يتولى الرئيس البلغارى المنتخب الجنرال رومن راديف، مهام منصبه فى 22 يناير القادم، بعد معركة انتخابات رئاسية جرت بشهر نوفمبر الماضى فى جولتين مع مرشحة الحزب الحاكم "حزب مواطنين من أجل التطوير الأوربي" الذى يتولى رئيسه بويكو بوريسوف منصب رئيس الوزراء فى حكومة ائتلافية يمينية قدمت استقالتها عقب إعلان النتائج وفوز الجنرال راديف –المدعوم من اليسار الاشتراكي- بأغلبية ساحقة. الجنرال راديف صرح منذ يومين، وبشكل قاطع، عزمه حل البرلمان القائم الذى لم يعد يمثل الناخبين وتنفيذا لتطلعاتهم، حيث تتشكل الأغلبية البرلمانية من حزب رئيس الوزراء المستقيل، فوعد "راديف" بسرعة تشكيل حكومة تصريف أعمال أولى مهامها التحضير والإعداد للانتخابات البرلمانية المبكرة التى ستجرى إما أواخر شهر مارس المقبل أو أوائل شهر أبريل من العام الجاري. لن تنحصر مهام الرئيس الجديد المنتخب جنرال راديف فى ترتيب أوضاع مؤسسة الرئاسة التى بها الكثير من الملفات الشائكة التى تركها لها خلفة النيوليبرالى اليمينى "روسن بلافنلاليف" وعلى الرأس منها ملف العلاقات البلغارية الروسية التى شهدت انحدارا مخيفا فى ظل سيطرة اليمين البلغارى وخضوعه لابتزاز واشنطن وبرلين، فضلا عن الصراع الدائر والحرب فى سوريا والعراق وعامة الموقف من قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا. هذا فى مجال السياسات الخارجية، أما على مستوى الداخل فى انخفاض حاد لمستويات المعيشة وتفاقم البطالة والفساد والرشوة المتفشية بأجهزة ومؤسسات الدولة. الجنرال راديف أدلى بتصريحات على شكل رسائل مفادها أنه سيتخذ سياسات من شأنها عودة الثقة للعلاقات البلغارية الروسية، على ان تكون فى الوسط وفقا لما تتطلبه مصلحة الوطن، وكذلك بمجال العلاقات البلغارية الأمريكية والأوربيه، وفسرت هذه الرسائل على أن راديف رجل موسكو وهو ما أشار الية الاعلام الأمريكي والأوربي، بل إن الرئيس البلغارى المنتهية ولايته ناشدة اليوم باتخاذ موقف حازم من موسكو وفقا لسياسات صقور واشنطن والغرب الأوروبي. على هذا المنحى وبنظرة سريعة للجنرال المتمرد على سياسات اليمين النيوليبرالي، فقد تولى منصب قائد القوات الجوية حتى شهر أكتوبر الماضي، واستقال لخلاف مع الحكومة بسبب عملية إصلاحات طائرات الميج التى أصرت الحكومة على القيام بإصلاحها ببولندا بدلا من روسيا المصدر، والمكلف بموجب عقود سارية ووزير الدفاع "نيكولاى نانشيف" الذى يخضع حاليا لتحقيقات نيابية بشأن رشاوى وسوء استخدام السلطة فى مناقصات علنية للوزارة. إذن راديف رجل ينتمى لمدرسة العسكرية الوطنية بدون خلفية سياسية، يعكف اليسار الاشتراكى على تشكيلها بخبرائه. هكذا تبدو أن خيارات راديف لتشكيل الحكومة لن تكون بالهينة، فالرجل يريد إثبات حسن النوايا بأنه رئيس لكل البلغار –على هامش تصويت الآلاف له من أحزاب أخرى بجولة الإعادة، فحكومة تصريف الأعمال التى سيقوم بتشكيلها واختيارها لا بد أن تتضمن عناصر مقبولة من الناخبين على مختلف مشاربهم السياسية وانتماءاتهم، هذا من جهة ومن أخرى عدم خضوعه لسياسات اليسار الاشتراكى فى عملية وآلية التشكيل واختيار الوزراء. هكذا تبدو أعقد مشكلة للرئيس الجديد راديف، فمن ناحية لن يكون رئيسا وفقط وإنما رئيس وزراء تنفيذى بالمتابعة والإشراف المستمر بل وضع برنامج لهذه الحكومة للخروج من أزمة سياسة واقتصادية تعصف بالمجتمع وفق الآمال الشعبية المعقودة عليه، خاصة فى ظل توقعات محللين ووكالات استطلاع الرأى العام بتساوى نتائج الحزبيين الكبيرين الاشتراكى وحزب مواطنين من أجل التنمية الأوربية اليمينى الليبرالى وعدم الحصول على أغلبية برلمانية، مع أحزاب أخرى قد تتخطى النسبة الشرطية 4% المطلوبة لتخطى أعتاب البرلمان، من هنا قد تستمر نشاط وفترة حكومة تصريف الأعمال إلى وقت غير محدد حتى اتفاق القوى السياسية ان أمكن لتشكيل حكومة ائتلافية. فهل سينجح الجنرال راديف فى تخطى هذه التحديات مجتمعة؟