اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، نتاج لفشل الحرب على الإرهاب، وليس أمام أمريكا إلا أن تتنازل عن سيطرتها على شعوب المنطقة. وتتساءل الصحيفة: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ منذ ثلاثة أشهر مضت وأمريكا وبريطانيا وفرنسا تستعد لهجوم آخر على بلد عربي ومسلم، وسوريا دمرتها الحرب غير المتوقعة وغير المسبوقة، وأوقف تصويت لنواب بريطانيين محاولة التصعيد، وشدد الكونجرس في مقاومته لضرب النار على دمشق. وتخلص الصحيفة في تقريرها المعنون ب"أمريكا لن تترك الشرق الأوسط لسوء الحظ" إلى أن اتفاقية جنيف تعكس الاعتراف بالواقع بعد 12 عاما من الحروب الفاشلة للتدخل في منطقة الشرق الأوسط، ففي سوريا مثلا على الرغم من "التدخل السري" للدول الخليجية والغربية إلا أن نظام الأسد يكسب الأرض بمرور الوقت، ومعسكر المتمردين ينزلق إلى المزيد من قبضة الجهاديين الطائفيين المرتبطين بتنظيم القاعدة. وفيما يتعلق بإيران فقد عززت من نفسها بشكل كبير بسبب حرب الغرب على الإرهاب، والغزو الأمريكي والبريطاني للعراق على وجه الخصوص، إلا أنها تأذت بسبب فرض العقوبات وحملة الإغراءات والتخريب التي تشنها أمريكا وإسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أن ما تغير في الشرق الأوسط هو تكاليف المواجهة مع إيران التي تصاعدت بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، وتضاءلت مصداقية الهجوم الشامل على إيران، وحلفاء الغرب من العرب في حالة اضطراب أو منغمسين في حرب طائفية إقليمية لا يمكن الفوز فيها، أما إيران فهي وفقا للصحيفة، بيدها مفاتيح الصراعات في الشرق الأوسط التي تريد أمريكا نزع فتيلها أو تسويتها من فلسطين إلى أفغانستان. الفوضى والتيارات العابرة التي تعج بها الشرق الأوسط ما هي إلا نتاج للحرب على الإرهاب والانتفاضات العربية التي خرجت قبل نحو ثلاث سنوات. وتحاول الصحيفة رسم خريطة التكتلات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل والنظام المصري، وصفته الصحيفة "بالعسكري العلماني"، إضافة إلى إسلاميين في العراقوسوريا تدعمهم السعودية، بينما في الجانب الآخر نجد الإسلاميين والأتراك الذين يدعمون المتمردين السوريين يحاولون الاقتراب من إيران. اتفاقية جنيف وفقا للصحيفة هي "مقياس الواقعية" في المنطقة التي انقلبت رأسا على عقب في تحالفات "غريبة" ، حيث إسرائيل الدولة اليهودية العلمانية مع السعودية الطائفية السنية يتعاونان ضد إيران، وكلاهما يدعمان الهجوم على سوريا ويدافعان عن السلطة الجديدة في مصر التي أطاحت بالرئيس الإسلامي في يوليو.