أكد الدكتور خيري إبراهيم الملط، الأستاذ بكلية التربية الموسيقية بالزمالك ورئيس مشروع إحياء الموسيقى الفرعونية، بالتنسيق مع منظمة اليونسكو، أن الأبحاث التي جرت على مدى السنوات الماضية انتهت إلى أن الموسيقى المصرية القديمة هي أم موسيقات العالم. وقال في جلسة بعنوان "الإبداعات الشبابية للحفاظ على التراث الفرعوني" خلال مناقشات أعمال مؤتمر الرسومات الفرعونية والكتابات المصرية القديمة، أن أعمال البحث حول الموسيقى الفرعونية في المتاحف المصرية والعالمية والبرديات والجداريات توصلت إلى وجود 53 آلة موسيقية، استخدمها المصريون القدماء في الأفراح والحفلات والمناسبات المختلفة. وأشار الملط في المؤتمر الذي نظمته الجمعية المصرية لفنون الأرابيسيك والمشربية بمكتبة القاهرة الكبرى، تحت رعاية الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، إلى أن ثقافة الموسيقى الفرعونية لم تأخذ حقها، وأول دراسة جرت عام 2004 بمنحة تجوال من الاتحاد الأوروبي للتعرف على الموسيقى الفرعونية بالقطع الأثرية الموجودة في متاحف العالم، وتم تخريج أول دفعة من الدارسين عام 2017، وضمت 17 دارسًا لدبلوم الموسيقى الفرعونية في كلية التربية الموسيقية بجامعة حلون. وقال: توصلنا من خلال فرق البحث والدراسة إلى أن الفراعنة هم من أول استخدموا الموسيقى تربية الأطفال، والترفية، وكانت في جانب منها موسيقى جنائزية، مضيفًا أنه ومع دراسة الآلات الموسيقية تم صناعة مجموعة آلات من نفس المواد التي استخدمها المصريون القدماء في تصنيع آلاتهم، وجرى تأسيس فرقة موسيقى فرعونية تغني باللغة الهيروغليفية. وقال الدكتور شريف علي حمدي، أستاذ بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، في الجلسة التي ترأسها الدكتور محمد الديب، رئيس جمعية الأرابيسك: إن فرقة "أحفاد موسيقى الفراعنة" هي أول نتائج دبلوم دراسات الموسيقى الفرعونية، مشيرًا إلى أن الغناء بالهيروغليفية أحد إنجازات دبلوم الموسيقى الفرعونية وذلك يحدث لأول مرة في التاريخ. وقدمت الدكتورة هبة محمد الخياط، المدرسة بكلية التربية النوعية بجامعة كفر الشيخ، بحثًا في المؤتمر بعنوان "المصري القديم يعلم العالم فن التعبير الحركي والرقص"، كما قدمت الدكتورة أسماء كارم محمود المدرس بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان دراسة بعنوان "التكوين الموسيقى عند قدماء المصرين"، مشيرة إلى أن هناك تعبيرات ما زالنا نستخدمها هي من الموروث الفرعوني، وأكدت أن كل المقامات الموسيقية أصلها مصري. وحذرت من محاولات تشويه الحضارة المصرية، ونسبتها على آخرين، خصوصًا ما تقوم به إسرائيل، بل هناك أبحاث معلقة، ويتم إغفالها من دول غربية تخص تاريخ مصر ليس في الموسيقى فقط. وفي جلسة بعنوان "الحرف التراثية التقليدية ذات الطابع الفرعوني"، ترأسها الدكتور هشام جمعة، رئيس مركز الحرف التقليدية بالفسطاط، والدكتور طارق سليم، مدير متحف ناجي، قدم الدكتور محمد علي أبو أحمد أستاذ التربية الخاصة بأشغال الخشب، بجامعة عين شمس، محاضرة حول "ابتكارات ادماج ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال المشغولات الخشبية التراثية". وأشار إلى ابتكار آلات قطع وتشكيل تتناسب وفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، وجرى تجريبها على عدد من هذه الفئات، إلا أن المشكلة التي تواجه هذه المنتجات تتعلق بالتمويل، الأمر الذي يحتاج إلى دعم وتعاون من مختلف المؤسسات خصوصًا المعنية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وقدم الدكتور مصطفى عبدالرحيم أستاذ التصميم بكلية الفنون التطبيقية، بحثًا حول "صناعة الزجاج عن قدماء المصريين"، موضحًا أن الزجاج هو أكبر نقلة حضارية في التاريخ، ومصر لها تاريخ قديم في استخدامات الزجاج لإبراز الجماليات. وقال: استخدم الفراعنة الزجاج في وضع لمسة حضارية وجمالية على التماثيل من أنواع الزجاج في الطبيعة، وتابوت توت عنخ آمون نموذج مهم لاستخدام الزجاج، وكذلك الأواني الزجاجية كشفت عن أهمية الزجاج في فنون المصريين. وأضاف عبدالرحيم: إن مصر تملك أفضل أنواع الرمال الخاصة بصناعة الزجاج، إلا أننا ما زلنا نصدره كمادة خام، ولم نلتفت إلى تصديره نصف مصنع، على الرغم من أن مصر ظلت أهم مصدر للزجاج لسنوات طويلة، ثم أصابه الإهمال بعد ذلك. وتحدث محمود الحضري، المنسق الإعلامي للجمعية المصرية لفنون الأرابيسك والمشربية في محاضرة بعنوان "كيف نحمي هويتنا في الرسومات والكتابات الفرعونية؟" وتناول التسويق والترويج كوسيلة للتعريف بتراث مصر وهويتها، لافتًا إلا أن هناك من ظهر بيننا وأرد تدمير هذا التاريخ وتلك الهوية إما مرة بدعوى "التحريم" أو مرة بدعوى القضاء على "عبدة الأصنام"، وظهر صنف آخر من أن أحل سرقة تاريخنا على اعتبار أنه حق وفق نظرية "أبيع حقي"، والأخطر هو فقدان أسس ووسائل الحماية. وقال: تعتبر الآثار جزءًا أصيلًا ورئيسيًا من مكونات الشعوب الثقافية، فهي التاريخ الذي يروى ويحكى للعالم، وهي أحد عناصر الجذب السياحي والآثار الإنسانية، ومهما اختلفت الحياة وتطورت، فإن أهمية الآثار والتراث تنعكس في دورها المهم في تشكيل هوية الوطن والمواطنين وانتمائهم لتاريخه وحضارته وترسيخ معاني الوطنية والاعتزاز بالوطن. وأضاف الحضري: الرسومات الفرعونية ليست مجرد عمل فني جامد، أو عمل نضعه في خانة القيمة المادية، بل أعلى من كثير لأنه كل رسم أو لوحة أو حرف وضعه المصريون القدماء هو تعبير عن كائن حي وتعبير عن مدلولات مهمة في حياتهم، بل اعتبر كل حرف ورسم فرعونية هي حكاية وطن، بل هذا الإرث "جزء من ذاكرتنا". ودعا إلى ضرورة التسويق والترويج لحماية تراثنا القديم والتعريف به، من خلال دور التعليم والمدارس والجامعات، وقصور الثقافة في مختلف مدن ومناطق الجمهورية، والإعلام والصحافة والإعلام الجديد وشبكات التواصل الإجتماعي، والمالتميديا كوسيلة تواصل. وتحدثت الدكتورة مليحة شعيب مدير المركز الثقافي الروسي بالإسكندرية عن "فنون الخزف والفخار"، مشيرة إلى أن هذا الفن يتعرض للاندثار، وبحاجة للحماية والدعم والتسويق لمنتجات من يحاولون الحفاظ على هذا الفن الذي بدأ من عصر الفرعنة ويتواصل حتى الآن.