وصل الرئيس اللبناني العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة اللبنانية بعد فراغ رئاسي استمر لعامين ونصف العام في صفقة مع النائب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل دعمها فرقاء السياسة اللبنانيين في غفلة من الحسابات الدولية والإقليمية على غير المعهود في اختيار رئيس لبنان والذي كان يأتي ضمن التوافقات الخارجية لا التوافقات الداخلية. وفي مشهد مبكر، حيث لم يمض أكثر من أسبوع على انتخاب "عون" رئيسا وقد التقى منصور عزام موفد الرئيس السوري بحضور السفير السوري في لبنان على عبدالكريم، ولم تصدر أي تصريحات عن الموفد السوري تعبر عما دار بينه وبين الرئيس عون، سوى أنه جاء من أجل التهنئة والتأكيد على متانة العلاقات بين البلدين. وكان هذا هو الظهور الرسمي الأول من نوعه للرئيس عون، مما أعطى إشارة واضحة إلى التعاون الوثيق بين نظام عون ونظام الأسد في الفترة المقبلة، خاصة أن حزب الله اللبناني (الحليف الأساسي لعون) مضطلع في مساندة الرئيس بشار الأسد والجيش السوري في المواجهات القتالية الدائرة منذ العام 2001 حتى الآن. أما اللقاء الثاني وهو الذي وقفت عنده كل الأنظار المطلعة وهو استقبال الرئيس عون لوزير الخارجية الإيراني جواد محمد ظريف، والتي جاءت تحت عنوان نقل تهنئة من الرئيس الإيراني حسن روحاني للرئيس عون. والغريب أيضا أن الزيارتين تمتا في نفس اليوم، مما يؤكد أن هناك مساعي إيرانية وسورية تهدف لوضع لبنان تحت جناحيهما في مواجهة التقلبات التي تشهدها المنطقة وحتى تكون لبنان نقطة أمان لكلا من سورياوإيران أو رسالة مفادها أن انتخاب "عون" يأتي في هذا السياق. وكان جواد ظريف قد حضر إلى بيروت ومع وفد سياسي واقتصادي، وصرح فور وصوله بأن التيارات التكفيرية هي السبب في محنة لبنان وأن إيران ستقف في مواجهة تلك التيارات سواء في لبنان أو في المنطقة. وقال "إن إيران وقفت في الماضي وستقف اليوم ومستقبلا إلى جانب لبنان وشعوب المنطقة". إلا أن الأمر ليس بتلك السهولة، خصوصا أن السطوة المسلحة التي يقودها حزب الله في لبنان لم تستطع حسم الأمر ومقاومة الهيمنة الإيرانية العتيدة ماثلة للعيان، حيث أن طهران لم تستطع فرض مرشحها "إذا ثبت فعلا أن عون كان مرشحها" إلا بعد قبول الرئيس سعد الحريري بذلك بما يملكه من امتداد إقليمي لا سيما لدى السعودية. ولاحظ دبلوماسيون غربيون في بيروت أن مسألة المحافظة على توازن في علاقات لبنان الإقليمية، تضغط على رئيس الجمهورية الجديد أكثر من أي طرف آخر، ذلك أن التيار العوني ممثلا في شخص رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، هو المسئول عن اختلال هذا التوازن لصالح إيران من خلال المواقف التي اتخذها والتي أحرجت لبنان وأدت إلى سحب الرياض لمنحة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني، وإلى برودة الاهتمام السعودي بالشأن اللبناني.