في مطبخ مشبع بالبخار داخل مطعم بالعاصمة الاندونيسية جاكرتا، يقلب الطباخ مايكل كينزو ببطء مقلاة كبيرة ممتلئة بلحم داكن اللون مختلط بالفلفل والتوابل، والعرق يسيل على وجهه. ويتطوع كينزو، دون أن يسأله أحد، قائلا «هذا لحم كلاب... نحن نطهي منه نحو 20 كيلوغراما يوميا». ويطلق على هذا الطبق اسم (ريكا-ريكا)، وهو أحد الأطعمة الغريبة التي تحتوي على لحوم حيوانات مثل الخفافيش والقردة والثعابين وتشتهر بها منطقة ميناهاسا بإقليم سولاويسي الشمالي بإندونيسيا. ويقول خبراء إن البيانات الموثوقة في شأن حجم تجارة لحوم الكلاب في اندونيسيا نادرة جدا، ما يجعل من الصعب تحديد معدلات استهلاكها، لكن بعض المدافعين عن حقوق الحيوان وأصحاب المطاعم يقولون إن الشهية في تزايد تجاه تناول لحوم الكلاب حتى بين أفراد الجماعات العرقية الذين لا يأكلون عادة لحوم الكلاب. وفي منتجع جزيرة بالي وحدها يتم ذبح وتناول ما بين 60 ألف إلى 70 ألف كلب سنويا، على الرغم من المخاوف المستمرة في شأن انتشار داء الكلب، وذلك عقب تفشى المرض هناك قبل بضع سنوات، وفقا لجمعية بالي للرفق بالحيوان. وتقول لولا ويبر، من مؤسسي جمعية «تشانج فور أنيمالز فونداشن»: «نعلم أن عشرات الملايين من الكلاب لا تزال تذبح سنويا في جميع أنحاء آسيا لتلبية الطلب على لحومها». وتابعت «ورغم ذلك... فإن شعبية لحوم الكلاب في هبوط شديد بين الأجيال الشابة، خاصة مع ما نشهده من ازدياد في ملكية الحيوانات الأليفة». وفي مطعم تينور بيرماي، الذي يعمل فيه كينزو والواقع بوسط جاكرتا، يستمتع أندرو مورلاندو بوجبة الغداء مع زملائه بعد انتهاء قداس الأحد في الكنيسة. وأمامهم على الطاولة بعض من الأناجيل. ويوضح مورلاندو: «في عائلتي، أكل لحوم الكلاب تقليد... لقد تناولت لحوم الكلاب منذ أن كنت طفلا». ويهز أصدقاؤه، الذين يشاركونه أيضا أكل لحوم الكلاب والخنازير، رؤوسهم في تعبير عن تأييدهم له. ويقول مورلاندو (37 عاما)، الذي تنحدر أسرته من مدينة مانادو الواقعة في مقاطعة سولاويسي الشمالية وتقطنها أغلبية مسيحية، إن «طعمها لذيذ، تماما مثل غيرها من اللحوم، بالإضافة إلى أنها تبقي دمي دافئا». وليس من الصعب العثور على لحوم الكلاب في جاكرتا حيث يعد تناولها قانونيا، على الرغم من أن نحو 85 في المئة من سكان إندونيسيا البالغ عددهم 250 مليون نسمة مسلمون. وتناول لحوم الكلاب غير جائز للمسلمين، بالإضافة إلى أن الكثيرين منهم يعتبرون الحيوان نجس وغير نظيف، ولكن رغم ذلك، فإن عدد المسلمين الذين يأكلون لحوم الكلاب في ازدياد، كما يعتقد كينزو. ويقول كينزو: «أعرف حاجا يشتري لحوم الكلاب بانتظام من هنا»، في إشارة إلى مسلم أدى فريضة الحج إلى مكة. ويضيف كينزو: «يعتقد الكثير من الناس أن لحوم الكلاب لها خصائص صحية مثل تعزيز الفحولة، وعلاج الربو ومشاكل الجلد». ولكن الخبراء يقولون إن معظم الفوائد الصحية المزعومة مجرد خرافات، بل هناك مخاطر صحية مرتبطة بتناول لحوم الكلاب، من بينها الإسهال الناجم عن بكتيريا الكوليرا.