انطلاق برنامج البناء التثقيفي بمسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية غدًا    عضو بالشيوخ: قانون تحويل مراكز الشباب إلى تنمية شبابية "توريث لحد لسه مماتش"    العمل : ندوة بعنوان "المخاطر الكيميائية وأسبابها" بقطاع الملابس الجاهزة بالإسماعيلية    النقابة الفرعية للمعلمين بغرب الجيزة تكرم «المعلم المثالي»    «المالية»: حزم تحفيزية متكاملة لجذب القطاع الخاص المحلي والأجنبي    بدء اجراءات تسليم أرض مشروع مصنع تدوير المخلفات الصلبة بقلابشو في الدقهلية    شكري: توافق مع سلوفينيا حول رفض العمليات العسكرية في رفح الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي يواصل اقتحام مدن الضفة الغربية    وزير المالية السودانى: الحرب أدت إلى نزوح ما يزيد عن 10 ملايين مواطن    برشلونة يفكر في إعادة نجمه السابق حال فشل ضم برناردو سيلفا    مارسيل كولر يحدد برنامج رحلة الأهلي إلى تونس    وزير الرياضة عن أزمة مركز شباب المنصورة: لدينا أداة للعدل واختيار التوقيت المناسب    بدء العد التنازلي لامتحانات الثانوية العامة.. اعرف جدول كل شُعبة    «الأرصاد» تحذر من رياح مثيرة للرمال على 11 محافظة خلال الساعات المقبلة    بعد انسحاب هيئة الدفاع.. تأجيل محاكمة المتهم بقتل جاره في الفيوم    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 70% من أعمال إنشاء مئذنة مسجد أبو غنام الأثري    بعد غياب 6 سنوات.. غادة عبدالرازق تعود إلى السينما ب«تاني تاني»    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في تل العمارنة بمركز ديرمواس غدا    الصحة: الجلطات عرض نادر للقاح أسترازينيكا    هيئة الرعاية الصحية تطلق برنامجًا تدريبيًا لاستعراض أحدث أساليب تشخيص السكري    عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري بشأن "تكوين"    مواعيد امتحانات كليات جامعة حلوان الفصل الثاني 2024    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بأفغانستان إلى 315 شخصًا    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    مظاهرات الجامعات توقظ ضمير العالم    رئيس اليونان تزور المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية (صور)    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    الناخبون فى إقليم كتالونيا الإسبانى يصوتون بالانتخابات البرلمانية    جامعة الأقصر تخطط لإنشاء مستشفى وكليتي هندسة وطب أسنان    هشام آمنة: 256 مليون جنيه لتطوير منظومة إدارة المخلفات بالمنوفية    قبل انطلاق الامتحانات.. رابط الحصول علي أرقام جلوس الدبلومات الفنية 2024    بعد ظهورها بملابس عروس.. لقاء سويدان تتصدر مؤشر جوجل    قضية "ضحية كلب البيتبول".. ابرز تطورات محاكمة زوج الإعلامية أميرة شنب    البريميرليج يقترب من النهاية.. من يحسم اللقب؟    بايرن ميونخ يستهدف التعاقد مع مدرب "مفاجأة"    وزارة الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية قصفت منطقة "بيلغورود" الروسية بصواريخ متعددة الأنواع    «ضد المشروع».. ليفاندوفسكي يثير أزمة داخل برشلونة    عبر «فيس بوك».. «الداخلية»: ضبط 3 أشخاص لقيامهم بترويج العقاقير والأدوية المخدرة    حريق يلتهم سيارة داخل محطة وقود في أسوان    مصلحة الضرائب: نستهدف 16 مليار جنيه من المهن غير التجارية في العام المالي الجديد    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    الأحد المقبل.. إعلان تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان    حازم إمام: لا تذبحوا شيكابالا.. وغيابه عن نهضة بركان مؤثر علي الزمالك    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    الإفتاء: توضح حكم سرقة التيار الكهربائي    مدبولي: نراقب الدين العام ووضعنا قيودا على النفقات الحكومية    الداخلية تُعلن قبول دفعة جديدة بمعاهد معاوني الأمن 2024 (تفاصيل)    رئيس بلدية النصيرات: الوقود المتبقي داخل غزة لا يكفي إلا ل48 ساعة    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    السيسي: أهل البيت عندما بحثوا عن أمان ومكان للاستقرار كانت وجهتهم مصر (فيديو)    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا والعالم الإسلامي "9"
نشر في البوابة يوم 23 - 02 - 2019

يتابع ثلاثة من أشهر مؤرخى فرنسا، هنرى لورنس وجون تولان وجيل فينشتاين فى كتاب ضخم بعنوان أوروبا والعالم الإسلامى.. تاريخ بلا أساطير والذى نقلة إلى العربية بشير السباعى والصادر مؤخرًا عن المركز القومى للترجمة بقولهم: ويتحقق «التحول المتروبولى» للمسلمين عبر الإقامة الصعبة غالبًا لبنية تحتية لخدمات دينية. وسوف يتحقق تأكيد إسلام أوروبى خاص عبر الطلب الاجتماعى نفسه. ويتطلب تنوع الأصول تعددية فعلية تقترب من تعددية الكنائس البروتستانتية. وبعد الحادى عشر من سبتمبر 2001، كانت أوروبا ضحية للإرهاب الجهادى على أرضها، خاصة فى مدريد ولندن. ويتم النضال المعادى للإرهاب عبر تعاون متصل فى مجال المعلومات بين الأوروبيين وشرطة العالم الإسلامى.
والحال أن مجمل هذه الضغوط إنما يدفع البلدان الأوروبية إلى رؤية محافظة بالأحرى لعلاقاتها مع العالم الإسلامى. ويطمح التصور إلى أن يكون تصورًا خاصًا بالأمد الطويل. فأوروبا، بتشجيعها عمليات الإصلاحات وبتمويلها وتقديم عون تقانى لها، إنما تعمل على انتقال نحو عالم عربى أكثر ديمقراطية. ويبقى مع ذلك أن المحاورين العرب والمسلمين للأوروبيين لا يرون غير أفق ذرائعى فى علاقاتهم مع أوروبا. فأوروبا مرغوبة للإسهام فى تحسين أداءات أجهزة الدولة والاقتصاد حتى يتسنى تحديدًا. والحال أن المستقبل وحده هو الذى سينبئنا من من الطرفين ستكون له تأييد الغلبة. ويبقى مع ذلك أن المسألة الثقافية تظل جوهرية، فى الخطاب على الأقل. والمسئولون الأوروبيون، الفرنسيون خاصة، يتمسكون بمكافحة إشكالية صدام الحضارات. فحوار الثقافات فى جدول الأعمال. لكن مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى تستثير انفعالات عنيفة.
فمن يتبنون تفسيرًا تقافيًا للبناء الأوروبى [الاتحادى] ينفون انتماء تركيا إلى الكيان الأوروبى. وهم لا يريدون أن يروا أن الواقع الثقافى والدينى لأوروبا لم يوجد إلا عندما كانت أوروبا مؤلفة من بلدان ذات تراث كاثوليكى وبروتستانتى.
ومع انضمام اليونان إلى الجماعة [الاقتصادية الأوروبية] فى عام 1981، فإن بلدًا بلقانيًا، أرثوذكسيًا وكان فى السابق عثمانيًا، ولم ينتمِ إلى الثقافة الأوروبية إلا اعتبارًا من القرن التاسع عشر على الرغم من دعواه بأنه وريث العصر القديم الكلاسيكى، هو الذى ينضم إلى الكيان الأوروبى الجامع.
لا يجب لأعمال العنف المميزة لأوائل القرن الحادى والعشرين أن تحجب وحدة المصير التى انبنت فى قرنين ونصف قرن بين العالم الإسلامى وأوروبا.
فاعتبارًا من النصف الثانى للقرن الثامن عشر، قامت أوروبا، بسبب قوتها المفرطة، بتحديد القواعد المتغيرة لعالمية جديدة رافقت توسع سيطرتها، وقد حلت محلها أمريكا الشمالية بشكل جزئى فى القرن العشرين. وعلى الرغم من تقلبات السياسة، استمر صوغ معايير جديدة عالمية المنزع. والأمر كذلك مع تحرر المرأة أو شرعنة المثلية. وتجد البلدان الإسلامية نفسها معرضة دومًا لضغوط هذه المعايير الجديدة التى تقلب بناها الأنثروبولوجية الأساسية.
والحال أن التحديث هو فى آن واحد مدفوع من جانب أوروبا/الغرب ونتاج لتطورات داخلية للمجتمعات الإسلامية. وكان الأمر كذلك مع اختفاء مجتمعات النظام القديم المراتبية وإقرار معيار المساواة فى الوضعيات وإعادات التعريف الهوياتية التى أدت إلى انبثاق النزعة القومية والدولة الحديثة. وفى كل لحظة، من المستحيل تحديد ما هو مستعار من الخارج وما هو إعادة تكوين داخلية.
والتدمير الخلاق القادم من أوروبا، وإن كان قد اكتسب استقلاليته الخاصة، إنما يتحقق، كما فى أوروبا، عبر اختراعات عديدة للتراث. ففى كل لحظة، تعين تبرير التجديد بربطه بالتراث الدينى والثقافى. والحال أن المرحلة الهوياتية والأصالية للخطاب الإسلامى المعاصر إنما تجد إلى حد بعيد نظيرتها فى أوروبا القرن العشرين، بما فى ذلك من حيث جانبها الأكثر سوادًا، كمعاداة السامية. وفى العولمة الراهنة، يحتل العالم الإسلامى موقعًا متوسطًا بين البلدان الصناعية القديمة والحديثة، والبلدان الأقل تطورًا، كما تبين ذلك الجداول المستندة إلى مؤشر التنمية البشرية. والأداء متوسط، لكنه ليس مُخزيًا. فهو لا ينطوى على انحدار عام لثقافة مجتمعات العالم الإسلامي.
والحال أن أوروبا، بإنتاجها العالمية، قد تعولمت هى نفسها. فثقافتها المادية مشربة تشربًا عميقًا بكل إسهامات العالم كما يدل على ذلك طعامها اليومى حيث نجد إسهامات كل العالم. ومن المستحيل فهم فنونها من دون الإحالات إلى ثقافات أخرى. وقد أصبح أدبها عالميًا منذ ترجمة ألف ليلة وليلة، فى مستهل القرن الثامن عشر. وقد تغير تركيبها البشرى وتحول قوامها الديني. وتحديد هوية أوروبية لا تأخذ فى الاعتبار تعددية مكوناتها من شأن أن يكون عبثًا لا طائل من ورائه كتحديد شخصية مسلمة منغلقة عن بقية العالم. والأرجح أن شرك الأصالة، الذى يستبعد الآخر بوصفه غريبًا، هو الخطر الأوسع انتشارًا فى كل العالم.
وتتمثل الحقيقة الواقعية التاريخية فى أن هناك اليوم فى كل شخصية أوروبية جزءًا مسلمًا، كما أن فى كل مسلم جزءًا أوروبيًا. والعنف الذى يتصور المرء أنه يمارسه ضد الآخر المرفوض هو بادئ ذى بدء عنف يمارسه المرء ضد نفسه هو. والحال أننا عندما نستفسر عن مكنوناتنا الوجدانية المشتركة سوف نتوصل إلى حوارات ثقافات حقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.