الساعة تُشير إلى منتصف الليل، تتلاشى خطوات المارة فى شارع باب الخلق، لتخلق حالة من السكون التام، يتخللها صوت لسيارة تعبر قلب الشارع بين حين وآخر، خطوات قليلة إلى الداخل تكشف عن تمتمات صوفية تحملها نسمات هواء باردة تأتى من مكان ما قريب، على جنبات الشارع تبدو الأنوار فى ازدياد، يزداد معها عدد المحال التى ما زال أصحابها يُصرون على محاربة الصقيع بالمناداة على بضاعتهم وهم يرددون «كل سنة وأنت طيب». خطوات أخرى إلى الداخل أيضًا، لتكتمل أمام عينيك صورة تتنافى مع حالة الهدوء التى سيطرت على بداية الشارع، تختلط فيها أصوات المنشدين عبر الميكروفونات، بأصوات باعة يروجون بضاعتهم، بأصوات أطفال يلهون بين الشوارع الجانبية، بأصوات أخرى تأتى من كل حدب وصوب، لتخلق حالة من الدفء والسلام الروحى، هنا.. دراويش يسبحون فى رحاب حب آل بيت النبى، أُناس يلقون بأجسادهم تحت خيام، يأكلون ويشربون ويستمعون إلى ما تيسر له الوصول إلى آذانهم من كلمات المنشدين، هنا لا فرق بين غنى وفقير، ملابس مختلطة بين «جلابية وعباية وقميص وبنطلون»، وجوه مارة سارحة فى ملكوت وعالم آخر تبحث عن الراحة والسكينة، هنا فى الدرب الأحمر.. الليلة الكبيرة بمولد السيدة «فاطمة النبوية»، أم اليتامى والمساكين.