على مدار العامين الماضيين شهدت الحركة السلفية فى مصر ظواهر شغلت بال المراقبين، لعل أهمها حركة الانشقاقات التى جاءت عقب دعوة ياسر برهامى أحد أهم قيادات الدعوة، لاختيار مجلس إدارة جديد يتولى شئون الدعوة، فى ظل رغبته فى الإطاحة بمعارضيه، وعلى رأسهم الشيخ سعيد عبدالعظيم النائب الثانى لرئيس الدعوة السلفية، وأحد أهم السلفيين المؤيدين لجماعة الإخوان الإرهابية، وتم إجراء الانتخابات التى جاءت برجال برهامى وعلى رأسهم أبوإدريس محمد عبدالفتاح رئيسًا لمجلس الإدارة، وياسر برهامى نائبا لرئيس مجلس الإدارة، وعضوية «شريف الهواري، عضو المجلس الرئاسى لحزب النور، محمود عبدالحميد، عبدالمنعم الشحات، عادل نصر، جلال مرة أمين عام حزب النور، يونس مخيون، رئيس حزب النور، أشرف ثابت نائب رئيس حزب النور، والدكتور محمد إبراهيم منصور، عضو المجلس الرئاسى بالنور، غريب أبوالحسن رئيس لجنة العضوية بالحزب، رضا ثابت، محمد شريف»، كما تم اختيار محمد إسماعيل المقدم، والدكتور أحمد فريد، والدكتور أحمد حطيبة، مستشارين للمجلس الجديد. تلك الانتخابات أدت إلى انشقاق عدد كبير من السلفيين عن الدعوة السلفية، بعدما رحل سعيد عبدالعظيم بشكل رسمى عنها الذى كان لديه عدد كبير من التلاميذ، كما ابتعد تلاميذ الشيخ محمد إسماعيل المقدم أيضا عن هذا الكيان السلفي، بعد طرده من عضوية مجلس إدارة الدعوة وإعطائه منصب مستشار. الخلافات تفاقمت عقب مشاركة حزب النور السلفى فى الانتخابات البرلمانية، مما أدى إلى موجة خلافات كبيرة بين القواعد والقيادات السلفية حول المشاركة، حيث تعالت أصوات تطالب بعدم المشاركة فى ظل ضعف الحزب السلفي، وعدم قدرته على إحداث تغيير يذكر حال المشاركة، إلا أن قرار المشاركة فى الانتخابات جاء رغم أنف القواعد. ومن الخلافات التى شهدها التيار السلفى بسبب الانتخابات البرلمانية أيضا، وكان لها دور حاسم فى الخسارة الفادحة للحزب السلفى فى الانتخابات، الخلافات حول قانون الانتخابات، الذى أجبر حزب النور على مشاركة الأقباط والنساء على قوائمه الانتخابية، حيث رفضت القواعد السلفية هذا الأمر تمامًا، باعتباره مخالفًا للمنهج السلفى الذى يرفض ولاية المرأة ومشاركتها فى الحياة السياسية، ونفس الأمر بالنسبة للأقباط، وقد حاول حزب النور محاولات مستميتة لدخول أى قائمة انتخابية ليبرالية، للهروب من هذا الأمر، إلا أنه فشل فى ذلك، واضطر لضم أقباط ونساء لقوائمه الانتخابية، مما تسبب فى ابتعاد القواعد السلفية عن المشاركة فى الانتخابات، مما كان له أثره فى انهيار شعبية الحزب السلفي، حيث لم يحصل حزب النور إلا على 13 مقعدًا فقط. لم تنته الخلافات السلفية حول المشاركة فى الانتخابات، بل استمرت ووصلت إلى حد مطالبة القواعد السلفية بتجميد المشاركة فى البرلمان، بسبب اقتراب البرلمان من إقرار عدة قوانين رآها السلفيون تخالف شرع الله وسنة نبيه، مثل قانون تجريم ختان الإناث، وقانون بناء الكنائس، والموافقة على قرض صندوق النقد الدولى. وتفاقمت الخلافات منذ ذلك الوقت بين القواعد السلفية وحزب النور حول المشاركة السلفية فى العمل السياسي، حيث رأت مجموعة كبيرة من القواعد السلفية، ضرورة اعتزال العمل السياسى والاكتفاء بالدعوة فقط، ويقود هذا الاتجاه حاليًا الشيخ محمد جويلى أحد كبار مؤسسى الدعوة السلفية بمرسى مطروح، الذى أعلن انشقاقه مؤخرا عن تبعية ياسر برهامي، بعد إصراره على المشاركة فى العمل السياسى دون تغييره، الأمر الذى دفع جويلى إلى تأسيس كيان موازٍ للدعوة السلفية يحمل نفس الاسم، ولكنه بعيد كل البعد عن السياسة، وهناك فصيل كبير من القواعد السلفية يتفق مع «جويلى» مما يبشر بخلاف قادم مدمر لحزب النور، سيختار فيه السلفيون إما الاحتفاظ بقوتهم فى العمل الدعوى مقابل التنازل عن العمل السياسى، أو خسارة كل شيء. إضافة إلى ما سبق، عانى حزب النور السلفى على مدار العامين الماضيين، من إقامة دعاوى قضائية كثيرة تطالب بحله، وكان أبرز من تقدم بهذه الدعاوى المحامى الشهير سمير صبري، والمحامى السكندرى طارق محمود، إلا أن حزب النور كسب كل القضايا المرفوعة ضده واستمر فى المشهد السياسى المصرى دون حل. ورغم بقائه، إلا أن العديد من القيادات والرموز السلفية الكبيرة اختفت تماما من المشهد، أبرزهم «أبوإسحاق الحوينى» الذى اختفى لفترة وحتى بداية عام 2016، حينما تعاقد مع مؤسسة «عيد الثقافية» فى قطر لتقديم دروس فى علم الحديث والسنة النبوية، كما تعاقد أيضا مع قناة «الجزيرة» ليبث دروسه على شاشتها فى بث مشترك مع قناة «الندى» التى يملكها. الموقف مختلف بالنسبة لمحمد حسان الداعية السلفى الشهير، الذى تعرض طوال العامين الماضيين لهجوم إعلامى من جانب جماعة الإخوان، وشنت اللجان الإلكترونية للجماعة الإرهابية هجومًا شرسًا عليه، بعد ظهوره مع الشيخ عبدالله شاكر رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية على شاشة قناة «الرحمة»، ليكشف كواليس رفض الإخوان الصلح مع الدولة والتسبب فى مقتل أنصارهم بسبب تمسكهم بمصالحهم الخاصة، وفى مطلع عام 2016، انتشرت شائعة قوية على مواقع التواصل الاجتماعى تؤكد وفاته لكن تبين عدم صحته، وخلال إبريل من العام الحالي، صدم أنصاره، حينما تابعوا دعوى قضائية ضده تتهمه بازدراء الدين الإسلامى لكن تمت تبرئته، إلا أن الاتهامات تواصلت، ففى يوليو 2016، اتهمه عنصر تائب من تنظيم داعش الإرهابى، بتحريضه مجموعة كبيرة من السوريين خلال دروسه الدعوية التى عقدها فى القاهرة بالجهاد فى سوريا، والانضمام إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة هناك، وخرج حسان لينفى هذا. أما محمد حسين يعقوب، فظل مختفيا عن الأنظار منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن، وسط أنباء باعتزاله العمل الدعوى فى مصر، وقيل إنه سافر إلى قطر للعمل بمؤسسة «عيد الثقافية» مع أبوإسحاق الحوينى.