدان ليست بها قواعد أمريكية في حين يتغافل عن بلد يحوي أكبر قاعدة بالمنطقة، وهو المتهم بالعمل ليس على ضرب المسلمين وإنما كذلك على تفكيك المنطقة وتحويلها إلى كنتونات؟ ! لقد سبق للمعارض القطري «سعد محمد النعيمي»، صاحب كتاب «أمير قطر لاعب خارج الملعب - انتهازية محسوبة أم تبعية مقيدة »، منذ سنة 2003، أن دلّل على وجود علاقة سرية بين قطر و«القاعدة»، حيث ذكر «النعيمي» أن الحراس الشخصيين لأمير قطر هم من الأفغان العرب الذين استقدمهم بنفسه ليستقوي بهم ضد أعدائه، ثم ليتجسس عليهم ويعرف أخبارهم ويلتقط توجهاتهم، ولهذا السبب رأى «النعيمي» أن حمد بن خليفة كان حريصًا على توطيد علاقته ببن لادن ومساعده أيمن الظواهري، كما كان يوعز لقناة «الجزيرة» بضرورة إجراء مقابلات صحفية حية معهما حيث يقيمان، وقد تابعنا كيف أن «الجزيرة» كانت لها الانفرادية في مقابلة بن لادن ومساعديه عديد المرات، والحال أن المخابرات الأمريكية قد عجزت، ظاهريًّا، عن تحديد مكان وجوده، الشىء الذي يدفع بنا إلى إمكانية تورط أمريكا في صناعة الإرهاب الإسلامي وحماية بن لادن، وعندما انتهت صلاحيته وقع التخلص منه فيشهر مايو 2011. لم يكن «النعيمي» وحده الذي أقرّ وأكد حصول هذه العلاقة، وكيف أن شر البلاء في المنطقة العربية مردُّه قطر. ففي سنة 2005 تناولت صحيفة «صنداي تايمز» في عددها الصادر بتاريخ 1 مايو 2005 علاقة قطر ببن لادن، حيث أكدت أن دعمًا ماليًّا كبيرًا يُقدر بعشرات الملايين من الدولارات ما زال يقدم حتى الآن من إمارة قطر يتم عبر وسطاء من رجال أعمال محسوبين على تيارات إسلامية أو رجال دين أصوليين مقربين من «القاعدة»، وذلك لتمويل عمليات «الزرقاوي» بالعراق، وأحيانًا عبر تسهيل تحويلات مالية بذريعة التبرعات أو الزكاة. وفق نفس المسئول الذي صرّح ل«صنداي تايمز» فإن «القاعدة» لم تشترط الدعم المالي والإعلامي فقط، بل كذلك استعداد قطر لاستضافة متشددين من التنظيم وتوفير الحماية لهم وعدم التعرض لهم، وكان المقابل هو استثناء قطر من أي عملية إرهابية، فتحولت قطر إلى مركز لجوء ومحطة ترانزيت لجماعات إسلامية مرتبطة ب«القاعدة»، بحيث تحولت عمليًّا إلى ساحة خلفية للدعم اللوجيستي وإيواء المتطرفين المطلوبين، وهذا ما ظهر في إيواء «خالد الشيخ محمد» والعديد من رفاقه الأفغان في مزرعة تابعة للشيخ «عبد الله بن خالد»، وزير الداخلية القطري، في أواخر التسعينيات. منذ سنة 2003 أبرمت قطر اتفاقًا مع «القاعدة» بشأن استثنائها من القيام بعمليات إرهابية داخلها مقابل دفع فدية مالية، وعندما تهاونت قطر في تجديد هذا الاتفاق قامت «القاعدة» بعملية صغيرة بالإمارة الصغيرة مثّلت قرصة أُذن وتذكيرًا خفيفًا، حيث قام المصري «عمر أحمد محمد علي» سنة 2005 بتفجير سيارة مفخخة أمام أحد المسارح التي يرتادها أجانب بالدوحة فقُتل فيها مخرج سينمائي بريطاني وجُرح فيها نحو اثني عشر آخرين، كانت رسالة واضحة لقطر لضرورة تذكيرها بالدعم المالي والإعلامي وعدم النكوص عن الاتفاق وإلا فإنها على مرمى حجر، فكان أن استجابت قطر فوريًّا، وذلك بتجديد الاتفاق وضخ المال من جديد وتحريك الآلة الإعلامية لتصبح «الجزيرة» ناطقًا رسميًّا باسم القاعدة.