انطلاقًا من تصور الرئيس الأمريكى الجديد «دونالد ترامب» عن العالم، والذى يتضمن محاولته جعل «أمريكا» فى المرتبة الأولى بأى ثمن، ولا يهتم فيه إلا بالاتفاقيات التجارية التى تخدمها، وضع رسام الخرائط «يانكو تسفيتكوف» خريطة جديدة للعالم كما يراه "ترامب". غيرت الخريطة التى نشرتها صحيفة «الإندبندنت» ألوان البلدان، وعلى مساحة سوداء تغير اسم بلدان الشرق الأوسط وتم استبداله بكلمة «إرهابيون»، بينما سُمى المكسيكيون «المغتصبون»، فهو يرى أن جميع المكسيكيين المهاجرين لأمريكا تسببوا فى مشكلات فى بلادهم، ويريدون نقلها إلى «واشنطن»، مثل تجارة المخدرات، واغتصاب النساء، وبدلًا من روسيا وعلى مساحة صفراء نقرأ كلمة «قاتلو داعش»، خاصة أن الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» الرجل المفضل لدى "ترامب". ولأنه طالما هاجم طوال فترة حملته الانتخابية قارة أوروبا، تم استبدال القارة فى «الخريطة الترامبية» باسم «مكة الجديدة»، فى إشارة لقبولها عددا كبيرا من اللاجئين والمهاجرين، أما الصين فستكون بلاد «خبراء تشييد الجدران»، وأصبحت منغوليا بلاد «المكسيكيين الآسيويين». وعن بغضه للسود أطلق على إفريقيا «موطن أوباما الأصلى»، أما الهند فهى «بلد النساء الجميلات»، وتحتفظ أمريكا فى الخريطة بلونها «الأحمر» وتسمى "ترامب". فيما رسم «تسفيتكوف» أمريكا الجنوبية باعتبارها «بلد ملكات جمال العالم»، وبدلا من أستراليا نجد على مساحة بالأصفر عبارة «أوبرا فى الصحراء»، وكندا تصبح «الدولة الضعيفة»، بينما نجد «العديد من الإرهابيين» بدلا عن الفلبين وإندونيسيا وماليزيا. وجاءت تلك التسميات الجديدة، من التصريحات الغريبة والمثيرة للجدل، وبذلك يصبح «عالم ترامب الجديد» أكثر قسوة، ويصعب العيش فيه، ويرى مصمم الخرائط أن «الخريطة الترامبية» الساخرة تقترب من أن تتحول لحقيقة، ويقول إن «ترامب» يمتلك ثروة ضخمة، فهو رجل أعمال، لكنه يمتلك عقلا قرويا، معدوم الخبرة السياسية، فقد بدأ حياته فى حانة وسينتهى فيها. إلا أن الصحيفة البريطانية عادت لتقول فى تقريرها إن «ترامب» لن يستطيع تنفيذ تصريحاته المتهورة التى جذبت ملايين الأصوات، مشيرة إلى أنه فاجأ الجميع بتخليه عن طريقته «السوقية»، وألفاظه السيئة، وترك «سلاطة اللسان»، واختفت بعض أكثر اقتراحاته إثارة للجدل خلال حملته للرئاسة من على موقع حملته على الإنترنت بحلول 10 نوفمبر، ومن بينها دعوته لحظر دخول المسلمين لبلاده، وتعهده بإلغاء «اتفاق باريس» للحد من التغير المناخى. واختفى رابط اقتراحه الذى أعلنه فى السابع من ديسمبر الماضى وكان بعنوان «بيان دونالد ترامب عن منع المهاجرين المسلمين» والذى دعا فيه إلى "حظر شامل وتام على دخول المسلمين للولايات المتحدة". كما أعلن «ترامب» للمرة الأولى، الجمعة الماضى، أنه يعتزم الإبقاء على جزء من برنامج الضمان الصحى المعروف باسم «أوباما كير»، وذلك فى مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، بعد أن كان وعد خلال حملته الانتخابية بإلغائه كاملا حال انتخابه، وأوضح «ترامب» للصحيفة، أن أحد الأسباب التى دفعته إلى تغيير موقفه، هو اللقاء الذى جمعه بالرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، حيث اقترح الأخير الحفاظ على أجزاء من هذا البرنامج الصحى. وأضاف فى المقابلة التى أجريت معه فى «برج ترامب» بنيويورك: «قلت له إننى سأدرس مقترحاته، وسأفعل ذلك احترامًا له»، مشيرًا إلى أن برنامج «أوباما كير» سيتم تعديله أو إلغاؤه أو الاستعاضة عنه ببرنامج آخر. ويعتزم ترامب الاحتفاظ بجزأين من برنامج «أوباما كير»، يتعلق الأول بمنع شركات التأمين من رفض أى مريض بسبب وضعه الصحى، فيما يتيح الثانى لأولياء الأمور إمكانية تمديد التغطية الصحية لأولادهم لفترة أطول، وقال «ترامب» عنهما: "أحب كثيرا هذين الجزأين من البرنامج". وعلى موقعه بشبكة الإنترنت اختفت روابط أخرى تشمل قائمته للمرشحين المحتملين لرئاسة المحكمة العليا وتفاصيل معينة عن خططه الاقتصادية والدفاعية وإصلاحاته التنظيمية، وأزيلت تلك الروابط، التى امتلأت بكلماته العنصرية. وأضاف تقرير الصحيفة: بدأ يتحدث باتزان يليق برجل يحكم أمريكا، وتراجع ترامب مجددا عن تصريحات سابقة اتهم فيها المتظاهرين ضده بأنهم محتجون متحمسون تحرضهم وسائل الإعلام، وذلك بعد تحول الاحتجاجات المستمرة منذ نجاحه فى الانتخابات. وغرد «ترامب» عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، قائلًا: «يروق لى عشق المجموعات الصغيرة من المحتجين لبلدنا العظيم، سنتلاقى جميعًا ونكون فخورين ببلدنا». وذلك بعد أن انتقد المحتجون ضد فوزه بالانتخابات الرئاسية، وغرد قبلها بيوم قائلًا: كانت هناك انتخابات رئاسية مفتوحة وناجحة، الآن يحتج البعض بتحريض من وسائل الإعلام، هذا ليس بعدل. هذا، وعبر المتظاهرون وصحفيون عن قلقهم من أن يضر الرئيس الأمريكى المنتخب بالحقوق المدنية للأمريكيين، ويؤكّدون استمرارهم بالاحتجاج ضد خطابات «ترامب» العنصرية والمعادية للمرأة والمهاجرين. كما تراجع «ترامب» أيضًا عن تعهده ببناء جدار على الحدود المكسيكية الأمريكية، قائلا إنه قد يتم بدلا من ذلك إقامة «أسيجة» فى بعض المناطق، مشيرًا إلى أنه سيتحرك لترحيل ما يصل إلى ثلاثة ملايين مهاجر موجودين بشكل غير قانونى بالولايات المتحدة ولهم سجلات إجرامية، وأضاف: بالنسبة لمناطق معينة سيتم تطويقها بسياج بدلا من إقامة جدار بالطوب والبلاط. ومنذ انتخابه رئيسًا، يحاول «ترامب» أن يهدئ الأجواء، وتخلى عن نبرته الحادة، وأيضًا وعوده الانتخابية، ومنها تراجعه عن وعده بفتح التحقيقات مع المرشحة الرئاسية «هيلارى كلينتون» فى قضية الرسائل الإلكترونية الشهيرة، وبرر ذلك بقوله إنه لا يعطى الموضوع أولوية بسبب انشغاله بقضايا مهمة مثل التأمين الصحى وفرص العمل والحدود والإصلاح الضريبى. وحاول «ترامب»، خلال لقائه مع شبكة «سى بى إس»، التهرب من تقديم إجابات صريحة عن الأسئلة التى وجهت إليه، ولم يقدم إجابات قاطعة عن إمكانية إحالة «هيلارى» للمحاكمة، بالرغم من أنه كان يصفها بالمحتالة، وكرر عبارة أنه «لا يريد أن يلحق الأذى بعائلة كلينتون»، وتحدث عن علاقته الجيدة بهم. والتزم «ترامب» بلهجة تبدو تصالحية تماما مع «كلينتون»، وقال فى خطاب الفوز الأربعاء الماضى: إن جميع الأمريكيين مدينون بالخدمات الجليلة التى أدتها منافسته لبلادها خلال السنوات الماضية.