مع استمرار العمليات العسكرية من قِبل الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي لتطهير مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، في شهرها الثاني، إلا أن هناك تخوفات من أن يدخل الجيش العراقي مرحلة حرب استنزاف. يأتي ذلك بعد أن أظهر التنظيم الإرهابي قدرة نوعية في المقاومة ضد قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية، فقد نجح "داعش" في استدراج الجيش العراقي إلى حرب الشوارع والعصابات والتي يجيدها التنظيم جيدًا، الأمر الذي دعا قادة الجيش العراقي إلى تغيير خطتهم وتكتيكاتهم أكثر من مرة لمواجهة "داعش"، مما أسهم في بطء تقدم القوات وإعلان السيطرة الكاملة على مدينة الموصل، حيث تستخدم "داعش" المتفجرات والسيارات المفخَّخة، كما يستخدمون الأهالي كدروع بشرية في مواجهة القوات العراقية. ويدل على إطالة أمد العمليات العسكرية في الموصل تلك التصريحات المتضاربة التي صدرت خلال اليومين الماضيين، فبعد أن أعلن حيدر العبادي، رئيس الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، أن عمليات تحرير الموصل ستنتهي قبل نهاية العام، خرج المتحدث باسم قوات التحالف الدولي ليعلن بعد 24 ساعة من تصريح "العبادي" أن العمليات قد تمتد لعدة أشهر مقبلة. وطبقًا لما بثّته وكالة أنباء رويترز، أفادت مصادر عسكرية بأن المقترح الذي طُرح كمؤشر على خيبة الأمل من بطء التقدم في الحملة المستمرة منذ ستة أسابيع ضد الدولة الإسلامية في الموصل، رفضه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وقادته في نهاية المطاف. وخشي "العبادي" ومستشاروه من أن السكان الفارين قد يتعرضون لمذابح على يد التنظيم المتشدد الذي لا يزال يسيطر على ثلاثة أرباع المدينة ومن أن السلطات ووكالات الإغاثة ليست في موقفٍ يسمح لها بالتعامل مع موجات نزوح جماعي. أما حقيقة أنهم بحثوا تغيير أحد العناصر المحورية في خطتهم، الأمر الذي أكده مصدران عسكريان ومستشار حكومي في اجتماعٍ عُقد في 24 نوفمبر الماضي، فيشير هذا إلى تزايد القلق من الانجرار إلى حرب استنزاف في الموصل. وخاض "داعش" دفاعًا مستميتًا عن الموصل ونشر قناصة واستخدموا قذائف المورتر ونحو 600 انتحاري في سيارات ملغومة، إضافة إلى شن هجمات انطلاقًا من شبكة أنفاق تحت الأحياء السكنية. ويأمل القادة في أن تتقدم قريبًا قوات الأمن التي لا تزال متمركزة على بُعد أميال قليلة من الموصل وتفتح جبهة جديدة داخل المدينة؛ بهدف الضغط أكثر على دفاعات المتشددين. ويؤكد المراقبون أن عناصر "داعش" لا يزالون منظمين جيدًا وموزعين على خلايا تدافع عن أحياء منفصلة، لكن الضربات الجوية على الجسور عبر نهر دجلة قطعت اتصال المتشددين في الشرق بالغرب، وهو ما عزَّز فرص الجيش في تحقيق تقدم، ويأمل المراقبون هنا في أن تنفد ذخيرة "داعش" بعد زوال الجسور التي كانت تصل عناصر التنظيم. كما يرى مراقبون أنه بمعدلات التقدم الحالية ستمتد المعركة بكل تأكيد للعام المقبل، مما يهدد بأزمة إنسانية في المدينة خلال الشتاء، إضافة لخسائر فادحة في صفوف الجيش. وكان قادة الجيش قد ناقشوا خيار منح المدنيين فرصة للفرار من الموصل؛ لرفع العبء عن القوات المتقدمة والسماح لهم بالاشتباك بحرية مع عناصر داعش، حيث إن خروج المدنيين من المشهد سيمكِّن التحالف الذي تقوده أمريكا أيضًا من تكثيف ضرباته الجوية.