في الفترة من 24 إلى 26 يوليو 2017م، نظم المجلس الأعلى للثقافة المنتدى الوطني عن «الوعي بالثقافة القانونية لمواجهة الإرهاب»، والذي اشتمل على العديد من الموائد المستديرة المتخصصة لدور الأطراف الفاعلة لتنمية الوعي بالثقافة القانونية لمواجهة الإرهاب. وقد حظيتُ بشرف الحديث في هذا المنتدى عن «دور مراكز الشباب والأندية الرياضية في تعزيز الثقافة القانونية لمواجهة الإرهاب». والواقع أن الحديث عن هذا الموضوع يقودنا لتناول قضية في غاية الأهمية، وتتعلق بالدور الثقافي للأندية الرياضية، إذ يثور التساؤل عن الدور المجتمعي للأندية الرياضية، وما إذا كان هذا الدور يقتصر على النشاط الرياضي البدني، أم يمتد إلى الجانب الثقافي. وفي حالة ما إذا كانت الإجابة بامتداد نشاط الأندية إلى جانب التوعية الثقافية، فإن تساؤلاً آخر يثور عما إذا كان هذا الدور يأتي على ذات القدر من الأهمية التي يحظى بها النشاط الرياضي أم لا؟ وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى بعض التعريفات الواردة في المادة الأولى من قانون الرياضة الجديد رقم 71 لسنة 2017م، ونعني بذلك تعريف «الهيئة الرياضية» و«النادي الرياضي» و«النادي الخاص» و«الخدمات الرياضية»، إذ تورد المادة الأولى من قانون الرياضة الجديد تعريف «الهيئة الرياضية» بأنها «كل مجموعة تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين أو من كليهما بغرض توفير خدمات رياضية وما يتصل بها من خدمات، ولا يجوز لتلك الهيئة مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو ديني أو الترويج لأفكار أو أهداف سياسية». أما «النادي الرياضي»، فهو «هيئة رياضية تكونها مجموعة من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، مجهزة بالمباني والملاعب والإمكانات لنشر الممارسة الرياضية». وتعرف المادة الأولى من القانون ذاته «النادي الخاص» بأنه «ناد يتم تأسيسه في شكل شركة مساهمة لتقديم الخدمات الرياضية للمشتركين وفقاً لقواعد الاستثمار في المجال الرياضي»، وتعرف المادة ذاتها «الخدمات الرياضية» بأنها «جميع الخدمات التي تقدم من خلال المجال الرياضي، وتتخذ الخدمات الرياضية صورة الإدارة أو التسويق أو التشغيل أو إدارة الألعاب الرياضية أو إنشاء الأندية الخاصة أو الأكاديميات أو الأندية الصحية أو مراكز اللياقة البدنية». وهكذا، تخلو التعريفات آنفة الذكر من الإشارة إلى أي غرض توعوي ثقافي للهيئات والأندية الرياضية والأندية الخاصة، بحيث تنص صراحة على أن غرض هذه الهيئات والأندية هو «توفير الخدمات الرياضية وما يتصل بها من خدمات». قد يقول قائل بأن المادة الخامسة والأربعين من قانون الرياضة المصري الجديد تنص على أن «يعمل النادي على توفير الخدمات الرياضية للأعضاء، وما يتصل بها من نواح ثقافية واجتماعية وترويحية، ويلتزم النادي الرياضي بتيسير الأنشطة الرياضية والاجتماعية والترويحية للأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام من الأعضاء وتدريبهم وفقاً للقانون». ومن ثم، قد يرى البعض في هذه المادة أن الدور التوعوي الثقافي للأندية الرياضية لم يكن غائبا عن ذهن المشرع عند وضع قانون الرياضة الجديد، ومع ذلك، يلاحظ أن صياغة النص تدل على أن الهدف الأساسي والرئيسي للنادي هو «توفير الخدمات الرياضية للأعضاء»، وأن اهتمامها بالأنشطة الثقافية قاصر على «ما يتصل بالخدمات الرياضية من نواح ثقافية واجتماعية وترويحية». ولتوضيح الأمر، ربما يكون من المفيد المقارنة بين النصوص الواردة في قانون الرياضة الجديد والنصوص النظيرة لها في القانون القديم، فوفقاً للمادة الأولى من قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة رقم 77 لسنة 1975م، «تعتبر هيئة أهلية عاملة في ميدان رعاية الشباب والرياضة في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين لا تستهدف الكسب المادي ويكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية والترويحية في إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط الذي يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة». ونجد هذا المفهوم الشامل أيضا في المادة الثانية والسبعين من القانون رقم 77 لسنة 1975م، بنصها على أن «النادي الرياضي هيئة تكونها جماعة من الأفراد بهدف تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة من النواحي الاجتماعية والصحية والنفسية والفكرية والروحية عن طريق نشر التربية الرياضية والاجتماعية وبث روح القومية بين الأعضاء من الشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم». ويبدو جلياً من هذه النصوص مدى اهتمام القانون القديم بالدور الثقافي للأندية الرياضية، بدرجة تفوق كثيراً ما هو مقرر في قانون الرياضة الجديد. ولزيادة الأمر إيضاحا، قد يكون من الملائم أن نقوم بعمل مقارنة بين النصوص الواردة في قانون الرياضة المصري الجديد وبين النصوص النظيرة لها في التشريعات الرياضية في بعض الدول العربية. فعلى سبيل المثال، وطبقاً للمادة الأولى من اللائحة الأساسية الموحدة للأندية الرياضية بالمملكة العربية السعودية، وتحت عنوان «التعاريف العامة»، «النادي هو مؤسسة تربوية رياضية ثقافية اجتماعية مرخص من الجهة المختصة ويتمتع بالشخصية الاعتبارية ويهدف إلى المساهمة في إعداد المواطن الصالح من خلال النشاطات والبرامج المناسبة وبما يتلاءم مع العقيدة الإسلامية والأهداف العامة للدولة». باستقراء لوائح الأنظمة الأساسية للأندية الرياضية المصرية، يلاحظ أن الأسماء الرسمية لها لا تشير إلى أي دور توعوي ثقافي. ولعل ذلك يبدو واضحاً في الاسم الرسمي للنادي الأهلي، وهو «النادي الأهلي للرياضة البدنية»، والاسم الرسمي لنادي الزمالك وهو «نادي الزمالك للألعاب الرياضية». والواقع أن الفرصة كانت سانحة بشكل أكبر في قانون الرياضة الجديد نحو إبراز الطابع الثقافي للأندية الرياضية، وذلك من خلال الفصل بين شركة النادي الرياضي لكرة القدم وغيرها من الألعاب الرياضية وبين النادي ذاته. وغني عن البيان أن اتخاذ النادي الرياضي شكل الشركة يتفق مع النظم العالمية الجديدة لإدارة أندية المحترفين، ويتسق مع متطلبات الاتحادين الدولي والإفريقي لكرة القدم، والخاصة بضرورة تأسيس شركات مساهمة تدير المنظومة الاحترافية لكرة القدم في الأندية. ووفقاً لهذا النظام، يتكون مجلس إدارة النادي المحترف (الشركة) من كبار حملة الأسهم، والذي يعين إدارة تنفيذية محترفة تدير كل شئون كرة القدم الفنية والاقتصادية، بينما يتولى مجلس إدارة آخر، منتخب من الجمعية العمومية للأعضاء العاملين (كما هو موجود في مصر في الوقت الحالي) إدارة شئون النادي الاجتماعية وتوفير الخدمات لأعضائه، إلى جانب الفرق الرياضية غير المحترفة. والمأمول هو أن يتم تدارك هذا الأمر من خلال لوائح النظام الأساسي للأندية الرياضية، والتي تجري إجراءات اعتمادها حالياً من خلال عقد جمعيات عمومية خاصة لهذه الأندية. والله من وراء القصد.