استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤخرا، سلطان طائفة البهرة بالهند، السلطان مفضل سيف الدين، يرافقه شقيقه الأمير قصي وجهي الدين، ونجلاه الأمير جعفر الصادق، والأمير طه سيف الدين، وممثل سلطان البهرة بالقاهرة، مفضل حسن. ولعل بعض القراء لا يعرفون من هم البهرة، ويعتقد البعض أنهم يدينون بغير الاسلام، ولكن في الحقيقة أن طائفة البهرة إحدى الطوائف الاسماعيلية التي تدعو إلى إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق، قيل إنهم ينحدرون من سلالة العهد الفاطمي التي كانت تحكم مصر وهم مسلمون شيعة، وبعد سقوط الدولة الفاطمية هاجر الكثير منهم إلى أنحاء متفرقة، منهم من ذهب لليمن، ومنهم من استقر بالعراق وشبه الجزيرة العربية. يتميز البهرة في كونهم يجيدون التجارة بدرجة عالية جدًا، واسم البهرة مشتق من كلمة (vehru)، التي تعني التجارة في اللغة الجوجارتية الهندية، وصلت دعوتهم إلى بلاد الهند عن طريق تجارتهم وخط السير الذي كان يصل بين اليمن وتجار الهند، إلى أن أصبحت طائفة البهرة من أكبر الطوائف الإسلامية في بلاد الهند. وتصنف الإسماعيلية البهرة، بأنها مستعلية نسبة إلى الإمام المستعلي ومن بعده الآمر، ثم ابنه الطيب، وهي طائفة ترفض العمل في السياسة وتركز على العمل بالتجارة، وهم يمثلون الجانب الوسطي من الاسماعيلية، وهم في عبادتهم وشعائرهم لا يختلفون عن الشيعة الاثني عشرية في شيء، إلا أنهم يختلفون مع الشيعة الإمامية في قضية الإمامة، فهم يعترفون بستة من الأئمة الاثني عشر فقط من الإمام علي حتى جعفر الصادق، ويأخذون بقية أئمتهم من سلالة إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق الذي توفي في حياته. ولأجل ذلك سميت الطائفة بالشيعة الإسماعيلية، تمييزًا لها عن الشيعة الإمامية التي تعتقد بوصية الإمام جعفر لابنه موسى الكاظم الإمام السابع الذي لا تعترف به الإسماعيلية. اشتهرت البهرة بالتجارة والاستثمار العقاري والصناعي والصرافة، وتعد من أكثر الطوائف الإسماعيلية ثراءً، وتولى الدكتور محمد برهان الدين (توفي في يناير الماضي عن عمر 103 عام) رئاسة الطائفة خلفًا لوالده الدكتور طاهر سيف الدين الذي توفي عام 1960، ويُعد محمد برهان الدين من كبار أثرياء الهند، إذ يُقدر دخله في السنة بنحو 220 مليون دولار، ويفرض على أفراد طائفته تبرعات ضخمة "خمس الأموال"، استطاع من خلالها شراء وإنشاء أكثر من عشرين مصنعا كبيرا في الهند وباكستان وغيرهما، وله فنادق ضخمة، واشترى مشروعا للمياه الغازية في بومباي، يطلق محمد برهان الدين على نفسه اسم السلطان وعلى أبنائه اسم الشاه زاده "الأمراء"، وعلى بناته الشاه زادي "الأميرات"، ويسمى مبعوثه الهندي الذي ينوب عنه في إدارة شئون أتباعه في الأقطار الأخرى بالأمير. ومن أعمالهم أنهم قاموا بإصلاح ضريح كربلاء والنجف والضريح الفضي لمشهد رسول حسين، والسيدة زينب في القاهرة، كما عملوا قبة من الذهب فوق ضريح الإمام الحسين في القاهرة، وترميم جامع "الأنوار" الكبير الذي بناه الخليفة الفاطمي قبل ألف عام. ويعتبر البهرة بوضعهم الحالي ورثة الفاطميين المصريين، وأمناء دعوتهم عقيدة وتشريعا، ومؤلفات العهد الفاطمي هي المصادر المعتمدة لباطنيتهم دون ريب، ويبدو أن عامتهم قد تأثروا بالهندوسية والفكر الغربي معا في الآونة المعاصرة، وأخذ البعض يتخلصون من قيود التكتم والانزواء، وأسرار الدعوة وفلسفة اليونان، غير أن زعيمهم "الداعي المطلق" مازال محور الحركة والتكتل، لذا لا يسهل النفوذ إليهم، والوصول إلى ما عندهم، وما يحتفظون به من وفاق أو خلاف مع الشرع، ويعود ذلك إلى أن قوام الدعوة الإسماعيلية هو الإخفاء وعدم العمل في وضح النهار، وقديما تلقى البهرة ضغوطا من قبل الأمويين والعباسيين مما أثر على طريقتهم، وقد تمت السيطرة على جزء غير يسير من العالم الإسلامي إبان عهد الفاطميين في مصر، والصليحيين في اليمن.