الأعلى للإعلام: استدعاء الممثليين القانونين لعدد من القنوات الفضائية بسبب مخالفة الضوابط والمعايير    ب290 دينار شهريا.. بدء اختبارات المتقدمين للعمل بمهنة «تربية الدواجن» في الأردن (تفاصيل)    قناة السويس..عبور سفينة الحاويات CMA CGM OSIRIS بحمولة 154 الف طن    أردوغان: الدفاع الإيراني حق شرعي لطهران ضد إسرائيل    وزير الخارجية مصر حريصة على مواصلة الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي    مداهمة 14 مركزًا لعلاج الإدمان بدون ترخيص في 3 محافظات    ميراث الدم | عامل يقتل شقيقه في قنا والمحكمة تعاقبه بالمؤبد    المخرجة سارة وفيق تكشف عن مشاريع درامية في مرحلة الفكرة مع تامر حسني    بالأسماء.. موعد الاختبارات التحريرية المركزية للمسابقة العالمية ال 32 لحفظ القرآن الكريم    «صحة الغربية» تفتتح عيادة متخصصة لجراحات مناظير الركبة والكتف بمستشفى طنطا العام    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    «بينهم سيدة».. تأييد السجن 3 سنوات لمتهمين بحيازة المخدرات في بني مزار بالمنيا    سعر الدولار اليوم 18 يونيو.. ارتد للارتفاع مجددا    وفاة اللواء منير يوسف شقيق الفنان الراحل حسن يوسف    أمازون تستعد لإنتاج مسلسل يتناول حياة سيدنا يوسف في مصر    قصور الثقافة تواصل برنامج مصر جميلة لتنمية المواهب بمدينة أبو سمبل    منها الديربي.. عمر مرموش يغيب عن 5 مباريات بالموسم الجديد لهذا السبب    ما حكم الصلاة الجهرية بالقراءات الشاذة؟.. الإفتاء تجيب    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    إزالة 3 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في الشرقية    حماة الوطن: الحزب منفتح على التحالف مع الأحزاب الأخرى في الانتخابات    محافظ الجيزة يلتقي أعضاء برلمان الطلائع ويؤكد دعم الدولة لتمكين الشباب    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    السجن 7 سنوات لبلطجي في قنا سرق طفلان تحت تهديد السلاح    ضبط 4 طن لحوم ودجاج مجهول المصدر ومنتهي الصلاحية بالشرقية    إدراج 27 جامعة مصرية ضمن أفضل الجامعات العالمية ضمن تصنيف «U.S. News» ل2025–2026    هيئة الرقابة النووية: مصر آمنة إشعاعيًا.. ولا مؤشرات لأي خطر نووي    حبس معلمة 4 أيام بتهمة محاولة تسريب امتحان ثانوية عامة بالشرقية    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    سفير إيران: إذا ثبت لدينا تورط واشنطن بالحرب فسنبدأ بالرد عليها    رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب    شركة VXI الأمريكية للتعهيد تستهدف زيادة استثماراتها بمصر إلى 135 مليون دولار    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    بهاء وهيكل.. ذكريات لها تاريخ!    "تأجيل مفاجئ لصفقات الزمالك".. الغندور يكشف التفاصيل    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    «أبرزهم بيرسي تاو».. شوبير يؤكد مفاوضات الزمالك مع ثلاثي أهلاوي    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات نادٍ أمريكي مع مهاجم الأهلي وسام أبوعلي    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأربعاء    المصرف المتحد ضمن قائمة فوربس لأقوى 50 شركة في مصر خلال 2025    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    طلاب تجارة عين شمس يحصدون منحة "إيفل" الفرنسية للتميز الأكاديمي    ضبط 14 مركزا لعلاج الإدمان بدون ترخيص    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    سفير إيران لدى الأمم المتحدة: سنرد على أى عدوان إسرائيلى دون ضبط للنفس    الطقس اليوم.. مائل للحرارة نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 33    سعر الدولار اليوم الأربعاء 18-6-2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    طقس اليوم الأربعاء.. انخفاض جديد في درجات الحرارة بالقاهرة    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    مقاومة متواصلة ضد الاحتلال .. القسام تدمر ناقلتي جند وسرايا القدس تسقط طائرة مسيرة    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    إعلام عبري: أنباء عن سقوط صواريخ في مواقع وسط إسرائيل    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة النثر.. جيل السبعينيات وأكبر معركة في تاريخ الشعرية العربية
نشر في البوابة يوم 10 - 10 - 2018

عندما قدمت الناقدة والشاعرة الفرنسية سوزان برنار، مصطلح قصيدة النثر فى أطروحتها للدكتوراه عام 1958، وقد اطلع عليه كثير من مثقفى العالم العربي، وتمت ترجمته للعربية، لم تكن «برنار» تعرف أنها قد فتحت بابا كبيرا فى عالم تجديد الشعر، ومعركة أدبية لا تزال قائمة بين الكثيرين حول المصطلح واعتبار قصيدة النثر من عالم الشعر أم دخيلة عليه.
ولأن قصيدة النثر اهتمت باليومى والهامشى والذاتى، وابتعدت عن القضايا الكبرى؛ فقد ظلت متوارية وتخجل من الكشف عن هويتها، ويقول الباحث حسام الحداد: إن الشعر القديم أنجز عقلا شديد الخصوصية، تميزه بداهة الصحراء ووضوحها، وأنجز الشعر الحر عقلا حداثيا قامت على أعمدته الدولة القومية، أما قصيدة النثر فهى الأكثر حيرة لأنها تريد أن تعيد الشعر إلى الأهل فى زمن العولمة، وتريد أن تتواضع أكثر من ذلك لتترك قضية الوجود إلى الحديث عن هموم شديدة الذاتية، لكن تواضعها هذا كان سببا فى إخراج الكثير مما يكتب من حقل الشعر جملة وتفصيلا.
ومن بين المثقفين الذين أخلصوا لقصيدة النثر وإشكالياتها الشاعر الراحل شريف رزق، الذى كتب عنها قائلا: إن قصيدة النثر تُشكِّلُ خَرْقًا حَادًَّا لكُلِّ الأعْرافِ الشِّعريَّةِ السَّابقةِ عليها، ويكمنُ موقعُهَا الإشْكاليُّ فى كونِهَا طَرَحَتْ شَتَّى مُكَوناتِ العمليَّةِ الشِّعريَّةِ التَّاريخيَّةِ، وَتَشَكَّلتْ كنوعٍ شِعْريٍّ مُغايرٍ، اسْتَعْصَى على قِيَاسِهِ على غيرِهِ، وَرُبَّما لهذَا رَفَضَ البعضُ شِعْريَّتَهَا، دونَ أنْ يُنْكِروا إبْداعيِّتَهَا، وَدَعوا إلى اعْتِبَارِهَا نوعًا أدبيًّا مُسْتَقلًا.
«أدونيس والماغوط».. رواد القصيدة النثرية
بعدما مررت سوزان برنار مصطلح قصيدة النثر إلى العالم، وتم نقلها إلى العربية، ظهرت التجارب الناضجة فى قصيدة النثر التى ما زالت فى صراع مع الشكلانية والموضوع، وعلى الرغم من التركيز على مراحل التجديد فى الساحة الشعرية المصرية؛ فإن تجارب مثل تجربة الشاعرين السوريين أدونيس ومحمد الماغوط تعتبر مثالا رائدا فى مجال قصيدة النثر.
واعتبر أدونيس الشكل الموسيقى من الأشكال الناجحة للقصيدة، لكنه ليس الشكل الوحيد، وهو بذلك يفتح الباب أمام أشكال جديدة تقلب موازين القوى من حيث الوزن والقافية بالنسبة للشكل العمودى، ومن حيث التفاعيل والبحور الشعرية بالنسبة لقصيدة التفعيلة، وفرق أدونيس بين الوزن والإيقاع، واعتبر الإيقاع تناوبا منتظما ومتسقا للمقاطع، والإيقاع حركة، بينما الوزن شكل من أشكالها، وأصبح الوزن التقليدى بالنسبة له تآلفا إيقاعيا معينا، بينما يتميز الشعر الجديد بخلق تآلفات جديدة وتناوبات مغايرة.
وفى ذلك يحاول الشعراء الجدد أن يطوروا مفهوم الشعر من الناحية الوزنية: فالشعر تآلف إيقاعى لا وزني، ومن قصيدته «الحب جسد» نقرأ كلماته: «الحب جسد أحنّ ثيابه الليل/ للأعماق منارات/ لا تهدى إلاّ الى اللجّ/ شجرة الحور مئذنة/ هل المؤذّن الهواء؟/ أقسى السجون وأمرّها/ تلك التى لا جدران لها/ كان أبى فلاّحًا/ يحبّ الشعر ويكتبه/ لم يقرأ قصيدة/ إلاّ وهى تضع على رأسها رغيفًا/ الحلم حصان/ يأخذنا بعيدًا/ دون أن يغادر مكانه». وظلت القصيدة لدى أدونيس تداعب فكرة اللاعضوية فى النثر الشعري، واللازمنية، والتكثيف الشديد، حتى تستطيع بمدلولاتها الانفتاح المباشر على الدلالات الواسعة.
وأثر أدونيس فى أجيال الشعراء اللاحقة عليه، وأبرزهم ممن تأثروا به وسقطوا فى غرام قصيدته الشاعر المصرى عبدالمنعم رمضان.
وانتشر شعر «الماغوط» فى جميع أنحاء الوطن العربي، فقد كتب قصيدة النثر وتعاطى مع المتغيرات السياسية، وصارت كلماته نشيدا على لسان اليساريين فى جميع أنحاء الوطن العربي، وقد قال عن قصيدة النثر: «الشعر نوع من الحيوان البري، الوزن والقافية والتفعيلة تدجنه، وأنا رفضت تدجين الشعر، وتركته كما هو حرًا، ولذلك يخافه البعض، وأعتقد أن قصيدة النثر هى أول بادرة حنان وتواضع فى مضمار الشعر العربى الذى كان قائما على القسوة والغطرسة اللفظية، كما أن هذه القصيدة مرنة، وتستوعب التجارب المعاصرة بكل غزارتها وتعقيداتها، كما أنها تضع الشاعر وجها لوجه أمام التجربة، وتضطره إلى مواجهة الأشياء دون لف وراء البحور، أو دوران على القوافى».
ومن قصائده بالغة التأثير، وبالغة الغوص فى ارتباك وحيرة الإنسان قصيدة «حوار الأمواج»، ومن خلالها نجد أنه لم يتجه ناحية الهامشى واليومى، بل كان منحازا فيها للشقاء الإنسانى الذى يلون حياة الطبقات المتدنية، فيجد الإنسان يده خالية من أى شيء يمكن أن يقدمه لحبيبته، لأن الآخرين سلبوه حقوقه ببساطة، ولأن الشقاء مصيره، فيتساءل: هل كان ذلك الشقاء جبرًا؟
وكانت الشاعرة المصرية ملك عبدالعزيز، من المبدعات الأوائل اللائى كتبن قصيدة النثر، لكنها لم تحظ بشهرة واسعة، رغم تميز أعمالها وتفردها، فقد تميزت أعمالها بالمزج بين الموسيقى الداخلية والروحية لمفردات النص والتأمل الفلسفى للإنسان والحياة، واتخذت قاموسا خاصا يتسم بالنقاء والتفرد يدل على صوتها الخاص.
وبرع فى قصيدة النثر جيل السبعينات، وبرز من بينهم الشاعر محمد طه، والشاعر محمد آدم، والشاعر عبدالمقصود عبدالكريم، والشاعر رفعت سلام، والشاعر عبدالمنعم رمضان.
وقد هاجم الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازي، قصيدة النثر مطلقا عليها وصف القصيدة الخرساء، ما أثار جدلا كبيرا بين كتاب قصيدة النثر فنشبت معركة بينهم جميعا، وقد شبه «حجازي» موقفه ذلك بموقف العقاد من قصيدة التفعيلة، لكنه تراجع عن رفضه للقصيدة وأعلن قبوله لها واستمتاعه بقصائد كان قد قرأها فى النثر، مصرا على وصفها بالخرساء؛ لأنها ليست للغناء أو الإلقاء أو الإنشاد، أى أنها ليست لغة صائته - على حد تعبيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.