ياسر جلال: السيسي شجاع ولا يخشى إلا على مصلحة الوطن    المستشار عصام فريد رئيسا للشيوخ والعوضي وسعد وكيلين    «قناة السويس» تتابع جودة الخدمات الغذائية المقدمة لطلاب المدينة الجامعية    عاشور: الذكاء الاصطناعي ضرورة استراتيجية لدعم اقتصاد المعرفة    الري: مستمرون في إدارة إيراد نهر النيل بمرونة واستعدادات مكثفة لموسم السيول    إنشاء 3 كليات جديدة بجامعة بنها الأهلية    المنوفي بعد تحريك أسعار الوقود.. الأسواق تحت السيطرة ولا زيادات بأسعار السلع    شعبة الأدوات الكهربائية: استمرار مبادرة دعم الأنشطة الإنتاجية ينعش القطاع الصناعي    صحيفة إسبانية: قمة بوتين – ترامب في المجر «كابوس سياسي» للاتحاد الأوروبي    إيران تعلن انتهاء القيود النووية    الجنائية الدولية ترفض استئناف إسرائيل في قضية غزة    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع رئيس كاف    محافظ أسوان في جولة مفاجئة على المخابز والأسواق: هدفنا ضبط الأسعار    موجة صيف متأخرة.. تحذير هام من «الأرصاد» للمواطنين    تحرير 1090 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    لليوم الثاني على التوالي.. إطلاق طائرات الباراموتور بمشاركة 100 مغامر أجنبي من 15 دولة بالأقصر    قبل إغلاق قاعة توت عنخ آمون.. إقبال كبير على زيارة المتحف المصري بالتحرير    بين الجرأة والكلاسيكية.. حضور لافت لنجمات ونجوم الفن في ثاني أيام مهرجان الجونة    الصحة: ارتفاع معدلات الولادات القيصرية إلى 88% بالإسكندرية    المستشفيات التعليمية تتوسع في خدمات كهرباء القلب إلى بنها ودمنهور لتخفيف العبء عن المرضى    «الصحة» تواصل برنامج «درّب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بالمنشآت الصحية    محافظ أسوان يفاجئ مخابز ومحلات جزارة بكوم إمبو    مصرع 3 أشخاص وإصابة 15 شخصا فى حادثى سير بالطريق الصحراوى بالبحيرة    تعرف على موعد تأخير الساعة في مصر 2025 وسبب اختيار يوم الجمعة لتطبيق التوقيت الشتوي    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    بعد نجاتها من حادث سير.. نجوى إبراهيم تكشف تطورات حالتها الصحية (فيديو)    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    استقرار نسبي في أسعار الفراخ اليوم السبت 18 اكتوبر 2025فى المنيا    السبت 18 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    ترامب يدعو كييف وموسكو إلى التوقف عند هذا الحد وإنهاء الحرب    «الحوض والظهر».. المعد البدني السابق للأهلي يكشف سبب إصابات أشرف داري    رئيس صريبا: قمة بوتين وترامب في المجر أهم قمة في القرن 21    ترامب يدعو أوكرانيا وروسيا إلى وقف الحرب فورا    طريقة عمل البطاطا الحلوة بالبشاميل، تحلية مغذية ولذيذة    ذات يوم.. 18 أكتوبر 2006.. وفاة الكاتب المفكر محمد عودة.. «الفقير» الذى اغتنى بلمة المريدين ومؤلفات ومواقف تحمل أمانة الكلمة وضميرا يقظا لم تخترقه أى إغراءات    أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 18 أكتوبر 2025    الدفاع الروسية: تدمير 41 مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    الأهلى يضع «عبدالمنعم» ضمن المرشحين لدعم الدفاع فى يناير    عبد البصير: موقع المتحف الكبير سيحوّل المنطقة إلى مقصد ثقافي عالمي    لا ترهق نفسك بالتفاصيل غير الضرورية.. خظ برج الجدي اليوم 18 أكتوبر    أنغام تُشعل أجواء قطر بأمسية غنائية استثنائية (فيديو)    استقرار أسعار اللحوم في المنيا اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 أكتوبر والقنوات الناقلة    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    رسميا.. فوز أسامة أبو زيد برئاسة نادى الشمس للمرة الثالثة على التوالى    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    سقوط 3 متهمين بالنصب على راغبي شراء الشقق السكنية    ترامب يوقع أوامر بفرض رسوم جمركية جديدة ودعم إنتاج السيارات داخل الولايات المتحدة    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القس عيد صلاح يكتب.. موقف الإنسان في وسط الفساد الأخلاقي

المزمور الأول: " 1 طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. 2 لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا. 3 فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ. 4 لَيْسَ كَذَلِكَ الأَشْرَارُ لَكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ. 5 لِذَلِكَ لاَ تَقُومُ الأَشْرَارُ فِي الدِّينِ وَلاَ الْخُطَاةُ فِي جَمَاعَةِ الأَبْرَارِ. 6 لأَنَّ الرَّبَّ يَعْلَمُ طَرِيقَ الأَبْرَارِ أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ."
هذا المزمور له مقابلة أخرى وردت في سفر (إرميا 17: 5- 8)
"5 هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: [مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ. 6وَيَكُونُ مِثْلَ الْعَرْعَرِ فِي الْبَادِيَةِ وَلاَ يَرَى إِذَا جَاءَ الْخَيْرُ بَلْ يَسْكُنُ الْحَرَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْضًا سَبِخَةً وَغَيْرَ مَسْكُونَةٍ. 7مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ وَكَانَ الرَّبُّ مُتَّكَلَهُ. 8 فَإِنَّهُ يَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مِيَاهٍ وَعَلَى نَهْرٍ تَمُدُّ أُصُولَهَا وَلاَ تَرَى إِذَا جَاءَ الْحَرُّ وَيَكُونُ وَرَقُهَا أَخْضَرَ وَفِي سَنَةِ الْقَحْطِ لاَ تَخَافُ وَلاَ تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ."
في عصر جائحة كورنا وما بعدها يخاف الناس من المستقبل، ويعيشون حياة الخوف واليأس، فالبعض فقد الأحبة، والأخرون خافوا على أنفسهم وذويهم من العدوى فعاشوا في هلع، والبعض فقد المعنى للحياة، وآخرون تضرروا ماديًا. وتكون الرسالة من خلال الكلمة المقدسة كيف يعيد الناس الأمل من جديد؟ وكيف يعيشون الحياة بصورة مختلفة عن ذي قبل؟ وقد حوت المزامير مشاعر مختلفة، ففي الوقت الذي يسأل المرنم: لماذا أنت منحنية يا نفسي ولماذا تئنين في؟ ترجي الله مزمور 42: 5، وأسئلة أخرى كثيرة قد لا نجد عليها إجابات في الحياة، نجد أنَّ سفر المزامير يقدّم لنا صورة أخرى إيجابية عن الحياة يمكن أن تعاش في التركيز على كلمة "طوبى" التي بدأت بها المزامير، وهذا هو الموضوع الذي سوف نركز عليه خلال الأيام القادمة كيف نعيش السعادة وكيف نسير في طريق السعادة؟
يمثل المزمور الأول عصارة خبرة الإنسان في الحياة، وهو المزمور الافتتاحي للمائة وخمسين مزمورًا. ويبين لنا هذا المزمور معنى الحياة، وفي نفس الوقت يبرز لنا عبثية الحياة في البعد عن الله، فالقيمة والمعنى في القرب من الله والتمسك بكلمته.
يبدأ هذا المزمور بكلمة طوبى التي تأتي 25 مرة في سفر المزامير، وتعبر في معناها عن السعادة الفرح والبركة، ويكون المعنى العام هو السرور للإنسان أي إنسان من حيث الجنس (رجل أو امرأة)، من حيث الدين أو العقيدة، من حيث الشكل (أسود أو أبيض). وقد جاءت في الترجمة التفسيريَّة "طوبى للإنسان..."
نلاحظ التركيز الإيجابي الحلو في بداية المزمور الأول، فالبداية طيبة مفرحة ومشجعة، كما يقولون: بشّر ولا تنفّر. وهو نفس المنهج الذي استخدمه الرب يسوع في تعاليمه في الموعظة على الجبل باستخدامه لكلمة طوبى (متى 5: 3- 12)، حتى أن سفر الرؤيا يحوي على 7 تطويبات، وهذا له دلالة عميقة في الاتجاه التعليميّ والوعظيّ الذي لا بد وأن يركز على ما هو إيجابي وبناء. وهذا ليس معناه أن نبعد أنفسنا عن السلبيات ولكن إبراز العامل الحسن هو في ذاته يكشف السلبيات ويحاول تفاديها. فالكنيسة التي أحبها هي الكنيسة كما يقول خوان كارلوس: التي تتكلم عن المسيح أكثر من الشيطان، والحياة أكثر من الموت، والسعادة أكثر من الحزن، والأمانة أكثر من السرقة، والنور أكثر من الظلمة، والصدق أكثر من الكذب. فالتعليم الإيجابي هو الذي يستمر، وكلمة طوبى ترسم لنا صورة إيجابية طيبة للإنسان، وإذا أخذنا معًا كل التطويبات الواردة فقط في سفر المزامير نجد أنها تعطي صورة متكاملة عمن هو الإنسان المطوب السعيد؟ فنجد البعد الأخلاقي الواضح لإنسان المنتمي إلى الله في المزمور الأول
"طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ." (مزمور 1: 1)، والمتكل عليه في المزمور الثاني: "طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ." (مزمور 2: 12)، والمغفور له في المزمور الثاني والثلاثون: "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُلٍ لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ." (مزمور 32: 1- 2)، وفي (مزمور 33: 12) "طُوبَى لِلأُمَّةِ الَّتِي الرَّبُّ إِلَهُهَا الشَّعْبِ الَّذِي اخْتَارَهُ مِيرَاثًا لِنَفْسِهِ." وفي (مزمور 41: 1) "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ." يتوافق مع هذا الاتجاه (مزمور 106: 3) "طُوبَى لِلْحَافِظِينَ الْحَقَّ وَلِلصَّانِعِ الْبِرَّ فِي كُلِّ حِينٍ." وفي (مزمور 112: 1) "طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَّقِي الرَّبَِّ الْمَسْرُورِ جِدًّا بِوَصَايَاهُ." ونجد في (مزمور 119: 1- 2) "طُوبَى لِلْكَامِلِينَ طَرِيقًا السَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ. طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ."
هذه هي الصورة العامة للإنسان المطوب، فهو شخص مرتبط بالله ومنتمي إليه، ومتكل عليه، خطاياه مغفورة، يحفظ الحق ويصنع البر، يتقي الرب ويسر بوصاياه، طريقه طريق الكمال. وبالإجماع نجد أن كلمة طوبى في سفر المزامير طوبى ترسم صورة للإنسان الذي له علاقة طيبة بالله وكلمته، وفي نفس الوقت له علاقة طيبة بالآخرين، هذا الإنسان يمثل ثروة حقيقة للمجتمع الذي يعيش فيه.
الطريقان
يوضح المزمور الأول بجلاء أنَّ الإنسان بين طريقين لا ثالث لهما، وهما: طريق الأبرار وطريق الأشرار وكل له مواصفاته ومكافأته. فطريق الأبرار شجرة، وطريق الأشرار عصافة (القشرة التي تغلف حبة القمح في السنبلة) والفرق بين الاثنين شاسع.
طريق الأبرار بنيان مستمر " تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ" وطريق الأشرار خراب تام " أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَتَهْلِكُ." طريق الأبرار أوراقه سليمة وجذوره متأصلة والمكان الذي ينبت فيه أرض صالحة، ولعل المقارنة التي وردت مع المزمور الأول في (إرميا 17: 5- 8) يبين لنا أن الأرض هي " أَرْضًا سَبِخَةً وَغَيْرَ مَسْكُونَةٍ." وحسب ما هو معروف أن النبات لا ينمو في الأرض السبخة التي تقتل كل ما فيها من زروع ونباتات. ومن الواضح من خلال المقابلات أنَّ المزمور الأول يضع أمامنا مفهومًا للسعادة وللحياة وللبر، ويجعلنا نفهم الواقع المعاش من خلال نظرة الله. فهو يوضح لنا:
1- طريق السعادة والنجاح.
2- طريق الفشل والدمار.
أولا: طريق السعادة والنجاح
في هذا الطريق قد نجد عثرات كثيرة فهو ليس مفروشًا بالورد والرمال ولكن قد توجد فيه الأشواك والمعطلات. فنحن نعيش وسط ثلاثة نماذج مقلقة ومربكة وهم: الأشرار، الخطاة، المستهزئين. والنجاح المقصود به هنا كيف نحيا حياة التميز وسط هؤلاء؟ وما هو انتمائي الحقيقي؟ لمن أنا؟
تأتي صورة الرجل المطوب السعيد هو بطريقة سلبية في العدد الأول، وبطريقة إيجابية في العدد الثاني:
طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي:
1- لا يتدرج في طريق الخطأ عبَّرَ عنها بالأفعال الآتية: يسلك، يقف، يجلس) سبقتها أداة النفي لم تعبر عن عدم الانحدار الأخلاقي.
لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ،
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ،
وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ.
2- في التعبير عن عدم الانحدار أيضًا في استعماله لكلمة (مشورة، طريق، مجلس) وهي تعبر بجملتها أنَّ الخطأ قد يبدأ بمشورة خاطئة تجر إلى طريق ثم يقود الطريق على مجلس.
لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ،
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ،
وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ.
3- أنواع الناس الذين نتعامل معهم يقسمون على ثلاث فئات وهم: الأشرار، الخطاة، المستهزئين.
لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ،
وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ،
وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ
الانحدار يبدأ من السير في طريق الخطأ، ثم الوقوف فيه، ثم الجلوس. الرجل الذي ينسلخ من هؤلاء فطوباه لأن "لاَ تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ." (1 كورنثوس 15: 33). و"اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ." (جامعة 10: 1)
الواقع اليومي والحياتي، وصفحات الحوادث، وسجون الأحداث تخبرنا أن الانتماء لشلة فاسدة، والاستماع لمشورة شريرة، يقود على الضياع، فلمن أنتمي تعرفني نهاية الطريق منذ بدايته.
مصدر الحماية:
"لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا."
"طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَّقِي الرَّبَّ الْمَسْرُورِ جِدًّا بِوَصَايَاهُ." (مزمور 112: 1)
هذا الرجل الذي لم ينحدر في مواقف أخلاقية مشينة هو ذاته الذي يرتبط بكلمة الله كمصدر للحماية له، وهو لا يتعاطى مع كلمة الله كفرض أو واجب ولكن يتعامل معها بكل سرور وحب، وتذكر دائم. قال الرب يسوع وهو أصدق من قال: "...طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ." (لوقا 11: 28). ونتذكر أهمية كلمة الله في حياتنا اليومية والتعليمية والسلوكية كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2 تي 3: 16) ولكلمة الله لها تأثير وفاعلية كبيرة: "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ." (عبرانيين 4: 12).
النتيجة:
تتعدد النتائج للإنسان المطوّب الذي يحفظ نفسه أخلاقيًا، والذي يرتبط بكلمة الله بحب ووعي وفهم. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ،
الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ،
وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ.
وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ.
ونستطيع أن نجمل النتائج في الأتي:
1- الثبات والاستقرار: "فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِِ الْمِيَاهِ." الشجرة المغروسة عي المتأصلة في الأرض بجذور قوية ومتينة لا تخشى الرياح أو الهواء أو الزوابع من حولها، ففي أصالتها تعطي الثبات والاطمئنان. وهذا بخلاف العصافة التي تذريها الريح، والعصافة هي القشرة الغلاف التي تغلف بها الحبة في السنبلة، وأمام الريح هناك فرق كبير بين العصافة والشجرة.
2- النمو المتزن (على مهل): "الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ." تخضع للنمو الطبيعي في الحياة وفق فصول السنة المختلفة، النمو في هدوء واتزان، لا تتعجل النجاح السريع، أو الدعاية المبهرة، ولكنها تعمل في هدوء وصمت.
3- الحيوية في الأداء والعطاء: "وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ" ليس هذا معناه أن هذه الشجرة تعمل ضد فصول السنة، فهي تخضع للخريف والصيف والربيع، ولكنها لا تفقد الحيوية أبدًا، وهذا معناه إمكانية النماء المستمر.
4- حتمية النجاح: "وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ" النجاح فكل الاتجاهات، وعلى جميع الأصعدة فالنجاح كل لا يتجزأ ولعلنا نتذكر يوسف الذي سجل عنه الوحي النجاح "وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلا نَاجِحًا" (تكوين 39: 2) وكانت طلبة يوحنا إلى غايس أن يكون ناجحًا " أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ." (3 يوحنا 2)
الطريق الثاني: طريق الفشل والدمار
أما عن الطريق الثاني فحدث ولا حرج فهو نهايته الهلاك والدمار "الأشرار، والخطاة، والمستهزئين، هم كعصافة تذريها الريح قد يكون نجاحهم سريع، وبضاعتهم مغرية، ولكن نهايتهم أليمة. والتضاد واضح بين الجزء الأول من المزمور في الأعداد 1- 3 والجزء الثاني من الأعداد 4- 6، مختلف في المعنى والمبنى والاتجاه والنتيجة.
ماذا نستفيد من قرأتنا للمزمور الأول في حياتنا المعاصرة؟
1- التأكيد على أهمية كلمة الله في الحياة في فهمها ودراستها وفحصها، لا نهمل قراءة الكتاب ولا نهمل درس الكتاب. يذكر سفر أعمال الرسل جماعة أهل بيرية الذي لقبهم الكتاب بالشرفاء لماذا؟" وَكَانَ هَؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هَذِهِ الْأُمُورُ هَكَذَا؟" (أعمال الرسل 17: 11).
2- مواجهة التحديات والمغريات التي تأتينا من الطرق الشريرة، ومهما كانت المغريات سهلة، لذيذة، مربحة، حلوة، فندرك أنَّ نهايتها الهلاك.
3- الدور الرقابيّ والإشرافيّ على أولادنا، وبناتنا، وأحفادنا، مع من يسيرون (الشلة)، والتوعية المستمرة لهم لكيلا ينزلقوا في طريق الخطأ.
4- التأكيد على واقعية الحياة من حولنا، ومحاولة شق طريق مختلف قد يكلف، وقد يتعب، ولكنه، مطوب.
5- لا للتنازلات في الحياة، ولا للمساومات على الأخطاء.
6- محاولة إحياء القيم الإيمانية والمجتمعية، وإبرازها، وتزكيتها، وتشجيع العمل بها.
طوبى لك وأنت تحاول أن تتمسك بكلمة الله وتحافظ على نقائك في وسط الفساد الأخلاقيّ المحيط بنا، هي خبرة قاسية لكنها ممكنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.