منذ مطلع الألف الثانى قبل الميلاد شيد شعب المايا حضارة عظيمة في جنوبالمكسيك وشمال أمريكا الوسطى تميزت عن بقية حضارات الميسوأمريكا، في أنها الوحيدة التي طورت نظاما متكاملا للكتابة كما كان لها باع طويل وإنجازات عظيمة في مجال العمران والفن والفلك والحساب. المايا عرفوا الصفر ووضعوا له علامة خاصة منذ القرن الأول الميلادى مما مكنهم من إجراء عمليات حسابية مليونية وجعل تقويمهم السنوى من أدق التقاويم التي عرفها العالم. وحسب تقويم المايا فإن حضارتهم تأسست مع بداية الدورة الرابعة للعالم والتي بدأت في 11 أغسطس عام 3114 قبل الميلاد. و"المايا" مدينة قديمة تطل من ركام الماضى لتبهر العالم بجمالها وسحرها الآخاذ وتثير الكثير من التساؤلات حول الحكمة التي أودعها القدماء بين جدرانها أهرام عجيبة ترتسم صور الآلهة على جدرانها مرتين سنويا وملاعب كرة عمرها عشرات القرون ومراصد فلكية وعشرات المبانى الغامضة الأخرى. وإضافة إلى جمال مبانيها ازدانت المدينة أيضا بغموض كهوفها المليئة بالأسرار العتيقة وانفردت كذلك بآبارها المدورة السحرية التي تقول الأسطورة القديمة إن كهنة إله المطر كانوا يقفون عند حافتها ليضحوا بالفتيات العذراوات ثم يلقون بأجسادهن إلى مياه البئر أملا في أن يجود الإله عليهم بالمطر لتزدهر زراعتهم وتدور عجلة الحياة. في القرن التاسع للميلاد بدأت المناطق الحضرية للمايا بالانحسار والتراجع وهجر السكان العديد من المدن الكبيرة والمزدهرة بالتدريج في ظاهرة أثارت استغراب ودهشة العلماء الذين لا يعرفون حتى الآن الأسباب التي أدت إلى هذا الاضمحلال البطىء. ففى حين عزاه البعض إلى الحروب والمشاكل الداخلية أرجعه آخرون إلى الأمراض والأوبئة، فيما يرى فريق ثالث أن الجفاف والقحط الذي استمر لقرابة قرنين كان هو السبب الرئيسى في تراجع حضارة المايا وانحسارها إلا أن ذلك لا يعنى على الإطلاق انقراض المايا كشعب. فعندما قدم الغازى الإسبانى في مطلع القرن السادس عشر كانت المنطقة لا تزال مأهولة بشعب المايا وكان هناك الكثير من المايا الذين باستطاعتهم قراءة المخطوطات القديمة التي ضاع معظمها مع الأسف بسبب إحراقها من قبل القساوسة المبشرين باعتبارها كتب الشيطان.