بدأت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي اليوم الخميس محادثات مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عشية خطاب مهم لها حول مستقبل التجارة الخارجية ما بعد بريكست ووسط خلاف بشأن إيرلندا الشمالية. ويأتي لقاؤهما في مقر الحكومة في داونينغ ستريت فيما يعدّ الاتحاد الأوروبي موقفه حول المفاوضات بشأن العلاقات المستقبلية مع بريطانيا لدى مغادرتها الكتلة الأوروبية. وتعرض ماي خططها في خطاب مرتقب الجمعة، لكن يهيمن عليه خلاف مع بروكسل حول مسألة الحدود الإيرلندية بعد بريكست. وكشف الاتحاد الأوروبي هذا الاسبوع مسودة اتفاق يتضمن شروط الانفصال التي تم التوصل اليها مع بريطانيا في ديسمبر وتشمل خططا لتجنب أي حواجز جمركية على الحدود بين ايرلندا الشمالية وايرلندا. وردت ماي بغضب على مقترح بأن تبقى ايرلندا الشمالية -- وهي جزء من بريطانيا -- ضمن اتحاد جمركي مع الاتحاد الاوروبي إن لم يكن هناك حل أفضل. وحذرت ماي بأنها لن تقبل بأي شيء يعرض السيادة الدستورية لبلادها للخطر. وفي خطاب في بروكسل الخميس قبل توجهه إلى لندن، قال توسك إنه إذا كانت رئيسة الحكومة البريطانية لا تعجبها الفكرة عليها ان تتقدم ببديل. واضاف "بعد بضع ساعات، سأسأل لندن اذا كانت الحكومة البريطانية لديها فكرة أفضل" مضيفا بأنه "على ثقة تامة" بأن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستوافق على المسودة. وانتقد ايضا مقاربة بريطانيا للمفاوضات حول العلاقات المستقبلية قائلا إن "الخطوط الحمر" التي فرضتها بنفسها تجعل من المستحيل تحقيق آمالها بالتوصل إلى تجارة خالية من الرسوم والقيود. وقال "أريد ان اشدد على مسألة واحدة بوضوح. لا يمكن ان تكون هناك تجارة خالية من الرسوم والقيود خارج الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة. الرسوم والقيود تأثير جانبي طبيعي لبريكست لا مفر منه". تعهدت جميع الاطراف تجنب اقامة حدود فعلية تشمل حواجز جمركية للحفاظ على اتفاقية السلام لايرلندا الشمالية عام 1998 والمعروفة باتفاقية الجمعة العظيمة التي انهت ثلاثة عقود من العنف الطائفي الدامي. وشدد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه ان خطة الاتحاد الجمركي ليس سوى "خطة بديلة" في حال عدم الاتفاق على أي من الخيارين المفضلين لدى بريطانيا، اي حدود مزودة بأنظمة تكنولوجيا عالية وبدون نقاط تفتيش، أو حل متعلق باتفاق تجارة بين الاتحاد الاوروبي والمملكة المتحدة. غير أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حذر من أن المسألة الإيرلندية يتم استغلالها لاجبار بريطانيا على تغيير مسارها والموافقة على اتحاد جمركي جديد. قبل محادثاتها مع توسك، ترأست ماي اجتماعا استثنائيا لحكومتها لمناقشة خطابها الجمعة. وقال ماي ان بريطانيا ستقوم بإنشاء "شراكة عميقة وخاصة" مع الاتحاد الاوروبي لكنها استبعدت البقاء في السوق الموحدة او اتحاد جمركي، والذي من شأنه أن يتطلب استمرار حرية التنقل للمهاجرين والالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي. غير ان حزب العمال المعارض دعا بريطانيا في وقت سابق هذا الأسبوع للموافقة على اتحاد جمركي جديد، قال إنه سيحمي الوظائف ويجد حلا للمسألة الإيرلندية. وانضم رئيسا حكومة سابقان إلى الأصوات المنتقدة. فقد حذر رئيس الحكومة السابق المحافظ جون ميجور من أن وعود الحكومة "لا تتمتع بالمصداقية" فيما قال خلفه العمالي توني بلير إن آمال ماي باستمرار الوصول إلى السوق دون تطبيق قواعد الاتحاد الاوروبي "غير ممكنة". وقال بلير لاذاعة بي.بي.سي قبيل خطاب في بروكسل "المسألة لا تتعلق بمفاوضات صعبة أو مفاوضات ضعيفة، إن ذلك لن يتم". واضاف "المعضلة هي اما يتعين البقاء على مسافة قريبة من اوروبا لتقليل الضرر الاقتصادي، وفي تلك الحالة الالتزام بالقوانين الأوروبية، أو التحرر من القوانين الأوروبية والذي يعني التعرض لضرر اقتصادي".