شاء القدر أن يكون هناك العديد من أوجه الشبه بين محمود الخطيب، نائب رئيس الأهلي، والنجم الأسطوري بتاريخ النادي، ومحمد أبو تريكة، لاعب الفريق الذي أعلن اعتزاله مؤخرا، ليس فقط لكون الاثنين من أبرز من ارتدى الفانلة الحمراء على مدار تاريخهما، ولكن لوجود أكثر من شيء مشترك يجمع بينهما سواء من حيث البداية مع الملاعب أو كيفية الانتقال للأهلي، وذلك بشكل يربط بينهما كما لم يحدث مع لاعبين آخرين. وإذا كانت هناك العديد من العناصر التي ربطت بين اللاعبين غير أن ذلك لم يمنع وجود بعض المتناقضات بينهما، وهذه هى إحدى طبائع الأمور، ولكن بقيت حقيقة واحدة وهي حب الجمهور والشعبية الطاغية التي تمتع بها الاثنان رغم أن جيلهما ضم العديد من النجوم البارزين في تاريخ النادي ولكن بقي لكليهما "كاريزما" خاصة جدا صنعت منهما أسطورتين. أوجه الشبه ولعل أول عناصر الشبه بين بيبو والماجيكو أن كليهما جاء من نادٍ صغير، فالخطيب انضم للأهلي قادما من النصر أحد أندية القاهرة، وذلك في عام 1971 وهو في ال17 من عمره، أما أبو تريكة فقد ضمه الأهلي من نادي الترسانة عام 2004، وهو في ال25 من عمره، وإن كان هناك اختلاف في المرحلة السنية التي جاء كلاهما للمجد الأحمر بها. كما أن كليهما لعبا في نفس المركز بالخط الأمامي، والذي يفضل الخبراء وصفه بالرقم (9.5) أي تحت رأسي الحربة، خاصة أن الموهبة التي حباهما الله عز وجل تتناسب مع هذا المكان بالمستطيل الأخضر، لصناعة الأهداف للمنافس وكذلك للتسجيل في العديد من الأحيان. وعن شعبيتهما فحدث ولا حرج، فالخطيب كان ملء السمع والبصر طوال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وذلك رغم أنه لعب لجوار عدد من نجوم الأهلي التاريخيين، مثل إكرامي ومصطفى عبده ومصطفى يونس ومجدي عبد الغني وزكريا ناصف وعبد العزيز عبد الشافي وغيرهم، ولكن ظل الخطيب هو معشوق الجماهير واللاعب الذي تهتف باسمه الجماهير في كل مكان ودمية الحظ التي تجلب الانتصارات للفريق. أما أبو تريكة فلعب بالجيل الذهبي للأهلي الذي ضم عصام الحضري ووائل جمعة وعماد النحاس ومحمد بركات وسيد معوض وجيلبرتو وفلافيو وعماد متعب ومحمد شوقي وغيرهم، ولكن أبو تريكة احتفظ بمكانة خاصة لدى الجماهير الحمراء جعلت الكثيرين منهم يصفه بالقديس والماجيكو وتاجر السعادة، خاصة أن أهدافه التاريخية وفي مقدمتها ذلك الذي أحرزه في مرمى الصفاقسي التونسي كرس له هذه المكانة الاستثنائية. عنصر آخر جمع بين اللاعبين، وهي أن كليهما لعب في دورة الألعاب الأوليمبية، ولكن أبو تريكة سجل هدفين في حين أحرز الخطيب هدفا واحدا، فبيبو شارك في أولمبياد لوس آنجلوس عام 1984 حين وقع المنتخب المصري في المجموعة الرابعة، حيث جاءت البداية أمام إيطاليا وخسرنا وقتها بهدف قبل أن نفوز على كوستاريكا 4 /1، وسجل الخطيب وقتها الهدف الأول في حين تعادل منتخبنا 1/1 مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بالجولة الثالثة وتأهلنا لدور الثمانية، حيث لعبنا أمام فرنسا وخسرنا بهدفين نظيفين وودعنا البطولة. أبو تريكة أيضا نال هذا الشرف رفيع المستوى في أولمبياد لندن التي أقيمت العام الماضي، حيث لعبنا المباراة الأولى أمام البرازيل، وخسرنا بثلاثة أهداف مقابل هدفين وسجل أبو تريكة هدفا، قبل أن نتعادل مع نيوزيلندا بهدف ثم فزنا على بيلا روسيا بثلاثة أهداف لهدف وسجل أبو تريكة هدفا أيضا، وفي ربع النهائي خسرنا أيضا أمام اليابان بثلاثة أهداف نظيفة. كما أن هناك عنصرا سلبيا جمع الاثنين وأن كليهما لم يلعب في كأس العالم فلا الخطيب أحد أبرز اللاعبين في تاريخ الكرة المصرية شارك في المونديال، ولا أبو تريكة نجح في تحقيق أبرز أحلامه بالملاعب رغم اقترابه أكثر من مرة من نيل هذا الشرف، وكان آخرها قبل أسابيع في مباراة غانا الشهيرة. أوجه الاختلاف وإذا كان ما سبق هو أوجه التشابه بين الاثنين، لعل أبرزها أن بيبو نجح في الفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي عام 1983، وهي المرة الوحيدة التي فاز بها لاعب مصري بهذه الجائزة الاستثنائية، أما أبو تريكة ففاز فقط بلقب أفضل لاعب إفريقي داخل القارة، ولكنه نجح في احتلال المركز الثاني بجائزة أفضل لاعب إفريقي. كما أن الخطيب هو الهداف التاريخي للأهلي في البطولات الإفريقية برصيد 37 هدفا، أما أبو تريكة فسجل 31 هدفا فقط، وبعد اعتزاله ضمن بيبو الاحتفاظ بهذا الرقم لسنوات قادمة على الأقل. الخطيب ودع الملاعب وهو على القمة بعد التتويج ببطولة إفريقيا عام 1987 على حساب الهلال السوداني، أما أبو تريكة فكان الوداع بشكل درامي بعد مشاركته مع الأهلي في بطولة كأس العالم للأندية والخسارة بمباراتي جوانزو الصيني ومونتيري المكسيكي 2/ 0 و5/ 1 على الترتيب وربما لم تكن هذه هي الطريقة التي يفضل بها اللاعب مغادرة المستطيل الأخضر. أما أبو تريكة فيتفوق على الخطيب في عدد البطولات التي حققها مع الأهلي على المستوى القاري، فبيبو أحرز 5 بطولات حيث فاز بلقب دوري أبطال أفريقيا عامي 1982 و1987 و3 مرات بطلا للبطولة القارية أبطال الكؤوس أعوام 1984 و1985 و1986. أما أبو تريكة فيمتلك 10 بطولات إفريقية 5 منها بدوري الأبطال أعوام 2005 و2006 و2008 و2012 و2013 و4 بطولات سوبر إفريقي أعوام 2006 و2007 و2009 و2012. كما أن بطولات أبو تريكة أكثر من الخطيب مع المنتخب حيث فاز ببطولتي الأمم 2006 و2008 أما بيبو فلم يفز سوى ببطولة وحيدة عام 1986. أما أبرز أوجه الاختلاف بين الثنائي هو التوجهات السياسية، فالخطيب نأى بنفسه عن الخوض في هذا الشأن المتقلب الذي عادة ما يجلب على صاحبه مشاكل هو في غنى عنها، لا سيما اذا كان لاعب لديه شعبية. أما أبو تريكة فمنتمٍ أو على الأقل متعاطف مع جماعة الإخوان، وليس أدل على ذلك من دعمه للرئيس المعزول محمد مرسي في حملته الانتخابية وقد يكون الظرف السياسي التي مرت به مصر بعد ثورة 25 يناير،هو الذي تسبب في اظهار موقف أبوتريكة، لا سيما أن الخطيب لعب في فترتي السبعينيات والثمانينيات اللتين لم تشهدا حالة من الاستقطاب الذي نعيشه حاليا.