تلعب الصالونات الثقافية دورًا مهما في السجال الثقافي والفكري ومناقشة القضايا المهمة وإلقاء الضوء على الأفكار وتبني المواهب، وقد برزت في العشرين سنة الأخيرة صالونات مهمة مثل صالون الراحل الدكتور عبدالمنعم تليمة وصالون الدكتور وسيم السيسي وصالون الدكتور محمد حسن عبدالله وصالون الشاعر أحمد تيمور وغيرها. وإذا كانت صالونات العاصمة تناقش الهم العام بحضور نخبة من الطليعة المثقفة فإن حركة الثقافة في الأقاليم تحتاج إلى نوع خاص من الصالونات خاصة إذا كان الصالون في القري المحرومة من وجود المؤسسة الثقافية فيتجاوز دور الصالون فيها الحوار الفكري إلى خلق فرص للمبدعين ومناقشة مفاهيم الثقافة وإمتاع الحضور بوجبة فنية ثقافية متنوعة، وهذا ما قام به صالون الشاعر رفعت المرصفي ففي عام 2003 قرر الشاعر رفعت عبدالوهاب المرصفي ألا يلعن الظلام الثقافي بقريته مرصفا بمركز بنها بالقليوبية والقري المجاورة، وإنما يشعل شمعة لتنيرها، خاصة أنها لا يوجد بها متنفس ثقافي تابع للدولة، يرعي الموهوبين من أبناء القرية، ويقدم الزاد الثقافي والمتعة الفنية لهم، فاتخذ من بيته مكانا لبدء فعاليات صالونه الثقافي، الذي أصبح مع مرور الأيام قصرا كبيرا للثقافة، بل يتعداه إلى مهام أكبر من مهام القصر، خاصة في مجال نشر الكتب، فزاد فيه عدد الكتب التي نشرها الصالون إلى أكثر من مائة عنوان مابين الشعر والقصة والنقد وكتب التراث والكتب العلمية. ولعل أهم مايميز الصالون هو تنوع مجالات عمله، وارتباطه الوثيق بالقرية فهو ينقل لها جرعة ثقافية شاملة تنوعت بين الشعر والنقد والاهتمام بتراث القرية ورجالها الراحلين، ولم يهمل الصالون الجانب الفني وأقام العديد من الاحتفاليات والأمسيات الوطنية في المناسبات القومية وأحياها مقاتلون في حرب أكتوبر المجيدة. واستضاف الصالون أسماء كثيرة لتعطي الزاد الثقافي لأهل القرية والمبدعين الشباب منهم فؤاد حجاج وسعيد الصاوي وبهجت الدقميري وفتحي نور الدين وعبدالشكور ضرار وعبدالمجيد عسكر وعبدالناصر الجوهري وسامي سرحان وصديق عطية ونجلاء نبيل ووحيد أمين وأيمن غريب وخالد مشالي وسيد سلامة وعادل فرج وأحمد يوسف أبو النجا. ولم يكتف الصالون بإدارة نشاط أدبي وإنما أقام أنشطة ذات طابع فني مابين التخت الشرقي محدود العدد أو معارض للفن التشكيلي أو إتاحة فرص الغناء والألحان لعدد من مواهب القرية فشارك في الصالون الفنانون الملحن الكبير أحمد عبده قورة ومصطفى خورشيد ورشيد زيدان ومحمد رفعت ومحمود حشيش والفنانيون التشكيليون خالد المرصفي ومرتضى عبداللطيف وجمال الوهيدي. وإلي جانب إلقاء الأعمال الإبداعية والفنية كانت هناك المحاضرات القيمة التي شارك فيها باحثون متخصصون من أساتذة الجامعات والنقاد، فمن الباحثين الدكتور محمد حلمي حامد والدكتور سيد عبدالباقي ومصطفى محمد فايد، الدكتور نبيل عشري والدكتور محمد عادل حجاجي والدكتور أحمد إمام والدكتور محمد زيدان والدكتور محمد كساب والدكتور أشرف جعفر. وإزاء أزمة النشر للمبدعين أوجد الصالون حلولا لها فأصدر ما يشبه المجلة الأدبية أو فكرة ( كتاب في مجلة)، وصدر منها عدة أعداد في شكل كتاب جماعي تحت عنوان ( مرصفا الشاعرة) أو (أفراح السواقي ) وضمت أعمال مبدعي الصالون من أبناء مرصفا منهم الشعراء الكبار ومنهم مبدعون ينشرون للمرة الأولى. كما أصدر الصالون سلسلة للمبدعين المتحققين تحمل اسم الصالون وضمت دواوين شعرية وكتبا نقدية وبحثية فنشرت كتبا للمبدعين محمد الشرنوبي شاهين والأعمال الكاملة لابن مرصفا الشاعر الراحل الكبير عبدالفتاح زكي ودواوين للشعراء أحمد محمد جاد ومحمد ناجي وومريم توفيق وحاتم غيث ورشا الحسيني ونجاة مبارك ورضا عبدالفتاح وبهاء عواد وإبراهيم خليل إبراهيم وممدوح بدر وصلاح فتح الباب وعلي منصور فضة وإلهام قربوص. ولم يغب الصالون عن الحركة الأدبية المصرية فقد حضر إليه عدد من المبدعين العاملين في مجال الإعلام الثقافي فنقلوا بعض ما يدور في الصالون ومنهم الأدباء الإعلاميون حزين عمر وهالة فهمي ومحمود قنديل ومنصور شاهين وجمال النساج وأحمد عبدالكريم ومحمد عبدالجواد فلعب الصالون دور الكشاف الأدبي في القرية يقدم الموهوبين ويدعمهم ويسلط الإعلام الثقافي الضوء عليهم. تبقى التحية واجبة للمؤسسين الذين حملوا وما زالوا يحملون مهمة انتظام العمل بالصالون متطوعين خدمة لبلدهم وهم الراحل محمد السبعاوي والأدباء طارق عمران الذي يشرف على سلسلة الكتب وسامي سرحان، فوزي عنتر محمد السعيد شفيق وحافظ موسى.