انتشر الباعة الجائلون بمحافظة الإسماعلية وأصبحوا يحتلون أماكن حيوية بفرض سيطرتهم وبلطجتهم، مستغلين الانفلات الأمني عقب الثورة، واحتلت فرشاتهم الطرق السريعة والرئيسية بين مدن ومراكز المحافظة مما يمثل قنبلة موقوتة في انتظار الانفجار في أي وقت، مع نشوب الخلافات بين الباعة والزبائن الذين يتوافدون على الشراء بالآلاف، خاصة في أيام معينة مع عرض بضائع رخيصة يقبلون عليها، ويترك الباعة مخلفاتهم التي تزعج السكان وتنبعث منها الروائح الكريهة التي تصيبهم بعديد من الأمراض، على مرأى ومسمع من المسئولين الذين يضعون "ودن من طين وأخرى من عجين" رغم ما يسببه هؤلاء الباعة من حوادث طرق تتكرر بصفة مستمرة. في البداية تقول عائشة يوسف، موظفة، إنها تعاني أمر المعاناة من انتشار الباعة الجائلين في كثير من الأماكن الحيوية بالمحافظة التي تهدد استقرار الحالة المرورية، وخاصة في فترة الذروة حيث خروج الموظفين بالتزامن مع انتهاء اليوم الدراسي، مما يتسبب في كثير من الحوادث المرورية وتابعت، إن الباعة الجائلين يتفننون في اختيار الأماكن التي يرونها الأنسب في ترويج بضائعهم، التي تتمثل في الأرصفة ومداخل الوحدات السكنية، مما يؤدي إلى إصابة كل الميادين والشوارع بحالة من الشلل، بسبب انتشار فوضى الانشغالات . ويشاركها في الرأي إبراهيم علي، طبيب أطفال، الذي أكد أن مخلفات تلك الأسواق العشوائية أدت إلى انتشار أكوام القمامة، كما احتل الباعة الجائلون جميع الشوارع، مشيراً إلى أن الباعة الكائنين بمنطقة الثلاثيني بوسط المدينة وبالقرب من سوق الجمعة شغلوا الأماكن المحيطة بالسوق، ولا يستطيع أي مواطن السير بدون مضايقة، ولا ندري لمصلحة من هذه الفوضى؟. واستكمل أحمد عبد الله، من أهالي قرية القصاصين، أن الباعة المتجولين احتلوا شوارع المدينة الرئيسة والفرعية والجانبية، ومداخل الوحدات السكنية والمحلات، الأمر الذي أدى إلى وقوع مشاجرات عديدة بين أصحاب العقارات والباعة الجائلين، لكن دون تدخل المسئولين عن الوحدات المحلية وشرطة المرافق "التي تنام في العسل"، ولا تسعى لإنهاء تلك المهزلة، حسب وصفه. وأكدت فاطمة محسن، ربة منزل، أن محيط معظم الأسواق المقننة بالمحافظة تشهد زحاما خانقا بسبب تزايد الخيام المخصصة لعرض السلع والبضائع العشوائية كالخيام والطاولات التي أصبحت متراصة باستمرار على جميع الشوارع، واحتلت الركن المخصص للسيارات، واتخذته مكاناً دائماً لحركة بيعها اليومية. فيما أعرب أهالي مدينة التل الكبير عن غضبهم من عشوائية تنظيم الأسواق وسط الكتل السكنية، بسبب الأصوات المرتفعة المستمرة مؤكدين أن نتائج تواجد تلك الأسواق سلبية بسبب ما ينتج منها من تلوث بصري وسمعي، ناهيك عن الأزمات المرورية وأعمال الشغب والبلطجة بين الباعة حيث تواجدهم الدائم بالشوارع الرئيسية للمدينة، مما يرغمهم على غلق النوافذ بشكل دائم لتفادي دخول الحشرات والروائح الكريهة التي تزكم الأنوف إلى داخل البيوت، ويتفاقم الوضع مع هطول الأمطار حيث تختلط المياه بالقمامة وتنتشر بجانبها الحيوانات. وتتحول هذه المنطقة مع حلول الليل إلى ملجأ للمنحرفين، لتبقى هذه السوق طيلة السنة، وخاصة خلال الصيف، مصدر إزعاج للسكان المجاورين. لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بمحافظة الإسماعيلية مدينة السحر والجمال، بل تطور ليصبح أكثر تعقيداً حينما نرى سلاسل من الباعة الجائلين على قضبان السكك الحديدية قد افترشوا بضاعتهم من الملابس والأحذية القديمة، التي تلقى قبولاً كبيراً من الأهالي لرخص أسعارها والذين يتوافدون بالآلاف خاصة يوم الخميس مما يهدد بوقوع كارثة أثناء قدوم القطارات الذي سيخلف وراءه عشرات القتلى والمصابين. كان اللواء جمال إمبابي، محافظ الإسماعيلية الأسبق، افتتح سوق حي السلام الجديد للباعة الجائلين، على مساحة 1500 متر مربع بمدينة الإسماعيلية بتكلفة 157 ألف جنيه. وقال إمبابي - في تصريح صحفي - "إن السوق الجديدة تضم 184 موقعاً لاستيعاب 920 من الباعة الجائلين، ما يُعد لمسة حضارية جديدة تضاف لمدينة الإسماعيلية، وتم تزويدها بجميع الخدمات والمرافق التي تشمل الإضاءة وشبكات مياه الشرب النقية والصرف الصحي، ضمن منظومة إنشاء 11 سوقاً بديلة للباعة الجائلين بالإقليم، بينها 5 أسواق بمدينة الإسماعيلية". وأشار إلى أن "تلك الأسواق تحت الإشراف الكامل والمتابعة المستمرة من جانب الوحدات المحلية والأجهزة الرقابية التموينية". ومن جانبه أكد أحمد بدران، رئيس مركز ومدينة القصاصية بالإسماعيلية، أنه تم بالفعل إزالة جميع الانشغالات التي تنتشر بمدخل المدينة وأضاف أن هناك أسواقا بديلة للباعة الجائلين بلغ عددها 46 محلاً، بينها 17 محلاً خرسانيا، و29 محلاً حديدياً، بتكلفة بلغت 250 ألف جنيه. وعلى صعيد آخر شنت مديرية أمن الإسماعيلية عدداً ليس بقليل من الحملات الأمنية في إطار إعادة فرض الشرعية وسيادة القانون وإعادة الانضباط إلى الشارع، خاصةً في مجال إزالة التعديات والإشغالات الواقعة على المرافق العامة والطرق. كما شدد اللواء أحمد القصاص محافظ الإسماعيلية على ضرورة رفع الإشغالات من الشوارع لاستعادة انتظام الحركة المرورية للسيارات وحركة المارة، كما قام بعدة جولات ميدانية بمراكز ومدن المحافظة لمتابعة ما تم تنفيذه من خطة المحافظة لرفع جميع الإشغالات وتقنين أوضاع الباعة الجائلين. كما أصدر قراراً بتجرم التعدي على أملاك الدولة، مؤكداً على ضرورة التصدي بكل حسم لجميع أشكال التعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والقضاء عليها تمامًا بالتوازي مع أعمال إزالة ورفع جميع الإشغالات دون أي تهاون.