يحيي العالم غدا الاثنين، اليوم العالمي للموئل لعام 2017، تحت شعار "السياسات الإسكانية وتيسير الحصول على امتلاك المنازل". ويركز الاحتفال هذا العام على تشجيع جميع المستويات الحكومية والمعنيين على التفكير في كيفية تنفيذ مبادرات ملموسة لضمان السكن الملائم والميسور التكاليف. كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت في 17 ديسمبر العام 1985، أن يكون يوم الاثنين من الأسبوع الأول من شهر أكتوبر من كل عام يوما عالميا للموئل، وتم الاحتفال بهذا اليوم للمرة الأولى في العام 1986، ويراد من الفكرة عكس حالة بلداتنا ومدننا، وحق الجميع في مأوى ملائم، كما أنها تهدف إلى تذكير العالم بمسؤوليته الجماعية من أجل مستقبل الموئل البشري. وقال الدكتور جوان كلوس المدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) في رسالته بهذه المناسبة "إن التحضر والتنمية يرتبطان ارتباطا لا انفصام فيه، ولضمان فهم الجميع لهذه الرؤية بشكل صحيح، وتنفيذها بفعالية، نحتاج إلى معالجة عاجلة لجانبا حاسما من القدرة على تحمل تكاليف السكن". ولفت كلوس إلى أن هناك 1.6 مليار شخص يعيشون في مساكن غير ملائمة، ويعيش منهم مليار نسمة في أحياء فقيرة ومستوطنات عشوائية، ولذلك فإن ضمان القدرة على تحمل تكاليف السكن مسألة معقدة ذات أهمية استراتيجية للتنمية والسلام الاجتماعي والمساواة، ولتلبية الاحتياجات السكنية للفقراء والأكثر ضعفا، ولاسيما النساء والشباب يجب أن تكون الأحياء الفقيرة أولوية في جداول أعمال التنمية. وقال" إن الخطة الحضرية الجديدة تهدف إلى وضع سياسات الإسكان في صميم السياسات الحضرية الوطنية جنبا إلى جنب مع استراتيجيات مكافحة الفقر، وتحسين الصحة، وبينما نسعى جاهدين لخلق مدن للجميع، يتطلب الأمر اتخاذ إجراء عاجل لإنشاء مساكن ميسورة التكاليف". وأضاف" لقد أدى النمو العمراني على مدار السنوات الثلاثين الماضية إلى وجود عشوائيات مزدحمة ومستوطنات متمددة في الحدود والحواشي الحضرية، وتستهلك المدن الأراضي بصفةٍ متزايدة، كما يؤدي الضغط على الأراضي إلى زيادة في أسعارها ونتيجة لذلك تتدهور الظروف المعيشية". وأكد ضرورة أن تنطوي خطط توسعات المدن وزيادة كثافتها على هيكل عمراني منطقي للحد من تكاليف المواصلات وتوصيل الخدمات، ولتحقيق أقصى استفادة من الأراضي، ولدعم حماية المساحات العمرانية المفتوحة وتنظيمها. وتشير تقارير منظمة الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية "الموئل" إلى أن التوسع الحضري السريع يؤدي إلى استنزاف ملحوظ للمساكن والأراضي المتوفر بها الخدمات، وأنه بحلول عام 2030 سوف يحتاج نحو 3 مليارات شخص أو ما يقرب من 40 % من سكان العالم إلى إسكان ملائم وفرص للوصول إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل أنظمة المياه والصرف الصحي، ويترجم هذا إلى الاحتياج للانتهاء من 96.150 وحدة سكنية يوميًا، وأن تكون على أراض موثقة ومزودة بالخدمات. ولفتت التقارير إلى أنه لسوء الحظ وخصوصا في العالم النامي غالبًا ما يكون العرض محدود نتيجة لأنظمة الحوكمة غير الملائمة وأوجه القصور في الموارد البشرية، بالإضافة إلى أن المؤسسات واللوائح والتي تكون إما عفى عليها الزمن أو تفتقر إلى القدرات أو ضعيفة الإطلاع على مجريات الأمور. إن الشبكة المعقدة من العلاقات المتداخلة ما بين الاستدامة والإسكان تتناولها السياسات المعنية بالإسكان المستدام، تهتم هذه السياسات بمجموعة من الظروف الضمنية لتحقيق الاستدامة في تطوير الإسكان مع مراعاة الأبعاد الأربعة للإستدامة وهي الأبعاد البيئية، والاجتماعية، والثقافية والاقتصادية. ورغم أن الإسكان المستدام غالبا ما يؤخذ في الاعتبار من منظور (أخضر) لترشيد الموارد، إلا أن هذا الأمر يدعو إلى اتخاذ نهج أكثر شمولا والمتمثل في تناول الإسكان المستدام ليس كوحدات أو تجمعات لمبانٍ خضراء تتسم بالاكتفاء الذاتي فحسب وإنما أيضًا كممارسات إسكانية معززة اجتماعيًا وصديقة للبيئة تدخل ضمن أنظمة المستوطنات الحضرية الأوسع نطاقًا. وفي هذا الشأن من الممكن اعتبار الإسكان المستدام، وميسور التكاليف كامتداد لاستراتيجية المأوى الملائم للجميع والموضحة في جدول أعمال الموئل: المأوى الملائم يعني أكثر من مجرد سقف فوق الرؤوس..فإنه يعني المستوى الملائم للخصوصية، والمكان الملائم، والوصول الفعلي إليه، ومستوى الأمن الملائم، وضمان الحيازة، والمستويات الملائمة من الإنارة، والتدفئة والتهوية، والبنية التحتية الأساسية الملائمة مثل إمداد المياه، ومرافق الصرف الصحي وإدارة المخلفات، والمستوى المناسب للجودة البيئية والعوامل الصحية، وملاءمة الموقع وقابلية الوصول منه وإليه فيما يتعلق بالعمل والمرافق الأساسية، وهي جميعها أمور ينبغي توفيرها بتكاليف ميسورة. إن استراتيجيات الإسكان على المستويات الوطنية ومستويات المدن لا تنفصل عن استراتيجيات استخدام الأراضي، واستراتيجيات البنية التحتية، والتي تتضمن استراتيجيات التنقل والتنمية الاقتصادية المحلية، وجميعها يدخل ضمن عملية الإدارة والتخطيط الحضريين الشاملة والتشاركية وواسعة النطاق في إطار تنظيمي وقانوني داعم. وسوف تتمثل المخرجات المتوقعة لاستراتيجية الموئل العالمية للإسكان في إعادة وضع قضية الإسكان ضمن الحوار المعاصر العالمي المتعلق بالمدن الحيوية اقتصاديًا والمستدامة بيئيًا وثقافيًا والشاملة اجتماعيًا. وثمة دروس مهمة يمكن استخلاصها من تجارب البرازيل، والإكوادور، ومصر في هذا المضمار..فقد قدم برنامج الموئل الدعم إلى مصر فيما يخص تحديد حدود المدن الجديدة وكذلك هيكلة التوسع لخمسين بلدة صغيرة، ولدى الوكالة خبرة في المساعدة في دمج النازحين في الصومال وجنوب السودان مستخدمة هذه الأساليب. والهدف من دعم برنامج الموئل لتوسعات المدن المخططة هو زيادة كثافة السكان المقيمين والكثافة الاقتصادية في المجتمعات المكتظة مع تقديم الإرشاد في الوقت عينه لإعادة تنمية جديدة لمناطق أخرى أكثر ملاءمة للتنمية العمرانية، ويسهم هذا الأمر في تحقيق تنمية أكثر كفاءة واستدامة. ومن الخدمات المرتبطة بعمل برنامج الموئل تكييف أدوات التوسع وتخطيط الكثافة على المستويين الوطني والمحلي، وتوثيق تجارب التخطيط، وبناء قدرات المخططين، وأدوات التخطيط لمديري المدن وقاداتها، وتطوير خطط التوسع والكثافة، ودعم التنفيذ من خلال بناء الشراكات، وتطوير الحلول المالية لتنفيذ هذه الخطط، ويجب أن تتم التوسعات العمرانية في المدن وتنمية كثافتها السكانية بأسلوب تدريجي، باختيار بعض المناطق القابلة للتنمية في السنوات المقبلة مع نمو معدلات الطلب وإتاحة الظروف المالية.