سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المجرمون الشرفاء خلال حرب أكتوبر.. اختفاء جرائم القتل والسرقة بالعاصمة ومدن القناة.. وتراجعت بالمحافظات الأخرى.. وخبراء أمنيون: "الأقسام لم تسجل أي محاضر.. الجميع تكاتف من أجل الأرض والعِرْض"
في ملحمة وطنية هي الأعظم من نوعها، حينما انتصر الجيش المصرى، وأعاد الارض المغتصبة من العدو الإسرائيلى، وأعاد كرامة شعبه، ورد حق ضحاياه جراء نكسة 1967، تحول الشعب المصرى كله بجميع طوائفه ومختلف ثقافاته وفئاته إلى وحدة واحدة، وتلاشت كل الخلافات السياسية وغيرها، ولا يمكن إغفال أيضًا أن عالم الجريمة والمنتمين إليه قد انضموا لوحدة الشعب، وتمثل ذلك في غياب جرائم القتل والسرقات وغيرها من الجرائم الجنائية الكبرى في سبيل المعركة الكبرى وخاصة في العاصمة ومحافظات القنال. قال اللواء "محمود زاهر" خبير أمنى: إن الشعب المصري هو السبب الأول والأكبر والأخير في انخفاض معدل الجريمة نظرا لحسه الوطنى العالى وانشغاله بالدفاع عن الأرض والعرض، ولعل دور الشعب نفسه أثناء غياب الشرطة في ثورة الخامس والعشرين من يناير،أكبر دليل على أن الشعب يعلى قيمة الوطن على كل شيء. وفى السياق ذاته أضاف اللواء "حسام خير الله" مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن مشاركة الشعب وإحساسه بالمسئولية وقيامه بتشكيل لجان مقاومة بجانب أفراد الشرطة لمساندتهم في مواجهة العدو الخارجى أكبر دليل على تكاتف الشعب وانشغاله بالحرب أكثر من أي شيء آخر، مضيفا ً"حتى الفئة الإجرامية كانت منشغلة بالحرب كانت منشغلة بالحرب والانتصار على العدو الخارجى، وفكرة ارتكاب الجريمة كانت مستبعدة". كما أكد الدكتور "إيهاب يوسف" الخبير في الشئون الأمنية على أن الفئة الإجرامية تكاتفت مع الشعب للانتصار واستيرداد الأرض، وأن الشعارات الرنانة تحولت إلى افعال إلى أرض الواقع تجسدت في العمل على قلب رجل واحد في تقديم العون والمساعدات للجيش والشرطة معنويا وماديا، ومساعدة الشعب لبعضه البعض بكل طوائفه، وأكد على اختفاء الجريمة وليس انخفاض معدلها فقط لدرجة أن أقسام الشرطة لم تسجل أي محاضر في ذلك الوقت. وأكدت كل الملفات الأمنية، التي خرجت عقب انتصارات أكتوبر أن حركة الجريمة في الفترة التي تبدأ من 6 وحتى يوم 21 أكتوبر قد انخفضت عن مثيلتها في العام السابق من95 جناية عام 1972 إلى 71 جناية في أيام الحرب وبنسبة كبيرة هي26%. كما تراجعت أرقام جنايات السرقة الكبرى والتي استعدت أجهزة الأمن لمواجهة الزيادة المتوقعة فيها من 11 جناية في نفس الفترة من العام السابق إلى7 جنايات وبنسبة40%، وسجلت جرائم السرقة الصغيرة انخفاضا يزيد عن35% في المدة نفسها. وتكرر الأمر بجرائم النشل اليومية حيث سجلت انخفاضا ملحوظا وصل إلى ما يزيد على45 %عما كانت عليه قبل الحرب، وخلال اليوم الثاني للقتال وهو يوم7 أكتوبر خلت مدينة القاهرة من جرائم النشل تماما، وبالنسبة لجرائم القتل فقد انخفضت أرقام جرائم القتل والشروع فيه خلال هذه الفترة بنسبة25 % عن معدلها في العام الذي سبق الحرب، وسجلت المحاضر63 جناية قتل وشروع فيه مقابل82 جناية في عام1972. ورغم أن علماء السلوك الإجرامي يؤكدون على أن جرائم الآداب ترتفع معدلاتها خلال الحرب وبعدها، فحسب محاضر الشرطة فإن هذا النوع من الجرائم يكاد يكون تلاشى، كما انخفضت جرائم الطريق العام فاختفت لأول مرة منذ زمن طويل تجمعات العابثين في شوارع وسط المدينة واختفت إلى حد كبير مضايقاتهم للمارة والسيدات، وانشغل الجميع بقضية الوطن وبأعمال الدفاع المدني، ففي الأسبوع من6 إلى13 أكتوبر سنة1972، سجلت المحاضر73 واقعة تعرض للسيدات في شوارع القاهرة،أما في نفس الأسبوع من عام الحرب فلم تسجل المحاضر أكثر من20 واقعة. وفيما يتعلق بجرائم سرقة السيارات فقد اختفت تماما من حركة الجريمة ومن محاضر الشرطة، وتم تفسير ذلك بأن هذا النوع من الجريمة كان يقدم عليه في الغالب شباب يرغب في الاستمتاع والمغامرة، وقد وجد الشباب الآن نفسه فاختفت هذه الجريمة من سجلات الأمن العام. ولم يختلف الأمر كثيرا في ريف مصر حيث اختفت جرائم سرقة الماشية بالرغم من أن معدلها الطبيعي من30 إلى40 حادثا خلال شهر، كذلك خلت السجلات من جرائم التلاعب والاختلاس في الجمعيات التعاونية الزراعية وقد كان معدلها10 جرائم كل شهر، كما خلت أيضا من جرائم النصب بالرغم من أنها من الجرائم التي تجد فرصة مواتية في أوقات الحروب وكانت محاضر الشرطة قد سجلت الكثير منها في شهر يونيو1967 عام الهزيمة. كما لم يتم ترصد سجلات الشرطة منذ بدء الحرب أي ظاهرة إجرامية شاذة مما يقع عادة في المدن الكبرى أثناء الحروب، ولم يقع حادث واحد يمكن أن يعد مثيرا للقلق أو مزعجا لحالة الأمن العام، فلا عصابات تهاجم المتاجر والمساكن،، ولا أشقياء يتعرضون للمارة في الظلام الدامس ومن ثم كانت حياة المدينة بعد19 يوما من الحرب يغمرها إحساس المواطنين بسيادة الأمن. ووفقا لبيانات وزارة الداخلية فإن الجرائم السياسية والجنائية قد اختفت مع الطلقة الأولى لحرب أكتوبر، كما أن الوزارة لم تتلق أية بلاغات أو إخطارات تمثل مصدر قلق، كما أن الجريمة الجنائية لم تعد للظهور إلا بعد مفاوضات وقف إطلاق النار.