وجد أطباء متخصصون في مجال الأطفال الخدّج أن العناية اللطيفة تساعد أدمغة الصغار المولودين قبل الأوان على النمو وتخفف من نسبة إصابتهم بالتأخر العقلي. ارتفعت معدلات نجاة الأطفال الخدّج أو المولودين قبل الأوان بشكل كبير خلال السنوات العشرين الماضية، ووصل المعدل إلى 80 بالمئة. لكن في المقابل، تبين أن نسبة عالية من هؤلاء الأطفال (تصل إلى 40 بالمئة بحسب بعض الدراسات) يعانون من أشكال من الإعاقات في الجهاز العصبي، تتراوح بين التأخر العقلي والشلل الدماغي وبين تشوّش التركيز والذاكرة ما يؤثر على أدائهم المدرسي. ولا يبدو أن الحل في هذه الحالة يتركز على تدخل عالي التقنية، بل يعتمد على عناية لطيفة وحساسة تستجيب مباشرة للاحتياجات الفردية لهؤلاء الأطفال الصغار بحسب دراسة استمرت عامًا كاملًا وتمت في وحدة العناية الخاصة بحديثي الولادة في مستشفى ألكسندرا الملكي الكندي. ويقول الطبيب المتخصص بالأطفال حديثي الولادة، جوزير تايبكان، وهو أحد الأطباء الذين اشتغلوا في الدراسة "وجدنا أن الأطفال مكثوا في المستشفى بمعدل 10 أيام أقل، واحتاجوا إلى الأوكسيجين لفترات أقصر. كما أظهرت نسبة أقل ملحوظة بينهم تأخرًا عقليًا بعد مرور 18 شهرًا". وقد درس برنامج تطور وتقييم حديثي الولادة الفردي في أدمنتون بكندا حالة 120 طفلًا خديجًا ولدوا ما بين الأسبوعين 24 و32 من الحمل بوزن أقل من 1.250 غرامًا. وهي أشمل دراسة في هذا الإطار حتى اليوم. وجاءت النتائج ملفتة بالذات في موضوع التطور العصبي. فالأطفال الخدّج الذين تلقوا عناية واستجابة تركز على حديثي الولادة أدوا بشكل أفضل بكثير في عمر 18 شهرًا عندما تمّ اختبار وظائفهم الإدراكية. وقد سجّل 10 بالمئة فقط من أطفال برنامج تطور وتقييم حديثي الولادة الفردي أقل من 70 في اختبار مقياس المهارات الإدراكية مقارنة ب 30 بالمئة من أطفال المجموعة التي لم تتلق أية عناية خاصة. ويعتبر المعدل ما دون 70 – والموجود فقط في 2.5 بالمئة من عموم السكان – دليلًا على تأخر عقلي ملحوظ. وهذه النتائج مشوقة بالذات لأنها التدخلات الوحيدة قريبة العهد مع حديثي الولادة التي نجحت في تقليل عدد الأطفال المصابين بالتأخر العقلي. تخلّ الولادة المبكرة بتطور دماغ الجنين أثناء مرحلة مكثفة من النمو. وتقول الطبيبة، كاثرين بيترز، وهي مساعدة بروفسور في كلية التمريض والمحققة الأساسية في الدراسة "يكبر دماغ الطفل المولود في الأسبوع 26 من الحمل بنسبة أربعة أضعاف عندما يحين وقت ذهابه إلى المنزل". ففي ذروة تطور الدماغ في الرحم، تتشابك الوصلات أو الروابط العصبية بمعدل مذهل يصل إلى 40 ألف وصلة تتشكل كل ثانية. وتضيف بيترز "إذا وضعت المولود الجديد في بيئة غير مجهزة لدعم تطوره، فقد لا تتشكل هذه الوصلات أو قد تتشكل بشكل غير مناسب". تعتبر وحدات العناية الخاصة بالأطفال حديثي الولادة، مع أضوائها الباهرة والأصوات الدائمة فيها بسبب وجود الآلات والمعدات الطبية، عوالم منزوعة من بيئة الرحم السائلة والمحايدة. وقد صمّم برنامج تطور وتقييم حديثي الولادة الفردي لمساعدة الأطفال الخدّج خلال مرورهم بصدمة المرحلة الانتقالية، وذلك عبر مراقبة استجاباتهم للمحفزات والعناية عن كثب، ثم تعديل بيئتهم لتلبية احتياجاتهم بطريقة أفضل. يعلّم برنامج تطور وتقييم حديثي الولادة الفردي المسؤولين عن العناية بالأطفال والأهالي كيفية التعامل مع حديثي الولادة بلطف ورقة وبطء لتجنب الضغط والتوتر وإبقاء هؤلاء الأطفال مستقرين قدر المستطاع. كما يشجعهم البرنامج على الانخراط الحميمي في العناية بأطفالهم. وتختم بيترز بالقول "إن الأطفال أذكياء جدًا. يمكنهم إعلامنا بما يحتاجون. وتقع على عاتقنا مسؤولية تعلّم قراءة مؤشراتهم واحترام ما يحاولون إخبارنا به".