لم يكن يتوقع محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان المحظورة، أن بني سويف سوف تتحرر من قبضة تنظيمه القطبي بهذه السرعة، وربما ظن أن ما حدث في 30 يونيو هو حالة عامة، ولكن لم يكن يظن على أسوأ تقدير أن تبدأ بني سويف، بدق أول مسمار شعبي في نعش جماعته. نجح أبناء محافظة بني سويف، في تصحيح وضعهم وخرجوا من عباءة الإخوان، في بلد ظل يصفوه بأنه بلد المرشد، تحررت من القيد، وأعلنت عن أنها تقود قاطرة الحرية. "بني سويف تقود" خرجت مصر كلها يوم 30 يونيه، ولكن بني سويف هي المحافظة الوحيدة التي خرجت في 27 يونيو، ليس هذا فقط، بل إن أبناء بني سويف هم من رفعوا مطالبهم الشعبية بطرد المرشد من بني سويف، وهتف ضده بهتاف لازال يحفظه ويردده تلاميذ المدارس "يا عمار قول لأبوك السوايفة بيكرهوك"، بل تحرك عدد من الشباب الغضب قبل 30 يونيه وفي عز قبضة مرسي على الحكم وأشعلوا النيران في بيت مرشد الجماعة، ليس هذا كل الحقيقة، وإنما كان حرق مقار الإخوان وحزبها الحرية والعدالة قبل 30 يونيو هو بمثابة صدمة لكل الإخوان، فالمحافظة التي كانوا يعتبرونها الظهير رقم واحد لهم، هي أول من لفظتهم. "في نقابة المحامين" وفي قلب القاهرة وفي أعرق النقابات المصرية، خرجت من بني سويف سيارات تحمل مئات المحامين، لجمعيتهم العمومية، والتي أجريت منذ أسبوع، وتلقت الجماعة صدمة عندما فوجئت بحشود محاميي بني سويف الغير متوقعة، وافتعل الإخوان مشكلة لاستبعاد صندوق تصويت نقابة بني سويف. "نقابة الأطباء" بدأت بني سويف التحرر من قبضة المرشد ورجاله، ففي أول انتخابات داخل نقابة الأطباء الفرعية ببني سويف، عقب ثورة 25 يناير، خسرت الجماعة منصب النقيب، والذي كان مرشحا له الدكتور صلاح متولي القيادي الإخواني المعروف، وكانت هذه هي بداية التحول، حيث فاز الدكتور شهاب إبراهيم وعدد من الأطباء المستقلين. وبالأمس قدمت بني سويف نموذجًا في تلقين الإخوان درسًا قاسيًا، حيث انحاز أطباء بني سويف للدولة المصرية، وتبرأوا من عباءة المرشد وكهنته، ولأول مرة في تاريخ المحافظة، يلحق بالمحظورة هذا السقوط المدوي الذي بلغ حد الإهانة السياسية. وكان مشهد الأمس غاية في الدقة، حيث تقدم الدكتور الإخواني عطوة ياسين بتنازل لصالح قائمة أطباء من أجل مصر، كما أعلن الأطباء إبراهيم بولس، تامر محمد صابر، محمد عبدالعظيم، انسحابهم، لصالح قائمة الاستقلال، ومع بداية الانتخابات افتعلت المحظورة كل المحاولات لإفشال الانتخابات، وحاولت منع 100 طبيب من التصويت بحجة عدم تسديدهم الاشتراكات، وكانت الصدمة في وجود كشف من المستشفى العام بأسماء الأطباء المسددين وأرقام قسائم السداد، ورغم استغلال الجماعة لإمكانياتها، وإحضارها لمؤيديها بالسيارات من القرى نظرًا لسوء حالة الجو، ولكن مع دقات الساعة العاشرة، كانت الكلمة الفصل، بني سويف هزمت الجماعة في أقوى حصنا لها، أطباء بني سويف حرروا نقابتهم، وانحازوا للدولة ضد التنظيم، وأسقطوا كل مرشحي الجماعة، وفازت قائمة الاستقلال كاملة، 4 للنقابة الفرعية، و3 للنقابة العامة، وواحد لشمال الصعيد. " الصعيد" أبناء بني سويف ردوا على قيام الإخوان بحرق مؤسسات الدولة وتخريب المحافظة، وهزموا الإخوان هزيمة منكرة في موقعة 13 ديسمبر، ولكن الغريب كان في موقف محافظة الفيوم، فهل يعقل أن يفوز الإخوان بكل مقاعد النقابة الفرعية بالفيوم، ألم ير أطباء الفيوم كيف حرق الإخوان محافظتهم في 14 أغسطس، الأمر هناك يحتاج لتفسير، خاصة وأن الفيوم هي أقرب محافظات الصعيد للعاصمة، والفيوم هي من أحرق جسدها التطرف قبل غيرها.