تنشيطًا للسياحة.. إقامة حفل زفاف كازاخستاني في منتجع بشرم الشيخ    الكنيسة تمنع السلام والقبلات من غد حتى عيد القيامة.. ما السر؟    آي صاغة: استقرار أسعار الذهب محليًا وتراجع بالبورصة العالمية    وزير التجارة والصناعة: الحكومة بذلت جهودا كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار    كيف يؤثر التحول الرقمي على صناعة السياحة في مصر ؟    رغم الحديث عن تأجيل.. فتح باب التصالح على مخالفات البناء 7 مايو المقبل بالمنوفية    الأول بمصر.. «هاي تك» التايلاندية للملابس الرياضية توقع عقد تصنيع بالقنطرة غرب    إغلاق القنصلية السعودية في الصين    كتائب "القسام" توجه رسالة ملخصة بصورة إلى أهالي الرهائن الإسرائيليين    طيران الاحتلال يشن غارات كثيفة تستهدف مخيم النصيرات وسط غزة    موعد مباراة الاتحاد السكندري والزمالك في قبل نهائي كأس مصر للسلة    دوري أبطال أوروبا.. تاريخ المواجهات بين بايرن ميونيخ وريال مدريد    للعام الخامس على التوالي.. بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس    ضبط طن دقيق بلدي مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالإسماعيلية    أفضل عبارات التهنئة لعيد شم النسيم 2024: اختر التعبير المثالي لتشارك الفرحة مع أحبائك    أبوظبي تطلق مركز «التعاون العربي الصيني» لتعزيز النشر والتوزيع    موعد صرف إعانة بيت الزكاة والصدقات شهر مايو    على رأس وفد رسمي.. أمير الكويت يغادر بلاده متوجهًا لمصر | صور    الاتحاد الأوروبي يخصص 15 مليون يورو لرعاية اللاجئين السوريين بالأردن    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    خطوات ل فحص السيارة المستعملة قبل شراءها ؟    فالفيردي: علينا استغلال حظ البطل.. وإيقاف موسيالا لن يكون سهلا    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    لبيب: نحاول إصلاح ما أفسده الزمن في الزمالك.. وجوميز أعاد مدرسة الفن والهندسة    رئيس مجلس النواب يهنئ الرئيس السيسي بعيد العمال    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    تجارة القناة تكرم الطلاب المتفوقين من ذوي الهمم (صور)    وزير الأوقاف يعلن إطلاق مسابقة للواعظات للعمل بإذاعة القرآن الكريم خلال أيام    تكريم الفائزين بجائزة زايد العالمية للكتاب.. اليوم    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    طرح البوستر الدعائي ل فيلم "عنب" والعرض في صيف 2024    وزير التنمية المحلية يُهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    سوهاج.. الدير الأحمر والحديقة المتحفية والمراكب النيلية تستقبل المواطنين فى عيد الربيع    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    خطوة جديدة من الزمالك في أزمة فرجانى ساسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 أسباب ترجح كفة "طالبان" أمام ترامب
نشر في البوابة يوم 25 - 01 - 2018


بعد واقعة "إنتركونتيننتال"..
خمسة أسباب ترجح كفة "طالبان" أمام ترامب
رغم أن التفجيرات ومشاهدة الدماء، أصبحت شيئا معتادا فى العاصمة الأفغانية كابول، فإن الهجوم الأخير، الذى استهدف فندق «إنتركونتيننتال »، يحمل دلالات أخطر بكثير مما قد يتصوره البعض للوهلة الأولى، وبدا وكأنه رد عملي من حركة طالبان على الاستراتيجية الجديدة، التى أطلقها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن أفغانستان فى 21 أغسطس من العام الماضي، وألمح فيها إلى احتمال إجراء محادثات معها.
وكان هذا الفندق تحديدا، قد تعرض أيضا لهجوم فى يونيو 2011 ، تبنته حركة طالبان، وأوقع 21 قتيلا، إذ اقتحمت حينها مجموعة من تسعة مسلحين الفندق، وتطلب إنهاء الاعتداء، تدخل القوات الخاصة الأفغانية، بدعم من مروحيات حلف شمال الأطلسى «الناتو .»
ولعل إلقاء نظرة على تفاصيل الهجوم الجديد، الذى استهدف الفندق، يرجح أن الأسوأ لم يقع بعد، خاصة فى ظل ظهور منافس آخر لطالبان فى الساحة الأفغانية، وهو تنظيم «داعش»، ورغبة كل منهما فى
تنفيذ هجمات جريئة تساعدهما فى تجنيد عناصر متشددة جديدة فى صفوفهما.
وكان مسلحون اقتحموا مساء السبت الموافق 20 يناير، فندق «إنتركونتيننتال» وسط كابول، وأكدت وزارة الداخلية الأفغانية أن الهجوم جاء متزامنا مع إطلاق نار كثيف على النزلاء والعاملين فى الفندق، ما أسفر عن سقوط 22 قتيلا، من بينهم 14 أجنبيا، بالإضافة إلى إصابة عشرات آخرين.
بدوره، قال الناطق باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد فى بيان له: «مساء السبت، تعرض فندق إنتركونتيننتال لهجوم، شنه خمسة من مجاهدينا يتطلعون إلى الشهادة ».
وبينما كان دخان أسود يتصاعد من الطابق السادس فى الفندق، كان أشخاص يحاولون الفرار من
الشرفة بواسطة أغطية ربطت ببعضها، وقد سقط أحدهم أمام عدسات التليفزيون.
وبعد ليلة طويلة سادها الرعب وتبادل إطلاق النار، قال الناطق باسم وزارة الداخلية الأفغانية نجيب دانيش صباح الأحد الموافق 21 يناير، إن «الهجوم انتهى بعد 12 ساعة من اقتحامه، وتم قتل أربعة مهاجمين »، موضحا أنه تم إنقاذ 126 شخصا من النزلاء بينهم 41 أجنبيا.
ومن جانبه، قال أحمد حارس ناياب، مدير الفندق، الذى نجح فى الفرار سالما، لوكالة «فرانس
برس » إن المسلحين دخلوا الجزء الرئيسي من الفندق من خلال مطبخ، قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى باقى أنحاء الفندق، وإنهم احتجزوا بعض موظفى ونزلاء الفندق رهائن.
ولعل ما يزيد من وطأة الهجوم، أن الفندق يقع على قمة تل، وتحيط به حراسة مشددة، مثل معظم المبانى الحكومية فى كابول، كما أنه يعد أحد فندقين فاخرين رئيسين في العاصمة الأفغانية، وكان من المقرر أن يستضيف مؤتمرا لتكنولوجيا المعلومات في 21 يناير، أى قبل الاعتداء بساعات.
وقال أحمد وحيد، وهو مسئول فى وزارة الاتصالات الأفغانية، إن أكثر من مائة من مديرى ومهندسى شركات قطاع تكنولوجيا المعلومات، كانوا فى الفندق وقت وقوع الهجوم.
كما جاء الهجوم بعد يومين من إصدار السفارة الأمريكية تحذيرا من احتمال وقوع هجمات على فنادق فى كابول، وبعد زيارة قام بها وفد من مجلس الأمن الدولى للعاصمة الأفغانية لتقييم الوضع هناك.
والفندق، الذى فتح أبوابه للمرة الأولى فى 1969 ، ليس فرعا لمجموعة فنادق إنتركونتيننتال العالمية، التى أصدرت بيانا فى 2011 ، قالت فيه:"إن فندق إنتركونتيننتال في كابول ليس تابعا لها".
ورغم أن الولايات المتحدة عززت مساعدتها لقوات الأمن الأفغانية، وكثفت الغارات على المسلحين المناوئين لحكومة الرئيس أشرف غني، إلا أن الهجوم على فندق «إنتركونتيننتال »، أظهر مجددا، قدرة طالبان، وغيرها، على استهداف مواقع حيوية، وبالتالي تقويض ثقة الأفغان فى الحكومة الحالية،
المدعومة من الغرب.
وكان نحو 150 شخصا لقوا مصرعهم، وأصيب حوالى 400 آخرين، معظمهم من المدنيين، فى انفجار شاحنة مفخخة في 13 مايو 2017 في الحى الدبلوماسى فى كابول، الذى يضم معظم السفارات، ورغم تشديد الإجراءات حينها، توالت الهجمات، التي استهدفت أيضا مواقع تابعة للاستخبارات الأفغانية، ومقرات إعلامية، وكذلك مساجد تابعة للشيعة.
ويبدو أن إعلان ترامب عن إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى أفغانستان، لن يسهم فى وقف التدهور الأمنى هناك، خاصة بعد تهديد طالبان، بأنه ستكون هناك «مقبرة » فى انتظارهم.
ويبلغ عدد القوات الأمريكية فى أفغانستان حاليا نحو 8400 جندى، وكان قبل 2011 يبلغ حوالى 100 ألف جندى، وانتهت العمليات العسكرية القتالية، التي قادتها واشنطن وحلف الناتو ضد طالبان رسميًا فى 2014 ، بعد إنشاء الجيش الأفغاني. وتنحصر مهمة الجنود الأمريكيين المتبقين- حسبما هو معلن- فى تدريب القوات الأفغانية، وتقديم المشورة لها، وبقى كذلك خمسة آلاف جندى من حلف الناتو
للمهمة ذاتها.
استراتيجية ترامب
وكان ترامب أعلن فى 21 أغسطس 2017 ، عن استراتيجية جديدة بشأن أفغانستان، تراجع
فيها عن تلميحاته خلال حملته الانتخابية، بسحب القوات الأمريكية المتبقية هناك.
وقال ترامب فى خطاب ألقاه حينها من قاعدة «فورت ماير » قرب واشنطن، إن موقفه الجديد يهدف إلى الحيلولة دون تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للمتشددين الإسلاميين المصممين على مهاجمة الولايات
المتحدة، حسب تعبيره.
وتابع «الحدس يدفعنى للانسحاب، إلا أن مستشارى الأمن القومى أقنعونى بتعزيز القدرة الأمريكية لمنع حركة طالبان من الإطاحة بالحكومة، التي تدعمها الولايات المتحدة فى كابول".
وأشار الرئيس الأمريكى فى خطابه، إلى أنه توصل إلى خلاصة مفادها، بأن الانسحاب سيؤدى إلى فراغ يستفيد منه «الإرهابيون»، مضيفا «أن أعداء الولايات المتحدة في أفغانستان يجب أن يعرفوا أنه ليس هناك مكان يختبئون فيه، وليس هناك مكان لا تصل إليه الأسلحة الأمريكية »، وتابع "قواتنا ستقاتل
لتنتصر".
إلى ذلك، حذر ترامب في خطابه الحكومة الأفغانية من أن الدعم الأمريكى، الذي سيتواصل فى مواجهة عناصر حركة طالبان على الأرض، لن يكون "شيكا على بياض"، مطالبا إياها بإصلاحات ونتائج حقيقية.
ومن جهة ثانية، ترك الرئيس الأمريكى الباب مفتوحا على إمكان إجراء حوار مع بعض عناصر حركة طالبان، وقال: «فى وقت من الأوقات، وبعد جهد عسكرى ناجح، ربما يصبح الحل السياسى ممكنا ليشمل جزءا من طالبان أفغانستان »، وتابع «لكن أحدا لا يمكنه أن يعلم ما إذا كان هذا سيحصل، ومتى".
وكان وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، قال فى تصريحات له، إن الولايات المتحدة مستعدة لدعم محادثات سلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، بلا شروط مسبقة.
ولم يحدد ترامب عدد الجنود الأمريكيين الإضافيين، الذين سيتم إرسالهم إلى أفغانستان، واستنادا إلى مسئولين كبار في البيت الأبيض، فإن ترامب سمح لوزارة الدفاع الأمريكية بنشر ما يصل إلى 3900 جندى إضافى.
وكان ترامب قال مرارًا خال حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية، إن الحرب فى أفغانستان مكلفة جدا فيما يتعلق بالأرواح والأموال.
وتشير إحصائيات أمريكية إلى مقتل قرابة 2400 جندى أمريكى فى أفغانستان منذ عام 2001 ، فيما أصيب أكثر من 20 ألفا آخرين، بينما تؤكد حركة طالبان أن عدد القتلى الأمريكيين، أضعاف ما سبق.
مقبرة للأمريكيين
ويبدو أن استراتيجية ترامب، لم تشكل فارقا، بالنسبة لحركة طالبان، إذ علقت عليها بالقول: «أفغانستان ستكون مقبرة للأمريكيين »، وقال المتحدث باسم الحركة المتمردين، ذبيح الله مجاهد، فى بيان: "إذا
لم تسحب الولايات المتحدة جنودها من أفغانستان، فإن أفغانستان ستصبح قريبا مقبرة أخرى لهذه القوة العظمى فى القرن الواحد والعشرين".
وتابع "على الولايات المتحدة التفكير باستراتيجية انسحاب بدلا من متابعة الحرب »، وأضاف "طالما هناك جندى أمريكى واحد على أرضنا، وطالما أنهم مستمرون بالحرب ضدنا، سنستمر فى جهادنا".
وأشار إلى أن الاستراتيجية الأمريكية، لا تحمل جديدا وشديدة الالتباس، وقال: «إن ترامب يشكل امتدادا للسلوك المتعجرف للرؤساء السابقين كجورج بوش الابن »، وأضاف "ترامب يهدر أرواح الجنود الأمريكيين، نحن نعلم كيف ندافع عن بلدنا، لن يغير ذلك شيئا".
وتابع مجاهد "لقد خضنا هذه الحرب على مدى أجيال، نحن لسنا خائفين، سنتابع خوض
هذه الحرب، حتى آخر رمق".
وبدورها، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز » الأمريكية، أن قوة حركة طالبان فى تصاعد، ولذا، فإن زيادة عدد الجنود الأمريكيين بنحو 4 آلاف، لن تساعد كثيرا فى مواجهة هذه الحركة.
وأضافت الصحيفة فى تقرير لها فى 9 نوفمبر 2017 ، أن الولايات المتحدة وحلفاءها فى حلف الناتو، تواجه صعوبة فى توفير القوات الازمة لتنفيذ استراتيجية ترامب الجديدة. وتابعت "عدد الجنود الأمريكيين
والدوليين المسئولين عن تدريب القوات الأفغانية ومساعدتها على هزيمة حركة طالبان، يعتبر قليل جدا، مقارنة بتطور قدرات هذه الحركة".
مؤشرات الإخفاق
ولعل ما يرجح فشل استراتيجية ترامب أيضا، أنه كان يوجد منذ 2001 ، عدد كبير للغاية من الجنود الأمريكيين وقوات الناتو «حوالى 150 ألفا »، ولم يتم القضاء على طالبان، بل إنها ازدادت قوة، وهذا قد يعود لعدة أمور، من بينها، تنامى استياء الأفغان، من الحكومات المتعاقبة فى كابول، التى فشلت
فى تأمين الخدمات وتوفير الأمن لهم، كما أن ارتفاع عدد الضحايا فى أوساط المدنيين بسبب العمليات العسكرية، التى شنتها القوات الأمريكية وقوات الناتو، شكل وقودا إضافيا لهذا الاستياء الشعبي.
ففي 22 أغسطس 2008 ، لقى حوالى 90 مدنيا أفغانيا معظمهم من النساء والأطفال مصرعهم فى قصف جوى أمريكى لمنطقة «شينداند » بإقليم هيرات فى جنوب شرقى أفغانستان، كما قتل أكثر من 1000 مدنى أثناء عمليات لقوات الناتو والقوات الأمريكية ضد من تعتقد أنهم عناصر طالبان منذ مطلع 2008 وحتى سبتمبر من العام ذاته.
وبدوره، قال مارك هيرولد، الباحث الأمريكى بجامعة «نيو هامبشير »، إن نحو 3200 مدنى
قتلوا فى 2005 فقط فى عمليات لقوات الناتو والجيش الأمريكي، مشيرا إلى أن الخسائر السابقة فى صفوف المدنيين، تفوق الإحصائية التى كشفت عن مقتل 2256 مدنيا خلال القصف الأمريكى عام 2001 ، الذى أدى إلى الإطاحة بحركة طالبان.
حرب العصابات
وبجانب ما سبق، فإن من الأمور الأخرى التى أفشلت مهمة الناتو والقوات الأمريكية منذ 2001 ، تطوير طالبان الدائم لتكتيكاتها فى حرب العصابات، ما بين تفجيرات وعمليات انتحارية شبه يومية، بالإضافة إلى التقارير المتداولة حول أن أسلحة صينية متطورة كالصواريخ المضادة للطائرات والمدفعية والألغام والقذائف الصاروخية ومعدات صنع العبوات الناسفة، أصبحت بحوزة مقاتلى الحركة.
ويبدو أن امتلاك مثل تلك الأسلحة المتطورة، هو الذى دفع طالبان للثقة أكثر فى قدراتها، ولذا رفضت باستمرار دعوات الحوار، وربطت الموافقة عليها، بانسحاب القوات الأجنبية بالكامل من أفغانستان.
وكانت صحيفة «واشنطن بوست » الأمريكية، كشفت فى وقت سابق أن طالبان باتت تحظى بتسليح وثقة عالية، وأضحت قادرة على تنفيذ هجمات متصاعدة، مشيرة إلى أن مقاتلى الحركة أصبحوا قادرين على العمل في جميع الأقاليم، التى تحيط بالعاصمة كابول، بعد أن كانت عملياتهم تتركز فى المناطق القروية
الجنوبية.
وأضافت الصحيفة أن حركة طالبان خلقت هيكلً حكوميًا موازيًا يتضمن مجالس دفاع ومالية، وقامت بتعيين قضاة ومسئولين ببعض المناطق، كما أنها تدير مواقع إلكترونية وجهاز دعاية على مدار 24 ساعة يروج لكل عملية عسكرية أسرع مما يفعله المسئولون الأفغانيون والغربيون.
وفي السياق ذاته، توقع تقرير أعده أنطونى كوردسمان، الباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أن يخسر حلف شمال الأطلسى والولايات المتحدة فى أفغانستان، كما حدث مع الاتحاد السوفيتى فى ثمانينيات القرن الماضى والإمبراطورية البريطانية فى القرن التاسع عشر.
وأضاف كوردسمان فى تقريره، الذى نشرته وسائل إعلام أمريكية، من بينها «سى إن إن »، أن الوضع فى أفغانستان يتدهور، ووصل إلى «مرحلة الأزمة »، مشيرا إلى أن أمريكا تواجه تحديا جديا من خلال حرب يتم خسارتها على المستويين السياسى والاستراتيجي.
جندى أمريكى يروى مشاهد الجحيم فى أفغانستان
وبدوره ، كشف الجندى الأمريكى تايلر ستافورد، لشبكة «سى إن إن»، عن تجربته الشخصية مع جحيم هجمات طالبان، قائلا إن مجموعته التابعة للكتيبة الثانية من فوج المشاة الأمريكى ال503، فى اللواء 173 المحمول جوًا، تعرضت لأكثر العمليات دموية ضد الجيش الأمريكى فى أفغانستان.
وحول تفاصيل الهجوم، الذى شنته مجموعة من عناصر طالبان على وحدته فى شرق أفغانستان فى أواخر 2008، والذى خلف تسعة قتلى بين صفوف القوات الأمريكية، قال تايلر ستافورد: «وجدنا أنفسنا فجأة وجها لوجه مع 200 من مقاتلى طالبان، الذين أطبقوا علينا من ثلاث جبهات، لتبدأ مواجهات شرسة، انتهت بمحاولة الناجين منا إنقاذ حياة بعضنا البعض، بعد سقوط تسعة قتلى وإصابة العشرات بجراح».
واستطرد: «عند إصابتى صرخت مناديًا صديقي، الجندى ماثيو فيليبس، طلبًا للمساعدة، لكن ما من مجيب، وعندها نظرت إليه، وسألته: هل أنت بخير؟ غير أنه لم يتحرك مطلقا، وكان ماثيو أول رفاقى الذين شهدت مقتلهم. وتابع «شاهدت رفيقى الآخر، الجندى جونثان آيرز.. كان مذهلا، لم يتوقف لوهلة عن إطلاق وابل الرصاص على عناصر طالبان، حتى أصابته قذيفة آر. بي. جي، فخر صريعا».
واسترسل بالقول: «الانفجارات دوت فى كل مكان، وكان هناك أكثر من 200 من مقاتلى طالبان يطلقون نيران أسلحتهم علينا.. كانت فوضى عارمة»، واصفا موقع الاشتباكات وهو يلقى بنظرة أخيرة عليه من على متن مروحية الإنقاذ، بأنه كان على غرار المواقع فى حرب فيتنام.
وبجانب الاعتراف السابق؛ فإن ما يزيد من مأزق ترامب، أنه فى 2001، وبعد الغزو الأمريكى لأفغانستان، تسابق المسئولون الأمريكيون، وعلى رأسهم وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد والرئيس الأسبق جورج بوش الابن، فى الحديث عن أن طالبان قد انتهت إلى غير رجعة، إلا أنه بعد 17 عاما من هذا التدخل العسكري، اتضح زيف الادعاءات السابقة، وأن طالبان لم تستمر فقط، بل تصاعدت أيضا قوتها عما كانت عليه فى السابق.
فاتورة باهظة
وتبقى الكلفة الاقتصادية للحرب فى أفغانستان، كابوسا آخر يؤرق الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وآخرها إدارة ترامب، فقد أظهرت تقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية فى واشنطن فى أغسطس 2017، أن الكلفة المباشرة للحرب فى أفغانستان بلغت 841 مليار دولار، بينما تقول تقديرات أخرى إن هذه الحرب، قد تجاوزت تريليون دولار، وقد تصل إلى 2 تريليون مستقبلا، وإنها تجاوزت نظيرتها فى فيتنام بمراحل، بينما الحرب الوحيدة، التى كانت الأعلى من حيث الكلفة، هى الحرب العالمية الثانية، التى بلغت كلفتها 4.1 تريليون دولار.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي» عن نيتا كراوفورد، منسقة مشروع كلفة الحروب فى جامعة «براون» الأمريكية، قولها: «إن كلفة الحروب الأمريكية فى كل من العراق وأفغانستان وباكستان منذ عام 2001 قد قاربت 5 تريليونات دولار من بينها 2 تريليون كلفة الحرب فى أفغانستان، بما فى ذلك الكلفة المتوقعة مستقبلا».
وتابعت «أما على صعيد الكلفة البشرية، فقد تجاوز عدد قتلى الحرب فى أفغانستان أكثر من 110 آلاف شخص، ما بين مدنى أفغانى ومسلح وجندي، وبلغ عدد قتلى القوات الأمريكية 2350 جنديا، إلى جانب إصابة 20092».
واستطردت الباحثة «320 ألف جندى أمريكى سابق خدموا فى العراق وأفغانستان يعانون آثار الإصابة فى الرأس، ومن أبرز تداعياتها الاضطرابات الذهنية والشرود، ومن بين هؤلاء هناك 8237 ممن يعانون إصابات شديدة فى الدماغ، إضافة إلى 1645 جنديا فقدوا جميع أو أحد الأطراف». وخلال عام 2016، أقدم 20 جنديا أمريكيا متقاعدا على الانتحار، حسب إحصاءات المركز الوطنى للجنود المتقاعدين.
كما أشارت الباحثة فى جامعة «هارفارد» الأمريكية ليندا بلايم، إلى أن نفقات الخدمات الطبية لقدماء المحاربين، ومعاقى الحرب خلال السنوات الأربعين المقبلة ستتجاوز تريليون دولار.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن تتبع تاريخ طالبان يضاعف ورطة أمريكا، ويرجح أنها لن تترك السلاح بسهولة.
فقد تشكلت هذه الحركة في البداية من الطلبة، الذى كانوا يدرسون فى المدارس الدينية فى باكستان، وبدأت تنتشر فى أفغانستان منذ 1994، ورحب الأفغان، الذين شعروا بالاستياء من الاقتتال الداخلى بين المجاهدين، الذى قاتلوا السوفييت، بظهور طالبان، خاصة بعد نجاحها فى الحد من الانفلات الأمني، فى المناطق الخاضعة لسيطرتها فى جنوب وغرب البلاد.
وفى 1996، استولت الحركة على العاصمة الأفغانية كابول بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس برهان الدين رباني، ووزير دفاعه أحمد شاه مسعود.
وبحلول عام 1998، كانت قد سيطرت على نحو 90 فى المائة من أفغانستان، وتعهدت بتطبيق الشريعة.
ووجهت للحركة اتهامات دولية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، كما قامت فى بداية 2001 بتدمير تمثالى بوذا فى باميان وسط أفغانستان، ما أثار حينها انتقادات دولية واسعة.
كما اتهمت واشنطن الحركة بتوفير ملاذ آمن فى أفغانستان لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 فى الولايات المتحدة، وفى 7 أكتوبر من العام ذاته، قام تحالف دولى بقيادة الولايات المتحدة بغزو أفغانستان، وتمت الإطاحة بطالبان من السلطة فى ديسمبر 2001.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.