السبت.. حفل تأبين عالم الآثار مصطفى العبادي بمكتبة الإسكندرية

تنظم مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع قسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وجمعية الآثار بالإسكندرية، يوم السبت المقبل، حفل تأبين الأستاذ الدكتور مصطفى العبادي صاحب فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة وإنشاء مكتبة الإسكندرية الجديدة، ويأتي ذلك في إطار معرض الإسكندرية الدولي للكتاب الذي يقام في الفترة من 23 مارس إلى 4 أبريل، حيث تم تخصيص شخصية المعرض هذا العام للدكتور مصطفى العبادي نظرًا لإسهاماته في الفكر الإنساني وكونه صاحب فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية.
عمل العبادي منذ سبعينيات القرن العشرين على دفع الجهود المحلية والإقليمية والدولية التي أدت إلى ظهور مكتبة الاسكندرية للنور كمؤسسة بحثية وثقافية. كما استمر دعمه للمكتبة موصولا بلا انقطاع، علميا ومعنويا وعلى كافة الأصعدة منذ افتتاحها وحتى وافته المنية في الاثنين الموافق الثالث عشر من فبراير من عام 2017، حيث قدم للمكتبة فيضًا من الخبرة والجهد والعلم بلا حدود، وشارك في العديد من المشروعات البحثية والمؤتمرات والأنشطة العلمية بالمكتبة، ومنها مشروع الإسكندرية بقطاع المكتبات، ومركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط، ومركز الخطوط ومركز الدراسات القبطية بقطاع البحث الأكاديمي، ومتحف العلوم، ومتحف الآثار والقبة السماوية، بقطاع التواصل الثقافي وغيرها، كما كان له دور فاعل في إطار جمعيات أصدقاء مكتبة الإسكندرية حول العالم، وتولى رئاسة الجمعية المصرية لأصدقاء مكتبة الإسكندرية.
وكان قد أوصى بإهداء مكتبته الخاصة ومكتبة زوجته الأستاذة الدكتورة عزة كرارة، أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، إلى مكتبة الإسكندرية بعد وفاته، وقد تلقت المكتبة هذا الإهداء القيم بكل الامتنان والتقدير، ليستمر عطاء الأستاذ الدكتور مصطفى العبادي للمكتبة موصولا حتى بعد وفاته، لخدمة القراء والباحثين وخدمة البحث العلمي، وسوف تعمل المكتبة على إتاحة هذا الإهداء المتميز للجمهور في أقرب فرصة.
ويعد الدكتور مصطفى العبادي أحد أهم أعمدة الدراسات الكلاسيكية في مصر والوطن العربي بل وعلى مستوى العالم أيضا، خاصة تلك المتعلقة بمدينة الإسكندرية، حيث اهتم بدراسة تاريخ المدينة وحضارتها من مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والفكرية والعلمية.
فكان رحمه الله من الأساتذة القلائل الذين كرسوا جانبًا كبيرًا من اهتمامهم لدراسة تاريخ العلوم وإبراز دور علماء الإسكندرية القديمة في هذا المجال عبر العصور. كما كان من رواد الدراسات البردية اليونانية والعربية، ومن القلائل المتخصصين في دراسة البردي خلال القرون الأولى للفتح العربي لمصر. ويعد الدكتور مصطفى العبادي مؤسسًا لعلم الآثار الغارقة بمدينة الإسكندرية ومصر، سواء من خلال العمل الأكاديمي أو من خلال رئاسته لجمعية الآثار بالإسكندرية. كما قاد العديد من حملات الإنقاذ لآثار الإسكندرية الأرضية والبحرية والغارقة، واهتم كثيرا بالتوعية العامة لغير المتخصصين، في مصر وخارجها، بالتراث السكندري والمصري عبر العصور.
ولد العبادي في القاهرة عام 1928، وحصل على درجة الليسانس في التاريخ القديم من جامعة الإسكندرية عام 1951. كما حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج عام 1960. وقام بالتدريس بجامعة الإسكندرية منذ عام 1961، كما تولى رئاسة قسم الحضارة اليونانية والرومانية في الفترة من 1973 إلى 1976، وكان وكيلًا لكلية الآداب لشئون التعليم والطلاب في الفترة من 1976 إلى 1979. كما قام بالتدريس في عدد من الجامعات العربية والعالمية، منها جامعة بيروت العربية وجامعة الكويت، وجامعات في العراق والنسما وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والجزائر وقطر.
نال الدكتور مصطفى العبادي، العديد من التكريمات المحلية والعربية والدولية، منها جائزة كفافيس في الدراسات اليونانية القديمة (اليونان 1997)، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية (مصر 1998)، وجائزة "طه حسين" وهى أرقى جوائز جامعة الإسكندرية (مصر 2005)، والدكتوراه الفخرية في الدراسات الإنسانية من جامعة كيبيك في مونتريال (كندا 2005)، وجائزة النيل (مصر 2013)، ووسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى (مصر 2014).
وكانت مكتبة الإسكندرية قد قامت بتكريم الدكتور مصطفى العبادي في أكثر من مناسبة، كان آخرها الندوة التي عقدها مركز الخطوط بقاعة المؤتمرات بالمكتبة في 19-20 أكتوبر 2016، تحت عنوان "كتابات ونقوش يونانية ولاتينية: أوراق بحثية مهداة إلى الأستاذ الدكتور مصطفى العبادي"، وشارك فيها تلاميذه من الأستاذة والباحثين الذين تخصصوا على يديه في الدراسات اليونانية والرومانية والدراسات التاريخية بشكل عام من مختلف الأجيال التي أفادها، رحمه الله، بعلمه الوفير الواسع؛ وكذلك تكريمه في إطار "مؤتمر الاسكندرية الدولي للآثار البحرية والغارقة"، والذى نظمه مشروع الإسكندرية بالمكتبة بالاشتراك مع الإدارة المركزية للآثار الغارقة بوزارة الآثار، بمناسبة مرور عشرين عاما على إنشائها.