أحيانًا لا أبدو جميلة، لا ليس هكذا، أحيانًا أبدو بشعة، لا يتعلق الأمر بالهالات السود ولا بالبقع الغامقة ولا بالحبوب الصغيرة عند أسفل الخد، الأمر أيضًا لا يتعلق بمزاجي المتقلب وشجاراتي مع المناخ والناس، الأمر متعلق بالوقت فقط، بعبارة "أحيانًا"، التي قد تدمر يومًا كاملًا، ربما تكون القباحة حادثًا عرضياً، تختفي آثاره في اليوم التالي. حسنًا يبدو الأمر تافها، لأنني كالعادة أتعذب في الطريق إلى المعنى، هل يتعذب الجميع مثلي؟ هل يأتي المعنى إليهم من طريقٍ آخر فيما يعذبني، وأحيانًا يفتك بي، أصل إليه في أغلب الأحيان، وقد انتهيتُ، ألم أكن أنا التي أعلم الناس استخدام اللامبالاة و"تبًا" إزاء كل هذا الهرج والمرج؟ حسنًا تبًا للمعنى! اسمع أيها المعنى، قلتُ لك أن تسمع: تبًا لك أيها البليد! خلف منزلنا طريقٌ جميل، مرصع بالورد، وتغني فيه سنونوات وبلابل طوال الوقت، هناك يتمشى كتابٌ كثيرون وشاعرات جميلات، جميلات بالمعنى المادي طبعا، هن أجمل مني أحيانا، لكنني أحيانا أكون أجمل منهن، وهكذا، وكلنا نكتب، لكنهن يملكن القدرة على المشي في ذاك الطريق الجميل، فيما يحتجزني المعنى بين أصابعه، في منزلٍ بلاستيكي، لا مناخ ثابت فيه، أريد أن أقول إن المعنى لا يحب المشاعر الثابتة، ولا يتمسك بفكرة ويقدسها، هكذا عرفت المعنى في بحثي عنه، في الواقع، أنا أغار من كل من يستطيع أن يمضي حياته سائرا في طريقٍ عادي جميل، وهذا ليس ضربا من الغرور، هذا نقصي، نعم أنا الآن أتحدث عن نقصي، أنا يا سادة أتمنى الجلوس معكم، والسير معكم وأكل الفستق ورمي القشور من أجل التناسل، أتمنى أن يصيبني الكسل وأن أتقبل انكساراتي ببساطة، أضعها أمامي، وأمضي بها ككل الناس، وأقول لله: هذه انكساراتي وأحبك، أنا يا سادة أعاني مرض قلة الانكسار، مرض الجهاد من أجل وردة ستموت في الطريق. حين لا أبدو جميلة، أتعذب حقا، في النهاية أنا امرأة، والنساء لا يتخاوين مع قبحهن مهما حدث، ومهما كن قبيحات، ألف سبب أختلق لنفسي، وألف مبرر لهذا الوجه الذي يكون أحيانا بلا رغبات وبلا حسن، مثلاً أقول إني متعبة اليوم، أو إني أعاني من قلة النوم، أقنع المخلوقات الفضائية التي أعيش معها بأنني أعمل بلا رحمة في هذه الأيام، وبأن الإرهاق يتفسر في الوجوه، وبأن هذه حقيقة علمية، وبأني لا أكذب، ولا أختلق الأفكار، حسنا حسنا، ربما تكون الأعذار صحيحة، لا أدري، لكن علي أن أعترف الآن بأن لا شيء يفرح المرأة كالأيام التي تبدو فيها جميلة، حتى وإن كانت تلك الأيام، سنوات حداد، وعليها فقط أن تحزن. أما بخصوص المعنى، ألم نكن نتحدث عن المعنى؟ تبا للمعنى!