قررت الاستخبارات المركزية الأمريكية (سى آي إيه) توسيع نطاق عملياتها السرية في أفغانستان، وإيفاد طواقم عمل خاصة تتسم بصغر الحجم وعظم الخبرة في مجالات جمع المعلومات وتحليليها وتخطيط العمليات السرية والمهام الخاصة. ويأتي ذلك في ظل توافر معلومات تشير إلى تحرك (داعش) الإرهابي صوب أفغانستان لاتخاذها ساحة عمل جديدة لتموضع قواته المهزومة في كل من سوريا والعراق، وبالقدر ذاته يتجه التنظيم إلى الدفع بعناصره إلى أفريقيا. ومنذ العام 2001 فقدت الاستخبارات المركزية الأمريكية 18 من خيرة ضباطها في عمليات مكافحة إرهاب نفذتها (سى اى ايه) في أفغانستان من بينهم ثلاثة من ضباط المهام الخاصة المخضرمين لقوا مصرعهم فى شرق أفغانستان في العام الماضي وحده، وهو عدد يقول الخبراء إنه يعادل ما فقدته الاستخبارات الأمريكية في عملياتها إبان الحرب الفيتنامية قبل نصف قرن، وخلال النصف الأول من 2017 لقى 1662 مدنيا مصرعهم في أفغانستان فى عمليات إرهابية أصيب فيها 3581 مدنيا آخرين وذلك وفقا للبيانات الصادرة عن الأممالمتحدة. وكانت الخبرة العملياتية العظمى ل سى آي إيه منصبة في المقام الأول على التعامل مع تنظيمي القاعدة وطالبان وكلاهما كانا اللاعبين الوحيدين على الساحة الأفغانية، إلا أن الاستخبارات الأمريكية لاحظت اتساعا في نطاق أنشطة تنظيم (داعش) الإرهابي وسعيه إلى بناء تحالفات مع القبائل الأفغانية ومنازعة كل من القاعدة وطالبان نفوذهما في عالم الإرهاب على أراضى أفغانستان، ومن هذا المنطلق كان تحرك الاستخبارات الأمريكية الجديد لتطعيم عناصرها العاملة في أفغانستان بذوى الخبرة في مكافحة الإرهاب الداعشي كمتغير جديد للعمل جنبا إلى جنب مع من اكتسبوا خبرة التعامل مع طالبان والقاعدة. وبالنظر إلى شراسة (داعش) وحداثة تكتيكاتها مقارنة بالتنظيمات الإرهابية الأخرى..فقد عززت الاستخبارات المركزية الأمريكية من تشكيلاتها القتالية وأفراد العمليات الخاصة التابعين لها لمواجهة (داعش) في معاقله، وشن ضربات انتقامية استهدافية دقيقة لقياداته في أفغانستان تعتمد على المعلومات الاستطلاعية الجيدة والمزاوجة بين التجسس البشرى والتجسس الإلكتروني، ولعل هذا بحسب المراقبين هو ما يفسر تصريحات سابقة لمدير الاستخبارات المركزية مايك بومبيو قال فيها" إن عمليات (سى اى ايه) القادمة ستكون أكثر جرأة وذات طابع استباقى فى مواجهة الإرهاب. وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية واسعة الاطلاع أن محاولات جر طالبان إلى طاولة التفاوض قد يكون في حد ذاته محاولة لإخراجه من معادلة المواجهة مع القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان وتقييد حركة قادة طالبان إزاء أي تحالفات مرتقبة مع قيادات داعش لاسيما في المناطق القبلية الواقعة فى منطقة وزيرستان والجبال البيضاء على الحدود بين باكستانوأفغانستان. وأكدت أن نجاح هذه الاستراتيجية سيمكن مخططي العمليات الاستخبارية فى سى آى إيه من توجيه تركيزهم الأكبر صوب مواجهة العدو الداعشي وهو العدو " الأذكى" و"الأخطر" عملياتيا. ونقلت (نيويورك تايمز) عن خبراء مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قولهم" إن دخول (داعش) كمتغير جديد على ساحة مواجهة الإرهاب في أفغانستان قد أجبر الإدارة الأمريكية على إعادة النظر في حساباتها العسكرية هناك، وأوضحوا أنه بعد أن خفضت إدارة اوباما عدد القوات الامريكية فى أفغانستان بدءا من العام 2014 فإن ادارة الرئيس دونالد ترمب قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تعزيز تواجدها العسكري في هذا البلد إلى ما قد يصل إلى 50 ألف مقاتل جنبا إلى جنب مع القوات الأفغانية، وكانت إدارة اوباما قد استبقت ثمانية آلاف مقاتل في افغانستان حتى فبراير الماضى إلى أن دعمتهم إدارة ترمب بنحو ثلاثة آلاف مقاتل إضافي. وشهدت أفغانستان خلال الربع الثاني من العام 2016 / يونيو – سبتمبر / وقوع 5700 عملية إرهابية معظمها كان يحمل بصمات داعشية جرئية وغير معتادة.