خطة ممنهجة ابتدعتها الجماعة في نهب كنوز مصر بدأت بوصفها "أصنامًا" وانتهت باستباحتها غنيمة وسرقتها سهَّلوا السطو على 3 متاحف أشهرها متحف ملوي.. ودعَّموا تدمير القصور الأثرية القديمة .. وتبقى نقطة سوداء كبيرة في تاريخ جماعة حسن البنا، التي أخذت على عاتقها تجنيد أعضائها في نهب مصر، منذ عشرينيات القرن الماضي، وإلى الآن، وإن كان العام الذي حكم فيها المعزول مصر يسجل إجراما متفردا على كل المستويات، خصوصا في زاوية الآثار، التي واجهت نهبا منظما من الإخوان خلال هذه الفترة القليلة بتعرض معظم المتاحف الأثرية مثل "متحف ملوي" للنهب والسرقة عبر خطة ممنهجة ابتدعتها الجماعة في نهب كنوز مصر الأثرية، بدأت بوصفها "أصناما"، وانتهت باستباحتها غنيمة وسرقتها.. عام كامل، عانت فيه الآثار من غياب رؤية حقيقية لدى النظام السياسي في عهد مرسى للنظر إليها على أنها ثورة قومية قادرة على النهوض بمصر، بل ظل الإخوان ينظرون إلى الآثار على أنها مجرد "أصنام" من حق كل شخص أن يستولي عليها، وجندوا شيوخ الفضائيات "الجاهلين" للترويج على أن الآثار مجرد "أصنام" يجب اغتنامها، وأفتوا أن حيازتها حق شرعي. من جانبهم عانى الأثريون ومعهم الشعب المصري الذي أصيب بالصدمة من دعوات بعض الشيوخ الذين شنوا حربا إعلاميا على الآثار والدعوة لتدمير الأهرامات وأبو الهول. الأغرب وبالتزامن مع تلك الدعوات لم يصدر أي بيان إدانة من مؤسسة الرئاسة في عهد الرئيس المعزول للتعدي على تراثنا العظيم، وهو ما كشف نية نظام الإخوان تجاه الآثار ورغبتهم في تأجير حضارة البلاد لدولة قطر مقابل مبالغ مالية تثير الخزي من نظام سياسي فقد كل ولائه للوطن، وكان يريد بيعه بالتجزئة من أجل مصلحته الشخصية. سرقات، تعديات، محاولات تهريب، هكذا كان رصيد الآثار، في عام أسود في أثناء حكم مرسي، القصور الأثرية لم تسلم من هذا الاعتداء، فقد شهد العام الماضي الاعتداء على عدد كبير من القصور الأثرية كان في مقدمتها قصر "قازودوغلي"، الذي كان مسجلا أثريا لدى وزارة الآثار، وتم الاعتداء عليه في ساحة ميدان "سيمون بوليفار"، بجاردن سيتي. يعتبر القصر ملكية خاصة لرجل الأعمال إبراهيم كامل أبو العيون وشركة "كاتو" للاستثمار، ولا يوجد به أي مقتنيات أثرية مسجلة، كان القصر مستغلًا من قبل بمعرفة وزارة التربية والتعليم "مدرسة على عبد اللطيف الإعدادية"، والتي تم إخراجها من القصر قبل أحداث ثورة 25 يناير مباشرة تمهيدًا لترميمه، غير أن أحداث الثورة حالت دون ذلك، ولم يتم تسليمه إلى الآن لوزارة الآثار، ولم يتم نزع ملكيته لصالح المجلس الأعلى للآثار. وتعرض القصر في آخر تظاهرة حدثت بميدان التحرير لإحياء ذكرى أحداث شارع محمد محمود، للاعتداء عليه بمعرفة مجموعة من البلطجية الذين قاموا بحرق أجزاء منه، تمثلت في غرفة الحارس الموجودة بحديقة القصر، وهي غير أثرية، وتم تكسير بعض الزجاج الموجود بشبابيك واجهات القصر، وإتلاف السور الحديدي المحيط بالقصر، وسرقة أجزاء منه، وكذا تلف خمس درجات من السلم الرخامي. لم يقتصر الاعتداء على القصور الأثرية، لكنه امتد إلى الأراضي الأثرية التي قام عدد كبير من الأهالي بالاعتداء عليها وسط منظومة التراخي الذي كرس لها مرسي إبان عهده، ولم يوجه لهجة حادة إلى أي شيخ يحاول تبرير السطو على المناطق الأثرية واستحلال مقتنياتها. "منطقة دهشور" كانت أبرز المناطق الأثرية التي شهدت تعديات عليها بشكل لم يسبق لها مثيل، تحت تهديد السلاح، رغم قيام الآثار بتحرير محاضر بالتعديات، غير أنها عجزت في بداية الأمر عن تنفيذ الإزالات، وسط تهديدات صريحة بالقتل من قبل أهالي "دهشور" لمفتشي الآثار. نظرا لغياب خطاب حاسم من قبل النظام السياسي، تزايد الاعتداء على المواقع الأثرية، وهنا ظل الأهالي يبنون المقابر بجانب الجبانة الأثرية. هنا يقول الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار، إن الوزارة لم تستطع صد الهجمات على عدد من المواقع الأثرية، لضعف التمويل والموارد المالية الضعيفة للوزارة، معترفا بضعف التمويل الذي أدى إلى غياب قوات حراسة على المناطق الأثرية لحمايتها من التعديات. اللافت أن التعديات على منطقة "دهشور" كانت كارثة حقيقية، والسبب أنه لم يكن أحد يجرؤ على التعدي على هذا المساحة الكبيرة من المناطق الأثرية التي امتدت إلى 12 فدانا بمنطقة "آثار دهشور" التي تقع بالقرب من معبد الوادي الأثري لملك "سنفرو"، والد الملك الشهير "خوفو"، الذي يرجع إلى القرن ال26 قبل الميلاد، وبالقرب من هرم الملك أمنحاتب (الهرم الأسود) الذي يعود إلى القرن ال19 قبل الميلاد. تمت إزالة التعديات بعد معاناة شديدة استغرقت شهورا، وانتهت يوم 22 /1/2013. ومن واقعة دهشور إلى واقعة منطقة "تل العمارنة "بالمنيا، امتد التعدي، بعدما قام عدد كبير من الأهالي بتجريف المنطقة الأثرية بها بغرض الزراعة والمنطقة معروفة بمنطقة "الحاج قنديل الأثرية"، حيث صدر قرار إزالة لأكثر من "1200 تعدِّ" لم يتم تنفيذه. واقع الأمر أن حكم مرسي هيأ مساحات متسعة للفوضى، التي كانت أرضا خصبا للصوص الآثار، كي ينشطوا من خلالها، لتصل محاولات تهريب الآثار إلى ثلاث حالات كبرى، تم الإعلان عنها من جانب الآثار. الأولى كانت لسائق سيارات قام بتهريب 63 8 قطعة تم ضبطها في أحد الكمائن، عندما حاول السائق الهروب بها في طريقه لنقلها من القاهرة للسويس، القطع المضبوطة ترجع إلى عصور مختلفة تعود للدولة القديمة، عصر الدولة الحديثة، العصر اليوناني الروماني والعصور الإسلامية، والتي يرجح تجميعها والاستيلاء عليها لتهريبها من خلال أعمال الحفر غير الشرعية بأماكن متفرقة، وضمت القطع المهربة بعض القطع الأثرية المقلدة التي تستخدم في التهريب للتمويه على القطع الأصلية. أما محاولة التهريب الثانية، فكانت لبعض الآثار التي تنتمي إلى حضارة "الإكوادور وبيرو"، حيث تم ضبطها بمطار القاهرة، واتخذت وزارة الآثار قرارا بعودتهما إلى بلادهما مرة ثانية، وضمت المضبوطات الأثرية بقرية البضائع رسالة بريدية واردة من الولاياتالمتحدةالأمريكية باسم راكب مصري، وبفحص مشمولها تبين أنها تتضمن ثلاث قطع تمثل رءوس تماثيل قديمة عليها بقايا ألوان ومسجل عليها أرقام تسجيل بالمداد الأسود، ومعها شهادة تفيد بأنها من الفنون الإكوادورية وترجع إلى 800 ق.م. كذلك "تمثالان" لرجل وسيدة تظهر عليهما بقايا ألوان وعليها أرقام تسجيل هيئة بالمداد الأسود ومعها شهادة تفيد بأنها ترجع إلى حضارة بيرو القديمة (250 ق.م)، وتوقع الأمن أن تكون تلك الآثار مهربة لإحدى الدول الأخرى واتخذت الأراضي المصرية كدولة عبور لها. محاولة التهريب الثالثة، ضبطت مع راكب مصري حاول تهريب ثلاث أيقونات قبطية، كانت بحيازته للولايات المتحدةالأمريكية، وتمت مصادرتها لصالح وزارة الآثار لخضوعها لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتمت مصادرتها لصالح وزارة الآثار. وقالت الإدارة المركزية للوحدات الأثرية بالمنافذ المصرية، إن الأيقونات المضبوطة منهما مصنوعتان من الخشب والأخرى معدنية داخل برواز خشبي 30x24سم، والثانية 2116x24سم، والثالثة 1820x، والأيقونات الثلاثة تحمل نقوشا تمثل السيد المسيح جالسًا فوق سحابة، ويشير بكلتا يديه بعلامتي البداية والنهاية، ومنظر آخر يمثل سيدتين متقابلتين واقفتين ممسكتين بعلامة الصليب وسعف النخيل، ويلاحظ وجود هالات حول الأشخاص. كما يوجد نقش يمثل السيدة العذراء تحمل السيد المسيح، وحول رأسها الهالة والتاج، وقد حاول اللص الذي قام بتهريب الأيقونات الأثرية على التخلص منها خوفا من عمليات التفتيش. ولوحظ أيضا أن هدم الآثار كان له رصد كبير في عهد مرسي، حيث لأول مرة يتم هدم مزار أثري "ببولاق أبو العلا"، وهو من أهم المعالم الأثرية النادرة. وعلى المستوى الخارجي عانت الآثار من التراخي الكبير في وزارة الخارجية في عهد مرسي، وقضية نحت تمثال "شامبليون" بفرنسا شاهد حي على جرائم الإخوان ضد الآثار، ودليل قاطع على نوايا مرسي "السوداء" ضد هذه الكنوز، الذي لم يتحرك عندما تم إثارة قضية تأجير الآثار التي فجرها الدكتور مختار الكسباني، الذي أكد نية الحكومة في تأجير الآثار المصرية عبر خطاب وجهته المالية لعرض الفكرة على إدارة المجلس الأعلى للآثار، ولولا أن فجرت القضية إعلاميا لهجمت جماعة الإخوان على كل آثارنا ورهنتها لدولة "قطر" التي لا يصلح معها سوى تعبير السادات التي قال عنها إنها مجرد "كشك" على الخليج، وهي عبارة كافية وموفية لتصرف دولة ليس لديها تاريخ أو حضارة تريد نهب الممتلكات الثقافية المصرية والتحكم فيها لتعويض النقص الحضاري. متحف ملوي، قصة حضارة عظيمة دمرت على أيدى أنصار المعزول، حيث قاموا بكسر بواباته الخارجية والداخلية، ولم يكتف أنصار المعزول بذلك فقط، بل قاموا بتدمير مقتنياته الأثرية، وهو ما يثبت أنها جماعة تشمئز من الحضارة المصرية وتكرهها بقوة، أنصار المعزول لم يكتفوا بسرقة المقتنيات الأثرية، ولكنهم أطلقوا الرصاص على أحد العاملين الإداريين بالمتحف بعد إصابته بطلق ناري أودى بحياته. وقدرت التقديرات الأولية لحصر المسروقات التي تمت إلى فقد 1040 قطعة أثرية في بداية الأمر قبل عودة الباقي من إجمالي 1089 قطعة أثرية من معروضات المتحف، بالإضافة إلى إحداث تلفيات شديدة لبقية المعروضات من التماثيل الكبيرة والثقيلة، التي لم يستطيعوا حملها، وهو له دلالة قوية على رسوخ فكرة "عدوان الحضارة " من جانب أنصار المعزول. بينما أقبلت الآثار على نقل 32 قطعة أثرية مدمرة إلى المخزن المتحفي بالأشمونين ليتبقى في المتحف 10 قطع من الحجم الكبير تم نقلها بعد ذلك لثقل حملهما للمخزن المتحفي، وهو ما يؤكد أن أنصار المعزول كانوا يريدون حرق ذاكرة مصر الحضارية. في عهد المعزول، عدد كبير من آثارنا المحلية تم تهريبها لإسرائيل، مؤخرا تم رصد مزادين بمدينة القدس المصرية تم عرض فيه 126 قطعة أثرية مسروقة بتل أبيب، وعلى الفور قامت وزاره الخارجية المصرية بالتنسيق مع السفارة المصرية بتل أبيب لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو وقف بيع القطع المعروضة التي روج لها مسئولو القاعتين، والتأكد من أثريتها. كما أشار وزير الآثار إلى أنه تمت مخاطبة شرطة السياحة والآثار ومكتب الإنتربول الدولي في مصر للمتابعة مع الجهات المسئولة بالقدس ومطالبة السلطات الإسرائيلية بإجراء تحرياتها بشأن إثبات قاعتي المزادات امتلاكها لتلك الآثار، وكيفية خروجها من مصر، للمطالبة باستردادها على الفور، لم تنجح وزارة الثقافة سوى في استعادة 40 قطعة أثرية مهربة فقط من باقي القطع.