عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمره الثاني لدعم الشعب اللبناني يوم الأربعاء 2 ديسمبر عبر الفيديو، بالاشتراك مع الأمين العام للأمم المتحدة. شاركت فيه 32 دولة و12 منظمة دولية و7 منظمات مجتمع مدني لبنانية. وفي اتصال ل"البوابة" بقصر الاليزيه أعلن أنه في أعقاب المؤتمر الدولي لدعم بيروت والسكان اللبنانيين، الذي عقد في 9 أغسطس، بعد الانفجار المدمر في 4 من الشهر ذاته في مرفأ بيروت، تمت تعبئة استجابة إنسانية عاجلة لمساعدة السكان على التكيف. وأعلن الاليزيه بأن نتائج هذه الدراما كشفت عن عيوب لبنانية عديدة في سياق أزمات سياسية واقتصادية ومالية وصحية في البلاد. وقال مكتب ماكرون إن مؤتمر اليوم أتاح للمجتمع الدولي أن يجدد بقوة تضامنه مع الشعب اللبناني، وأن يجدد التزامه بالوقوف إلى جانبه في المأساة التي طالت هؤلاء السكان في جسدهم وقلوبهم. كما ناقش المؤتمر الاستجابة الإنسانية للأزمة والجهود التي يتعين بذلها من أجل التعافي المبكر. ودعا المؤتمر إلى احترام حقوق الإنسان في لبنان. وأكد المؤتمر أن الالتزامات التي تم التعهد بها فيما يتعلق بالمساعدات الطارئة منذ 4 أغسطس قد تم الوفاء بها، من حيث النوعية والكمية، في جميع المجالات ذات الأولوية التي حددتها الأممالمتحدة آنذاك، بما في ذلك الصحة والتعليم وإعادة التأهيل الحضري والغذاء. في حين تم التعهد بتقديم 257 مليون يورو، تم دفع أكثر من 280 مليون يورو بالفعل. وأعاد المشاركون التأكيد على التزامهم بالتوزيع الشفاف والفعال للمساعدات الدولية بما يعود بالنفع على الشعب وحده. وأثنى على دور الأممالمتحدة في هذا الصدد. وكشف مكتب ماكرون بأنه إلى جانب المساعدات الطارئة، عمل المؤتمر على حشد دعم إضافي من حيث الإنعاش المبكر من أجل المنفعة المباشرة للسكان الأكثر ضعفًا، ولا سيما من أجل الاستجابة لتحديات الأمن الغذائي والحصول على التعليم. وأشار المشاركون على وجه الخصوص إلى الحاجة إلى توجيه المساعدة إلى النساء والشباب والأطفال. وتم تقديم إطار عمل (الإصلاح والإنعاش وإعادة الإعمار) والمرفق التمويلي الخاص به (الصندوق الاستئماني متعدد المانحين) الذي أعده البنك الدولي والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي. ستضمن هذه الأدوات استمرار التمويل بعد المساعدات الإنسانية الطارئة، التي تم إصدارها بعد 4 أغسطس. حيث سيتم إعطاء دور هام للجهات الفاعلة في المجتمع المدني لتحديد مجالات العمل ذات الأولوية، مثل الحكم الرشيد، والصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية، والإسكان، والثقافة والتراث. وسيولى اهتماما خاصا للاحتياجات الفورية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ورحب المؤتمر بآليات التنسيق هذه مشددا على ضرورة تجنب التداخل مع الآليات القائمة. وأعلن الاليزيه بأن المشاركين قد أعربوا عن قلقهم بشأن التأخير في التحقيق في انفجارات أغسطس. كما ناقش المؤتمر إعادة إعمار مرافق الميناء ودمجها في المدينة وإعادة تأهيل الأحياء المتضررة من الانفجار. وشدد المشاركون على أن إعادة إعمار الميناء يجب أن تستند إلى المبادئ التالية: إعادة البناء بشكل أفضل، وإدارة أفضل، واتخاذ قرار بشفافية. شعر المشاركون أن إعادة إعمار الأحياء المتضررة يجب أن تتم بطريقة شاملة، بالتشاور مع السكان. كما أعرب المؤتمر عن قلقه إزاء تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأعرب عن قلقه من الأزمة الإنسانية الناشئة. وأشار المشاركون إلى تدهور جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية، حيث ارتفع معدل الفقر من 28٪ إلى 55٪ خلال فترة 12 شهرًا، مما دفع الآن العديد من اللبنانيين إلى الهجرة. واتفق المؤتمر مع البنك الدولي على أن هذا "كساد متعمد". لبنان في حالة إفلاس مالي، لكن لا يزال بإمكانه أن يكون دولة ناجحة إذا تم تنفيذ الإصلاحات بسرعة. كما مكّن المؤتمر من البدء في التفكير في الإصلاح الضروري للنموذج الاقتصادي اللبناني. وأشار المشاركون بقوة إلى أهمية التنفيذ الفعال للإصلاحات التي يتوقعها السكان والمجتمع الدولي. هذه الإصلاحات ضرورية للغاية لتمكين الأخير من الانخراط جنبًا إلى جنب مع لبنان، سواء من حيث النتائج التي توصل إليها مؤتمر سيدر في 6 أبريل 2018، وآفاق الدعم الهيكلي الإضافي على المدى الطويل. يجب أن يكون هذا الدعم جزءًا من برنامج يُبرم مع صندوق النقد الدولي. وجدد المؤتمر التأكيد على الحاجة الماسة إلى اتفاق القادة السياسيين اللبنانيين بأسرع ما يمكن على تشكيل حكومة ذات مصداقية وفعالة وقادرة على العمل من أجل المصلحة العامة للبلاد. على أساس خارطة الطريق في 1 سبتمبر 2020، التي صادقت عليها جميع القوى السياسية اللبنانية، سيكون على هذه الحكومة أن تنفذ بشكل عاجل جميع الإصلاحات والتدابير اللازمة لاستعادة ثقة اللبنانيين. من المجتمع الدولي. وأخيرا، رحب المؤتمر بالحوار المكثف مع المجتمع المدني اللبناني الذي يشهد على روح المسئولية والحيوية التي يتمتع بها هذا الأخير. المؤتمر يشارك الشعب اللبناني تطلعاته ويستمد الثقة من مستقبل لبنان من هذا الحوار.