نغم، فتاه من عائله بسيطه، ملائكية الوجه، نقية الروح، يشع قلبها حبا وعيناها دفئا وبريقا، عاشقه لآلة الكمان والموسيقي والشعر، وتذوب عشقا في حروف كلمات نزار، تخرّجت نغم من كلية التربيه الموسيقيه وتعمل مدرسه للموسيقي بأحدي المدارس الأعداديه للبنات، نغم مريضه بشلل الأطفال ولايفارقها جهاز تعويضي يساعدها علي المشي والحركه، تعشق آلة الكمان لرقتها وصوتها الحنون المملوء بالشجن، وتعشق شعر نزار لرقة احاسيسه، أنشئت نغم مدّونه لها علي صفحات الفيس بوك اطلقت عليها اسم " عاشقة الكمان " تدّون فيها خواطرها من مشاعر رومانسيه ونثريه، اثناء تدريباتها الموسيقيه للطالبات في حصة الدرس دخلت حجرة الموسيقي زميله لها تخبرها بأنها اضافتها لمدّونه اطلق عليها صاحبها اسم " ساحر الكمان " واخبرتها انها قريبة الشبه من مدّونتها حيث الأحاسيس والمشاعر وعشقهما لنفس الآله الوتريه، غضبت نغم بشده من زميلتها فهي فتاه تعشق العزله والهدوء وآلتها ولا تعشق التطفل علي مدّونات الاخرين علي الفيس بوك، كما انها لاتعرف صاحب المدّونه لانها بطبعها حريصه في تعاملها مع الجنس الآخر. في منزلها المطل علي الحاره الشعبيه بحي السيده زينب، تعيش نغم مع امها، الأم تقوم بتحضير الأطعمه والمأكولات وتقوم بتسويقها عن طريق الأنترنت وتساعدها نغم في مشروعها الذي يشغل فراغها كثيرا ويساعد اسرتها في مواجهة نفقات الحياه، الأب توفاه الله قبل عامين مصابا بداء الفشل الكلوي، كان امينا للمخازن بأحدي شركات القطاع العام، نغم لديها اخت تكبرها بثلاثة اعوام متزوجه من ابن خالتها وتقيم معه بمحافظة مطروح حيث مقر عمله بمبني المحافظه وقليلا ماتأتي لزياره امها واختها، المنزل يسوده الهدوء معظم اوقات اليوم فيما عدا اقبال الجيران علي امها لمساعدتها في اعداد اطعمتها كعادة نساء الأحياء الشعبيه كنوعا من الود والعشره والوقوف بجوار بعضهن البعض. في غرفتها تجلس نغم علي الكرسي المقابل لشرفتها تخلع الجهاز عن قدمها، التقطت انفاسها قليلا وعادت بذاكرتها لحصة الدرس وحديث زميلتها عن مدونة ساحر الكمان،وبفضول الأنثي، تسللت نغم لمدّونته لتبحث له عن صوره فلم تجد سوي صوره لآلة الكمان مكتوب اسفل الصوره ساحر الكمان يمين المدّونه، اخذت نغم تتسلل بأناملها الي المدّونه وتبحث عن اوجه الشبه بينها وبين ساحر الكمان كما ذكرت لها زميلتها بالمدرسه، أنصهرت مع حروف الكلمات، والتشبيهات، واحاسيسه الدافئه، ساحر الكمان هو ايضا من مواليد برج السرطان، علمت نغم بهذا الأمر عن طريق نشره لصفات البرج علي مدونته، برج السرطان هو برج نغم ايضا، اصحاب هذا البرج يتحلون بالسلام الداخلي والحس المرهف ويعيشون في عالم خاص بهم ولديهم القدره علي الأهتمام بالأخرين والأعتناء بهم. لم تنم نغم ليلتها وظلت امام مدّونة ساحر الكمان تقلب في تفاصيلها للتعرف علي ملامح شخصيته اكثر، شعورا رائعا اجتاح قلبها لأول مره، انتفض القلب لكلمات المدعو ساحر الكمان وتمنت لو رأت لصاحب المدونه صوره ولكن محاولاتها باءت بالفشل ولم تجد مايهدأ ثورتها المجنونه لمعرفة تفاصيله أو شيئا عن ملامحه. وعن الحب، كتب ساحر الكمان علي مدونته اعذب الكلمات وارقاها، لم تستطع نغم منع اناملها من الأقتراب لتكتب هي ايضا شأنها شأن باقي اعضاء المدّونه ماتعرفه هي عن الحب في خانة التعليقات، وبمشاعرها البريئه كتبت نغم ارق مايكتب عن الحب، لفتت نغم بتعليقها انتباه ساحر الكمان واثارت فضوله لمعرفة شخصيتها، واكتفي بأشارة الأعجاب. عادت نغم الي مدونتها تكتب خواطرها عن عشقها لآلة الكمان وصارت تتغزّل في اوتارها وفجأه، رات امامها علي مدونتها صوره لمدونة ساحر الكمان طالبا اضافته الي صفحتها علي الفيس بوك، ارتبكت نغم وخفق قلبها وتسارعت دقاته فرحا وخوفا في آن واحد، فرحا لأنها تمنت ان تخترق عالمه، وخوفا لأنها لاتعرف من هو، اغلقت نغم مدونتها سريعا في حاله من الأرتباك، لم تقبل صداقته ولم ترفضها. في شرفة غرفتها، وقفت نغم تراقب الماره، بائع الخضار علي ناصية الحاره هناك يتشاجر مع احد زبائنه خلافا علي سعر بضاعته، نساء الحاره يقفن امام دكان الحاج سعيد العطار لشراء لوازمهن من العطاره، الصبيه يلعبون الكره امام محل عم موريس الصائغ فيخرج مسرعا ينهرهم طالبا منهم الأنصراف بعيدا عن زجاج المحل، جارتها هدي، زميلة دراستها الأعداديه والثانويه، تسير بجوار خطيبها أحمد ممسكه بيده بعد ان اعلنت خطبتهما منذ اسبوعين، أطالت نغم النظر الي هدي وهي تسير بجوار احمد، تري السعاده علي وجهها والأبتسامه علي شفاها، حدّثت نغم نفسها قائله " مثل اي فتاه كنت اتمني ان اسير بجوار من احب ممسكه بيده امام الجميع ولايعوقني هذا الجهاز التعويضي الذي اشعر معه بالعجز، اي رجل هذا الذي يقبل السير بجوار فتاه مثلي مريضه بشلل الأطفال " وبكت.... عاود ساحر الكمان المحاوله مره اخري للدخول للصفحه الشخصيه لنغم وارسل اليها رساله قصيره قائلا " مساء الخير، ارسلت اليك في طلب صداقه قبل يومين، ولم تقبليها حتي الآن فقط ارغب في التواصل معك، فعشقك للكمان لفت نظري، سأكرر طلب صداقتي مره اخيره، برجاء قبول الصداقه" تعيش نغم لحظات من الذهول والفضول، ما تلك الجرأه في طلب الصداقه، وما الذي لفت نظره الّي كوني عاشقه مثله لنفس الآله، شيئا ما داخل نغم استفزها نحو هذا الساحر، فقبلت الصداقه، اقتحم هو صفحتها مره اخري في رساله قائلا " شكرا لقبول الصداقه " واختفي. اثارت جرأه ساحر الكمان ورشاقة كلماته وعذوبة احاسيسه نغم، واخذت تتابعه كل يوم علي صفحات مدونته لمتابعة مايكتب، ولكن، عزف عن الكتابه اسبوعا كاملا، بدأ يثاورها القلق بشأنه، اين هو، ولماذا لايكتب خواطره، لماذا لم يعد يتواصل مع اصدقاء مدونته، قررت نغم ان تجذبه اليها مره اخري وهي لاتعلم لماذا، فقط ارادت ان يظهر في حياتها مره اخري، فقامت هي بأضافته لمدونتها "عاشقة الكمان" وفوجئت بقبوله الأنضمام لمدونتها في ذات اللحظه، فرحت نغم كثيرا لظهوره مره اخري وتمنت من داخلها لو سألته " اين كنت ". شردت نغم قليلا في ساحر الكمان وابتسمت، اطمئنت اخيرا لظهوره مره اخري وتواصله معها، جاءتها رساله علي صفحتها من الساحر يسألها " من هي عاشقة الكمان ؟ "، اجابت " فتاه عاديه وبسيطه"، قال " هل هي بالجمال والرقه التي نسجها خيالي ؟ "، ارتبكت نغم لسؤاله ولم تجب، سألها " من انت؟ "، قالت " مدرسة موسيقي اعشق آلة الكمان واعزفها، صديقه لي ضمن مجموعتي هي التي اضافتني لديك لعلمها بعشقي لآلة الكمان، سألها " في اي مدرسه تعملين ؟ " قالت " اعتذر عن الأجابه "، قال " اشعر ان هناك شيئا ما يجذبني اليك دون ان اراك "، سألها مجددا " ما اسمك ايتها العاشقه ؟ "، قالت " اسمي هو اسم مدونتي عاشقة الكمان "، وخرجت من مدونتها سريعا واغلقتها، شعورا جميلا يتملكها، خليطا من الفرح والخوف والقلق والترقب والسعاده، دقات قلبها الغير منتظمه تعلو وتعلو. في حصة الموسيقي بالمدرسه، ارسل اليها ساحر الكمان رساله عبر صفحتها قائلا " لاتحرميني من رؤية هذا الملاك الرومانسي دافيء المشاعر "، خشت نغم من ان تلاحظ الطالبات مابدا عليها من احمرار لوجهها خجلا، فذهبت بهاتفها بعيدا وكتبت له قائله " أتركني وشأني "، قال " ومن قال لك انني لست شأنك "، قالت " انت لا تعرف من انا "، قال " بل سبحت داخل اعماق روحك والتقت ارواحنا عبر كلماتك "، قالت " انا في حصة الدرس "، قال " كم اتمنا ان اكون بين صفوف الدرس "، اغلقت نغم هاتفها سريعا، دق جرس الحصه، ودق قلبها معه. نغم شارده وحزينه داخل غرفتها، تتساءل، ما هذا الذي يحدث لي، ما هذا الشعور الذي انجرف بعواطفي خلفه، كيف يعشقني شخصا لم يراني، فقط قرأني وادعي تلاقي ارواحنا، وهل لو علم بأنني اسير بجهاز تعويضي في قدمي لأصابتي بشلل اطفال سيظل علي مشاعره نحوي، نعم اشعر نحوه بقوه مغناطيسيه رائعه ولكن هذا الحب محكوم عليه بالأعدام مسبقا من قبل ان يولد في قلبينا، لن يتحمل ساحر الكمان نظرات الشفقه لي بجواره وانا اسير بعجزي ولن اتحمّلها انا في نظراته لي. احضرت نغم جهاز اللاب توب، قامت بفتح مدّونة ساحر الكمان، بدأت بأتخاذ خطوات الخروج من مدونته نهائيا وهي تتألم، فجأه، اكتشفت كتابته خاطره قبل دقائق علي مدونته، قرأتها، كتب يقول " عاشقتي لاتنتمي لبشر حديثها ساحر كآلة الكمان حروف كلماتها تعزف داخل شراييني أحاسيسها الدافئه تذيب برودة السنين بقلبي كم اتمني رؤيتها كم اتمني ان ارتمي بأحضانها لتهدا نبضات قلبي واستعيد توازني وارتوي من انفاسها كأسا يروي ظمأ انتظاري " بكت نغم، بللت دموعها خديها، قررت غلق تلك الصفحه تماما من حياتها، وخرجت من مدونة ساحر الكمان بلا عوده أو متابعه.... احتضنت آلة الكمان، أمسكت بالقوس، وبدات بالعزف، وصارت المشاعر والنوتات ألحان حزينه، وحادثت الآله في ألم قائله... "اعزفي علي أوتار جرحي ودعي اوتارك تشاركني الوجع أطربيني بنغماتك الحزينه وان تطلب الأمر ان تجعليني وترا من اوتارك اجعليني فقط..اعزفيني " تمت.