أوكل قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، إعداد نصوص تأملات رتبة درب الصليب لهذا العام، التى سيُحتفل بها الجمعة العظيمة 19 أبريل المقبل، فى الكولوسيوم «مدرج رومانى عملاق يقع فى وسط مدينة روما» إلى الراهبة إوجينيا بونيتّي، من جمعية كونسولاتا الرهبانية الإرسالية ورئيسة جمعية Slaves no more، هذا ما صرح به المدير المؤقت لدار الصحافة التابعة للكرسى الرسولي، أليساندرو جيزوتي، مضيفا أن معاناة أشخاص كثر هم ضحايا الاتجار بالبشر ستكون محور تأملات درب الصليب لهذا العام. المعروف أن صلاة درب الصليب هى صلاة تقام كلّ يوم جمعة من الصوم الكبير المقدس السابق لعيد القيامة، وتقام صلاة درب الصليب فى الكنائس الكاثوليكية على مستوى العالم، ونشأت تلك الصلاة فى القرن ال15، فانتشرت فى العالم كلّه. وهى صلاة رمزية على خطى مرافقة السيد المسيح فى طريق آلامه قبيل الصلب، والتأمل الروحي. وتقرأ فى هذه الصلاة نصوص صلب المسيح على أربع عشرة مرحلة من العهد الجديد إلى جانب بعض المراحل المأخوذة من التقاليد المسيحية. وترفق كل مرحلة من المراحل بتلاوة صلاة الأبانا، وتأمل اجتماعى أو روحى معيّن. يقام درب الصليب فى الكنيسة الكاثوليكية. ولدرب الصليب 14 مرحلة تقف عند حدث تم خلال آلام يسوع المسيح وموته على جبل الجلجلة فى يوم الجمعة العظيمة. وبالنسبة لمكان تأدية «درب الصليب» فتوجد فى العديد من الكنائس والمصليات الكاثوليكية، وعلى طول الجدران الجانبية من الداخل أربع عشرة لوحة تمثل كل منها مرحلة من مراحل درب الصليب، فيقوم الشخص الذى يؤدى درب الصليب بالوقوف عند كل مرحلة، حيث يصلى ويتأمل فى ذلك الحدث الذى مر به السيد المسيح خلال آلامه وموته. ومن الممكن أن يؤدى صلاة درب الصليب فى الكنيسة أو فى أى مكان مع مجموعة من الأشخاص، أو على انفراد. ولا توجد صلوات خاصة تتوجب تلاوتها، فهناك عدة صلوات مختلفة، كتبها العديد من الآباء على مر القرون، ولكن يمكن لكل شخص أن تضع صلاتك الخاصة التى تتلوها عندما تتأمل فى كل مرحلة. مراحل الصلاة كانت مراحل درب الصليب تؤدى فى الأصل منذ قرون مضت من قبل الحجاج المسيحيين الذين زاروا الأراضى المقدسة بفلسطين والأردن، وذهبوا إلى المواقع التى شهدت أحداث آلام المسيح فى الأسبوع الأخير من حياته قبل 2000 عام. وهناك سجلات عن أنماط مشابهة من هذه الصلاة تعود إلى عام 400 ميلادية. وقد بدأ التشجيع الجدى على صلاة درب الصليب من قبل الرهبان الفرنسيسكان الذين أعطوا الوصايا على الأماكن المقدسة عام 1300 ميلادية. 14 مرحلة لدرب الصليب.. والبابا يوحنا بولس أجرى تعديلًا طفيفًا استندت مراحل «درب الصليب» ال14، على المحاور الروحية التى كان يعظ بها الكاردينال فويتيلا «البابا يوحنا فيما بعد» خلال مراحل حياته؛ منذ سيامته الكهنوتية حتى اعتلائه السدّة البابوية. وارتبطت التأملات مع الواقع الحالي، فتحدثت عن: الكنيسة الشهيدة، الفقراء، الدعوات، المسكونية، الشعوب الأصلية، البيئة، اللاجئين والمهاجرين، الرجاء، العنف ضد المرأة، حقوق الإنسان، الفساد، الأمومة، الإرهاب، وأخيرًا الإجهاض. أجرى البابا يوحنا بولس الثانى (16 أكتوبر 1978 - 2 أبريل 2005) على هذه الصلاة ولمرة واحدة بإحداث تغيير طفيف على المراحل ال14 المعروفة، والتى كانت على النحو التالي: 1- نزاع يسوع فى البستان 2- يسوع يتعرض للخيانة من قبل يهودا ويلقى القبض عليه 3- مجمع السنهدريم (مجلس اليهود) يحكم على يسوع 4- بطرس ينكر المسيح 5- بيلاطس البنطى يحكم على يسوع 6- جلد يسوع وتكليليه بالأشواك 7- جعل يسوع يحمل صليبه 8- سمعان القيروانى يساعد يسوع فى حمل صليبه 9- يسوع يلتقى نساء أورشليم 10- صلب يسوع 11- يسوع يعد اللص التائب بالفردوس 12- يسوع يتكلم إلى يوحنا ومريم من على الصليب 13- يسوع يموت على الصليب 14- دفن يسوع فى القبر مراحل درب الصليب المعمول بها 1- الحكم على يسوع بالموت 2- يسوع يحمل صليبه 3- يسوع يسقط للمرة الأولى 4- يسوع يلتقى أمه مريم العذراء 5- سمعان القيروانى يساعد يسوع فى حمل صليبه 6- فيرونيكا تمسح وجه يسوع 7- يسوع يسقط للمرة الثانية 8- يسوع يُعزى نساء أورشليم 9- سقوط يسوع للمرة الثالثة 10- يسوع يُعرى من ثيابه 11- يسوع يُسمر على الصليب 12- يسوع يموت على الصليب 13- يسوع ينزل من على الصليب 14- يسوع يُدفن فى القبر 15- يسوع يقوم منتصرًا على الموت البابا بولس السادس استأنف الصلاة سنة 1964 يوحنا بولس الثانى ترأس للمرة الأولى درب الصليب فى الكوليزيه سنة 1979 يُعد البابا بولس السادس هو مَنْ استأنف سنة 1964، تقليد درب الصليب فى الكوليزيه (المدرج الروماني) الذى بدأه سنة 1750 القديس ليونارد من بور- موريس (1676-1751)، وهى المدينة التى وُلد فيها ليغوريا. وهو يُعتبر إذا صحّ القول «مخترع» درب الصليب. ومن سنة 1970 إلى سنة 1978، ترأس البابا بولس السادس بنفسه درب الصليب فى الكوليزيه مرتكزًا إلى نصوص الإنجيل (1970)، وتأمّلات القدّيس ليون الكبير (1971)، والقدّيس أوغسطينوس ديبون (1972)، والقدّيس فرنسوا دوسال (1973)، والقدّيس أمبروزو الميلانى (1974)، والقدّيس بولس دو لاكروا (1975)، وآباء الكنيسة (1976)، والقدّيسة تريزيا الأفيليّة التى أعلنها معلمة الكنيسة سنة 1970 (1977) والقدّيس برنارد دوكلارفو 1978. وقد ترأس يوحنا بولس الثانى للمرة الأولى درب الصليب فى الكوليزيه سنة 1979 بتأمّلات أُخذت من كتابات بولس السادس. وسنة 1980، أُخذت النصوص من قاعدة القدّيس بندكتس، شفيع أوروبا، وسنة 1981، من نصوص القدّيسة كاترين السيانية التى أعلنها بولس السادس هى أيضًا معلمة الكنيسة سنة 1970. أمّا سنة 1982 فقد أُخذت من كتابات القدّيس بونافنتور وسنة 1983، من نصوص الطوباويّة أنجيلا دو فولينيو. ولاختتام سنة الفداء المقدّسة 1984، ألّف البابا يوحنّا بولس الثانى بنفسه التأملات وقام بالمثل سنة 2000 وكانت التأملات مستوحاة من رحلة حجّه الأخيرة إلى أورشليم. ونتذكّر أنّ البابا تمنّى فجأةً فى اليوم الأخير من حجّه، يوم الأحد 26 مارس أن يذهب مجدّدًا إلى الجلجثة، تحت الصليب. ومنذ 1985، كان البابا يستذكر شخصيّات معاصرة منها أندره فروسّار سنة 1986، وهانس فون بالتازار سنة 1988، وبطريرك أورشليم اللاتينى ميشال صبّاح سنة 1990، والأم آنّا ماريا كانوبي، رئيسة الدير البندكتيّ الإيطاليّ «ماتر إكليزياي»، قرب نوفار. كما كان يستذكر شخصيّات من طوائف مسيحيّة أخرى كبطريرك القسطنطينية برتلماوس الأوّل سنة 1994، وراهبة متوحّدة بروتستانتيّة، مينكى دى فرياس من غرانشان فى سويسرا سنة 1995، وقداسته كريكان الأوّل كاتوليكوس جميع الأرمن سنة 1997، والمعلّم اللاهوتى الأرثوذكسيّ الفرنسى العلمانيّ أوليفييه كليمان سنة 1998، أو شخصيّات تُمثّل معاناة العالم المعاصر كالكردينال فينكو بولجيك، رئيس أساقفة ساراجيفو سنة 1996. أمّا درب الصليب الأخير، سنة 2005، فقد أوكل إلى الكاردينال جوزيف راتزينغر. وسنة 2006، فوّضها بندكتس السادس عشر إلى المونسنيور أنجلو كومسترى الذى هو اليوم كردينالًا والنائب العام للبابا فى حاضرة الفاتيكان وسنة 2007، إلى عالم الإنجيل الإيطالي، المونسنيور جيانفرنكو رفاسى الذى أصبح منذ ذلك الحين رئيس المجلس للثقافة.