الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    بالمخالفة للدستور…حكومة الانقلاب تقترض 59 مليار دولار في العام المالي الجديد بزيادة 33%    مساعدات ب 3,6 مليار جنيه.. التضامن تستعرض أبرز جهودها في سيناء    تشغيل القطارات في سيناء خلال أيام.. الأسبوع الأول مجانا لأهالي أرض الفيروز    تصاعد التوترات.. كيف سيرد «بوتين» على استفزازات الأوروبيين وأين قد يتجه الصراع؟    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    رابطة الأندية تقرر ايقاف رمضان صبحي ومدير الكرة بإنبي    مصدر في الأهلي يكشف موقف المصابين قبل مباراة مازيمبي    «ترشيدًا للكهرباء».. خطاب من وزارة الشباب ل اتحاد الكرة بشأن مباريات الدوري الممتاز    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    ضبط شخص بسوهاج يدير كيانًا تعليميًا وهميًا للنصب على المواطنين    بالأسماء.. مصرع وإصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالدقهلية    القومي للمرأة ينظم برنامج «سينما الطفل» بأسوان    أحمد عبد الوهاب يستعرض كواليس دوره في مسلسل الحشاشين مع منى الشاذلى غداً    جمال شقرة: سيناء مستهدفة منذ 7 آلاف سنة وبوابة كل الغزوات عبر التاريخ    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    محمد الباز: لا أقبل بتوجيه الشتائم للصحفيين أثناء جنازات المشاهير    دعاء قبل صلاة الفجر يوم الجمعة.. اغتنم ساعاته من بداية الليل    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    هل الشمام يهيج القولون؟    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    "أنا مشجع كبير".. تشافي يكشف أسباب استمراره مع برشلونة    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    تشكيل الزمالك المتوقع أمام دريمز الغاني بعد عودة زيزو وفتوح    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    أسعار الدقيق.. «مخابز الفينو» تخالف تطبيق قرار التموين بخفض الأسعار    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة تنحاز ل"بنجر السكر" على حساب "القصب"
نشر في البوابة يوم 13 - 03 - 2019

بين مؤيد ومُعارض، كثُر الحديث مؤخرًا عن تحويل مصانع السكر للاعتماد على البنجر، بدلًا من محصول القصب، باعتبار تلك الخطة توفر نحو 1.6 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، وتسهم فى سد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج المحلى من السكر التى بلغت مليون طن سنويًا، لكنها فى المُقابل تُكلف خزينة الدولة نحو 21 مليار جنيه لإتمام عملية التحويل، كما تضع «الحكومة والمستهلك» معًا، تحت «رحمة المستوردين» لشراء بذور البنجر، وتثير غضب مزارعى القصب فى الصعيد، باعتبار «القصب» محصولًا رئيسيا لهم، يغطى مساحات آلاف الأفدنة وموردًا رئيسيًا لرزق هؤلاء المزارعين.
البداية كانت بإعلان محمد عبدالرحيم، رئيس شركة السكر والصناعات التكاملية، قبل أسابيع قليلة، أن الحكومة تعكف على إعداد دراسة جدوى تحويل نشاط مصانع سكر القصب إلى الإنتاج من البنجر ضمن خطة متكاملة، بالتنسيق بين الزراعة، لترشيد استهلاك المياه، مُضيفًا أن نجاح التحويل يتوقف على تدبير التمويل اللازم لإتمامه، حيث إن تكلفة تحويل المصنع الواحد تصل إلى 3 مليارات جنيه.
وتُعد شركة الصناعات التكاملية، التى تمتلك عددًا من المصانع بمحافظات؛ المنيا وسوهاج وقنا، أكبر منتج للسكر بالسوق المحلية، بإجمالى 1.1 مليون طن سنويًا، حيث تورد ما يقرب من 4 آلاف طن يوميًا لهيئة السلع التموينية، تمثل 50٪ من إنتاجها اليومى، كما تقوم بتكرير ما يقرب من 300 ألف طن لصالح وزارة التموين.
ووفقًا لآخر إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن إجمالى المساحة المزروعة من القصب، فى عام 2016/2017، بلغت نحو 326 ألف فدان، منها 116 ألفًا و600 فدان بمحافظة قنا، و85 ألفًا و500 فدان بأسوان، و66 ألفًا و700 فدان بالأقصر، و38 ألفًا و400 فدان بالمنيا و13 ألف و700 فدان بسوهاج، وبلغ إجمالى إنتاجية القصب من إجمالى المساحة نحو 15 مليونًا و400 ألف طن قصب.
على الجانب الآخر، فإن مساحات الأراضى المزروعة ببنجر السكر فى مصر وصلت إلى 610 آلاف فدان، فى عام 2019، مقارنة بمساحات كانت لا تتجاوز 500 ألف فدان على مدى عدة سنوات ماضية، بزيادة بلغت 110 آلاف فدان هذا العام، وبمتوسط إجمالى إنتاجية بلغ 12 مليونًا و200 ألف طن بنجر.
وفى عام 2018، بلغ إجمالى إنتاج السكر فى مصر نحو 2.2 مليون طن، ساهم فيه البنجر بنسبة 1.3 مليون طن، والقصب بنسبة 923 ألف طن سكر، حيث كانت المساحة المزروعة من بنجر السكر نحو 523 ألف فدان، خلال 2018، بمتوسط إنتاج 19 طنًا للفدان، بينما كانت المساحة المنزرعة بالقصب خلال العام نفسه حوالى 340 ألف فدان، بإنتاجية تصل ل40 إلى 50 طنًا للفدان.
وطبقًا لتقديرات معهد بحوث الزراعة الآلية بمحطة أبحاث القصب بشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية بكوم أمبو، فإن كمية المياه المستخدمة فى رى فدان القصب تبلغ 8 آلاف و232 متر مكعب، وباعتبار أن المساحة الإجمالية المزروعة بالقصب 350 فدانًا، فإن إجمالى استهلاك القصب فى مصر من المياه يبلغ فى المتوسط 2 مليار و881 مليون متر مكعب.
بينما يصل متوسط الكمية المستخدمة فى رى فدان البنجر الواحد لنحو 5 آلاف متر مكعب، وباعتبار أن إجمالى المساحة المزروعة من البنجر 600 ألف فدان، فإن إجمالى استهلاكه للمياه يبلغ فى المتوسط 3 مليارات متر مكعب، وهو ما يعنى أن خطة الحكومة، لتحويل مصانع السكر للاعتماد على البنجر بدلًا من القصب، توفر حوالى 150 مليون متر مكعب من المياه، وهو رقم ضئيل مقارنة بكمية المياه التى تستخدم فى الزراعة المصرية.
ويبلغ عدد مصانع سكر البنجر القائمة فى مصر 4 مصانع تابعة للقطاع الحكومى و3 مصانع أخرى تتبع القطاع الخاص، فى حين أن هناك 8 مصانع لإنتاج السكر من القصب فى صعيد مصر.
ويؤكد رئيس شركة السكر والصناعات التكاملية أن التوسع فى زراعة سكر البنجر أمرًا حتميًا خلال السنوات المقبلة، لأنه لا يحتاج إلى أرضٍ خصبة من الدرجة الأولى، كما فى حالة القصب، كما يمكنه النمو فى أرض شمال مصر ذات نسبة الملوحة المرتفعة، والأهم أنه أقل استهلاكًا للمياه مُقارنة بالقصب.
ويُشير إلى أن إجمالى إنتاج السكر من القصب يتراوح بين 1.1 و1.2 مليون طن سنويًا، فى حين أن إنتاج السكر من البنجر يتراوح بين 1.2 و1.3 مليون طن سنويًا، مع الأخذ فى الاعتبار أن المساحة المزروعة بالبنجر تتخطى مساحة القصب.
ويضيف: أنه لا خوف من استيراد بذور البنجر فى حالة التوسع فى زراعته على حساب محصول القصب، لأنها مسئولية شركات عالمية عاملة فى المجال، وتصدر للعديد من دول العالم، كون إنتاج البذور يحتاج مناخًا أوروبيًا، منوهًا بإمكانية تطوير بذور البنجر فى مصر من خلال مركز البحوث الزراعية.
فيما يقول الدكتور مصطفى عبدالجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة، إن شركة السكر والصناعات التكاملية تعمل حاليًا، ولمدة عاميين، على تحويل نشاط «مصنع سكر جرجا» للإنتاج من البنجر بجانب القصب، كون المصنع يعمل بنصف طاقته الإنتاجية نتيجة ضعف توريدات القصب من المزارعين للمصنع.
ويُضيف: «رغم أن فكرة التحويل صعبة، لأنها مكلفة ماليًا، لكنها مطروحة، وفى الوقت الحالى نعمل على ترشيد استهلاك القصب للمياه من خلال الأصناف المبكرة، لكن يبقى العائق أن إنتاجية تلك الأصناف ضعيفة ولا تستهوى الفلاحين، والحل المتاح هو استخدام طرق الرى الحديثة؛ كالأنابيب المثقبة والرى بالتنقيط، مع استخدام إجراءات واحتياطات لعدم تأثر ارتفاع نسبة الملوحة بالأرض على المدى البعيد، لكن حتى الآن لم تُتخذ خطوات فعلية لاستخدامها».
ويُشير عبدالجواد، إلى أن المساحة المزروعة بالقصب، خلال 2019، بلغت حوالى 340 ألف فدان، وأن ما يتم توريده للمصانع فعليًا منها 240 ألف فدان، تنتج حوالى من 900 إلى مليون طن سكر، وال100 فدان الأخرى تستهلك مباشرة فى محلات العصائر وصناعة العسل الأسود، وجزء يستخدم فى التقاوى، أما المساحة المنزرعة بالبنجر حاليًا فبلغت حوالى 600 ألف فدان، تنتج حوالى 1.5 مليون طن سكر، بإجمالى إنتاج 2.5 مليون طن سكر من القصب والبنجر معًا، لكن تظل الفجوة حوالى 700 ألف طن خلال هذا العام.
ويقول حسن الفندى، رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات، إن الوقت أصبح مناسبًا لاستبدال زراعة القصب بالبنجر، خاصة أن كل 7 أطنان من البنجر ينتج عنهم طنًا من السكر، بينما كل 9 أطنان من القصب ينتج عنها نفس الكمية، كما أن البنجر موفر للمياه، ولا يحتاج أرضًا خصبة، وأن الدورة الزراعية للقصب تدوم عامًا كاملًا، فى حين أن محصول البنجر يكون منتجًا للسكر كل 6 أشهُر.
وتابع: أنه يمكن الاستفادة من المساحة المزروعة من القصب فى زراعات أخرى فى حالة تم استبدال خطوط إنتاج مصانع سكر القصب للاعتماد على البنجر، خاصة أن شركة السكر والصناعات التكاملية، لديها من الخبرات العلمية للقيام بذلك، كونها شركة عريقة أُسست قبل 150 عامًا.
ويُكمل الفندي: «نرفض نظرية المؤامرة المتداولة على ألسنة البعض فيما يخص استيراد بذور البنجر فى حالة الاتجاه بالكامل للاعتماد على البنجر فى إنتاج السكر بدلًا من القصب، بالإضافة إلى أننا نمتلك مراكز علمية متخصصة كمعهد المحاصيل السكرية التابع للبحوث الزراعية، الذى يمكن أن يصل بنا إلى بذور بنجر مصرية 100٪، وإذا كان الأمر متعلقًا بأن القصب يدخل فى صناعات أخرى فإن البنجر أيضًا ينتج كميات كبيرة من الأعلاف التى تستخدم فى السوق».
ويشير إلى أنه بالرغم من أن الفجوة بين إنتاج السكر وحجم استهلاكه محليًا تبلغ مليون طنًا سنويًا، إلا أن استثمار إحدى كبرى الشركات الإماراتية مؤخرًا، فى زراعة وإنتاج السكر فى مصر، على مساحة 180 ألف فدان، سيؤدى بشكل كبير لسد تلك الفجوة، لكن يبقى العائق دائمًا فى الزيادة السكانية التى تلتهم نحو 50 ألف طن من السكر كل 3 سنوات.
ويقول الدكتور سعيد خليل، عضو المجلس التنفيذى لتحسين زراعة البنجر فى مصر، إن استهلاك مصر من السكر يبلغ نحو 3 ملايين و400 ألف طن من السكر سنويًا، فى حين أن الإنتاج المحلى يُقدر بحوالى 2.2 مليون طن سنويًا، ما يجعل الفجوة فى السكر تتراوح بين 800 ومليون طن سنويًا.
ويُشير خليل إلى أن المجلس التنفيذى لتحسن زراعة البنجر دشنّ استراتيجية فى أكتوبر 2018، تهدف إلى تحويل زراعة البنجر فى مصر من استخدام التقاوى متعددة الأجنة إلى وحيدة الأجنة، حيث إن زراعة البنجر أكثر إنتاجية وفاعلية من محصول القصب.
ويُضيف: «الاستراتيجية تؤدى إلى تغيير نظام زراعة البنجر فى مصر خلال 5 سنوات، حيث إنها ترفع وحدة الإنتاج من فدان البنجر من 18 إلى 40 طنًا، بنفس كمية المياه، ما يعنى مضاعفة الإنتاج وسد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج المحلى الذى يضطرنا إلى استيراد سكر خام ومبلور من الخارج».
وشدد على ضرورة إعادة النظر أيضًا فى منظومة الرى لتطويرها واستبدال رى الغمر بالتنقيط، لأن الرى بالغمر دون مقننات يؤدى إلى استهلاك ما يزيد على 10 إلى 12 ألف متر مياه للفدان الواحد من القصب، أما الرى بالتنقيط فيستهلك 6 آلاف متر مياه للفدان الواحد.
على الجانب الآخر، يؤكد الدكتور جمال صيام، استاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أن تحويل مصانع السكر للاعتماد على البنجر بدلًا من القصب، تحت لافتة توفير كميات كبيرة من المياه التى تستخدم فى رى محصول القصب أمرًا غير ذات جدوى حقيقة على أرض الواقع، وينّم على أن أطرافًا أخرى تسعى للمصلحة من وراء تلك الخطوة.
ويوضح: «لو اعتبرنا أن متوسط المساحة المزروعة من القصب تبلغ 300 ألف فدان، يستهلك فيها الفدان الواحد 12 ألف متر مكعب من المياه خلال الموسم، فإن إجمالى استهلاك القصب من المياه يبلغ 3.6 مليار متر مكعب، بينما متوسط المساحة المزروعة من البنجر 500 ألف فدان، ويستهلك فيها الفدان الواحد نحو 4 آلاف متر مكعب من المياه، بإجمالى استهلاك مياه يبلغ 2 مليار متر مكعب، وبالتالى فإن حجم ما يتم توفيره من مياه فى حالة استبدال مساحة القصب بالسكر يبلغ 1.6 مليار متر مكعب، وهو رقم ليس كبيرًا مقارنة ب56 مليار متر مكعب مياه تستخدم فى الزراعة، فى مصر، سنويًا».
وينوّه صيام، بأن مصانع القصب المقامة فى صعيد مصر ستصبح غير ذات قيمة فى حالة تغيير خطوط إنتاجها، بمليارات الجنيهات، لتعمل بالبنجر، كون طبيعة الأراضى الزراعية والمناخ فى الصعيد، لا تتناسب مع زراعة بنجر السكر، الذى ينمو فى أرض ذات نسبة ملوحة كأراضى شمال مصر.
ويُضيف: أنه إذا كانت إنتاجية السكر من البنجر أعلى من القصب بنسة 7: 9، فإن إنتاجية فدان البنجر إلى القصب بنسبة 10: 16، وهو ما يعنى أنه إذا كانت إنتاجية فدان القصب الواحد تبلغ 40 طنًا فإن إنتاجية فدان البنجر تكون أقل من 30 طنًا، فضلًا عن؛ أن محصول القصب يدخل فى أكثر من صناعة أخرى، بعضها يعود على مصر بالعملة الصعبة بعد تصديره، كما فى حالة تصدير؛ المولاس.
كما يُعارض المهندس حسام رضا، الخبير الزراعى، توجه الحكومة نحو تحويل مصانع إنتاج السكر إلى الاعتماد على البنجر بدلًا من القصب، قائلًا: «فى حالة تنفيذ تلك الخطة فإن ذلك يتسبب فى ضرر بالغ على المجتمع المصرى».
ويوضح أن مصر بلغت مرحلة متقدمة فى إنتاجية الفدان من قصب السكر، كما أن محصول القصب يدخل فى 38 صناعة أخرى، أما قصب البنجر فمصر تضطر لاستيراد ستورد تقاوى زراعته من الخارج، ما يضعنا تحت رحمة المستوردين وسياسات الدول الأخرى التى تستهدف بعضها خراب المنظومة الزراعة فى مصر.
وتابع: «لا نريد الوصول لما حدث فى الطماطم أو ما حدث من تخريب فى القطن أو مؤخرًا فى الأرز، يجب أن نحافظ على زراعة قصب السكر وندعم البحث العلمى لتطوير المحصول، وأفضل طريقة لترشيد استهلاك القصب للمياه يكون من خلال تسوية الأراضى الطينية بالليزر، ورفع إنتاجية الفدان من قصب السكر، لأن الاتجاه لرى محصول القصب بالتنقيط قد يتسبب فى ملوحة التربة وبوارها بعد عدة سنوات».
ويقول الدكتور عبدالعليم متولى، أستاذ المحاصيل الزراعية، إن سياسة تحويل مصانع القصب للاعتماد على البنجر بدلًا من القصب صعبة وغير فعالة، لكن فى ذات الوقت يمكن التوسع فى زراعة البنجر، إلى ما يزيد على 600 ألف فدان، من خلال زراعته فى الأراضى المستصلحة حديثًا، لأنه ينمو فى أرض ذات نسبة ملوحة.
وشدد على عدم قدرة مصر على إنتاج بذور البنجر محليًا بسبب الظروف البيئية فى مصر، حيث إنها تحتاج عامين من التعرض للبرودة الشديدة للوصول للبذرة، كما يحدث فى دول أوروبا الباردة، وبالتالى سيكون الاعتماد فقط على استيرادها من الخارج، عكس محصول القصب.
وتابع متولي: «استبدال القصب بالبنجر سيتسبب فى خلل بالبيئة الزراعية فى مصر، وفى حالة إذا ما اعتبرنا القصب مستهلكًا للمياه بكميات أكبر من بنجر السكر، فلا بد أن العلم أيضًا بأن أغلب مزارعى القصب فى الصعيد يقومون بزراعة مايعرف بالمحاصيل المحملة، بجانب زراعة القصب فى نفس الأرض، للاستفادة بشكل أكبر وتحقيق عوائد مادية خلال العام الزراعي».
واشار إلى أن تطوير زراعة القصب، دون إحلاله، من شأنه استخدام أقل من المياه، حيث إنه من الممكن الاتجاه لسياسات تطوير زراعية حديثة، كالرى بالتنقيط، لكن تلك السياسة تحتاج مزارع أكثر ثقافة، يتقبل ويستطيع التعامل مع آليات الرى الحديثة، خاصة أنها مُكلفة فى البداية، لذا فإن رفع ثقافة مزارعى القصب، بأهمية وضرورة تطوير زراعتهم، يوفر المياه ويسهم أيضًا فى تهوية الأرض وزيادة إنتاجها.
بينما يرى الدكتور أحمد الخطيب، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أن «المزارع المصري» هو صاحب القرار النهائى فيما يخص استبدال المساحة المزروعة بالقصب بمحصول البنجر، مستشهدًا بتراجع المساحة المزروعة من القصب من مليون فدان إلى نحو 350 ألف فدان خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لاتجاه المزراعين إلى زراعة محاصيل زراعية ذات أسعار أفضل فى السوق. ويوضح: «زراعة القصب فى الأساس لا تحتاج رعاية كبيرة كغيره من المحاصيل، فهو محصول يحتاج «مزارع بليد»، لكن الأجيال الجديدة من المزارعين اتجهوا إلى استبداله بمحاصيل تحقق ربحية أكبر، رغم أنها تحتاج رعاية أكبر أيضًا، وذلك لمواجهة غلاء المعيشة، وبالتالى فإن المساحة المزروعة بالقصب يحكمها بُعد اجتماعى وآخر اقتصادى، وليست تحكمها فقط سياسة الدولة».
وأضاف أن سياسة الدولة فى الاتجاه للاعتماد على البنجر بدلًا من القصب فى إنتاج السكر ما هى إلا مُحاكاة لتراجع الفلاحين عن زراعة القصب، وفى الوقت نفسه لا يمكن إنكار أن القصب محصول تقوم على زراعته عدة صناعات أخرى، كما أنه لا يمكن تحويل مصانعه للاعتماد على البنجر بين يومٍ وليلة، حيث إن تكنولوجيا إنتاج السكر من القصب تختلف تمًامًا عن البنجر، وتحتاج مصانع جديدة، ليس فقط تغييرًا فى خطوط إنتاج.
من جانبه، قالمن جانبه، قال الدكتور محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن هناك صعوبة فى اتخاذ أى إجراءات تخص تحويل مصانع السكر للإنتاج من البنجر بديلًا عن القصب، وأن الوزارة لا تمتلك أى خطة، أو تقوم بدراسات جدوى حالية، لإتمام التحويل لأسباب خاصة بحصول البنجر نفسه، كون ظروف إنتاج بذوره لا تتناسب مع ظروف مصر المناخية والبيئية.
وأشار القرش إلى أن «الزراعة» اتجهت بالفعل إلى تطوير محصول القصب فى بعض المزارع الكبرى من خلال آليات جديدة للرى، قائمة على «التنقيط»، حيث إنها توفر نحو 20٪ من المياه المستخدمة فى رى الفدان الواحد، وذلك فى إطار خطة الحكومة لترشيد استهلاك المياه.، إن هناك صعوبة فى اتخاذ أى إجراءات تخص تحويل مصانع السكر للإنتاج من البنجر بديلًا عن القصب، وأن الوزارة لا تمتلك أى خطة، أو تقوم بدراسات جدوى حالية، لإتمام التحويل لأسباب خاصة بحصول البنجر نفسه، كون ظروف إنتاج بذوره لا تتناسب مع ظروف مصر المناخية والبيئية.
وأشار القرش إلى أن «الزراعة» اتجهت بالفعل إلى تطوير محصول القصب فى بعض المزارع الكبرى من خلال آليات جديدة للرى، قائمة على «التنقيط»، حيث إنها توفر نحو 20٪ من المياه المستخدمة فى رى الفدان الواحد، وذلك فى إطار خطة الحكومة لترشيد استهلاك المياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.