كشفت أحداث إضرام النار بمكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني وعدد من مكاتب الأحزاب السياسية الأخرى في محافظة السليمانية الكردية أمس، عن حالة الغضب الذي ينتاب الأكراد الذين خرجوا في مظاهرات احتجاج ضد حكومة إقليم كردستان على خلفية التداعيات الكارثية التي لحقت بهم بسبب استفتاء الانفصال "غير الدستوري" في سبتمبر الماضي، وما اعتبره الأكراد خسارة فادحة جراء قيام حكومة بغداد المركزية بفرض عقوبات اقتصادية على الإقليم. وقد جاء هجوم الأكراد المحتجين على مكاتب الأحزاب السياسية في محافظة السليمانية، نتيجة سوء الأوضاع والأحوال المعيشية المتردية والمعاناة الشديدة بسبب عدم دفع رواتب الموظفين هناك، جراء العقوبات التي فرضتها الحكومة المركزية في بغداد ردا على خطوة الأكراد الانفصالية. ويشهد الإقليم أزمة سياسية طاحنة منذ استقالة رئيس الإقليم مسعود بارزاني في 29 أكتوبر الماضي وعدم تشكيل حكومة إنقاذ وطني حتى الآن، الأمر الذي دفع الأكراد الغاضبون إلى المطالبة باستقالة حكومة إقليم كردستان العراق ورحيل المسؤولين التنفيذيين وأعضاء الفروع التشريعية في حكومة الإقليم لاتهامهم بالفساد. يشار إلى أن رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني انتهت ولايته منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام وشرع البرلمان الكردستاني عام 2013 بمد فترة ولايته لعامين، لحين إجراء انتخابات رئاسية، الأمر الذي دفع المعارضة الكردية متمثلة في "حركة التغيير" والتي تمثل نحو ثلث الأكراد في البرلمان هناك، إلى المطالبة باستقالة حكومة كردستان، تمهيدا لتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء الانتخابات على منصب رئيس الإقليم. ويبدو أن توصيات البرلمان العراقي بمحاكمة مسعود بارازني لارتكابه جرائم تمس أمن الدولة وتهديد سلامة العراق ووحدة أراضية، ربما تدخل حيز التنفيذ لاحقا ضمن تنفيذ القرارات المتخذة من قبل المجلس الوزاري للأمن الوطني، وفقا لمراقبين للشأن الكردي وشئون الأقليات، حيث أصدر البرلمان العراقي، في جلسته الاستثنائية عقب إجراء الاستفتاء، قرارا بالمتابعة القضائية للمسئولين عن تنفيذ الاستفتاء، ومن بينهم مسعود بارزاني وتقديمهم للمحاكمة وفقا للقوانين العراقية النافذة، وكذلك سائر الموظفين الأكراد العاملين في مؤسسات الدولة الاتحادية. جدير بالذكر أن إقليم كردستان العراق يتمتع بإدارة ذاتية منذ عام 1970 حصل عليها بمقتضى اتفاقية أنهت حالة الحرب بين المعارضة الكردية والحكومة العراقية آنذاك.. وفي عام 1991 أصبح الحكم الذاتي للإقليم أمرا واقعا بعد أن فرضت قوات التحالف الدولي حظرا جويا شمال العراق خلال حرب الخليج الثانية.. وبإقرار دستور عراقي جديد عام 2005 أصبحت منطقة كردستان العراق كيانا اتحاديا ضمن حدود الدولة.