أكد خبير الآثار، الدكتور عبد الرحيم ريحان، أن المصري القديم صوّر صناعة الكعك في مقابر طيبة ومنف ومنها على جدران مقبرة (رخمى – رع) من الأسرة الثامنة عشر بالأقصر، وتشرح كيف كان يخلط عسل النحل بالسمن ويقلّب على النار ليضاف على الدقيق ويقلّب حتى يتحول لعجينة يسهل تشكيلها ثم يرص الكعك على ألواح من الإردواز ثم يوضع في الفرن. وأضاف خبير الآثار، أن صناعة الكعك عرفت منذ عصر الدولة القديمة ولكنها ازدهرت في الأسرة 18 وأخذ الشكل الدائري شكل قرص الشمس وبه خطوط مستقيمة منقوشة تأخذ شكل أشعة الشمس على حد اعتقاد المصري القديم. كما صوّر المصري القديم القمح والذرة كحبوب تدخل في صناعة الكعك وذلك من خلال الدراسة الأثرية للباحث الآثاري إسلام زغلول، عضو اتحاد الآثاريين المصريين. وأشار ريحان إلى أن دراسة لإسلام زغلول أكدت أن صناعة كعك العيد في الأعياد من أقدم العادات التي عرفت عند المصريين القدماء حيث نشأت مع الأعياد ولازمت الاحتفال بأفراحهم مشيرًا إلى أنهم صنعوا أنواعًا عديدة من الكعك وكانت صناعة الكعك لا تختلف كثيرًا عن صناعته الحالية مما يؤكد أن صناعته امتدادًا لتقاليد موروثة. وأضاف أن هناك أنواعًا من الكعك كانت تقلى في السمن أو الزيت وكانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص وبمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية كما كان يشكّل بعض الكعك بأشكال الحيوانات وأوراق الشجر والزهور ويتم حشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة) أو التين ويزخرف بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب وقد صنع المصري القديم الفطير المخصص لزيارة المقابر في الأعياد والذي يطلق عليه حاليًا "الشريك" وكانوا يشكلونه على شكل تميمة ست (عقدة إيزيس) وهى من التمائم السحرية التي تفتح للمتوفى أبواب الجنة في المعتقد المصري القديم وذلك طبقًا لما ذكر في كتاب الدكتور سيد كريم " لغز الحضارة المصرية". وأشار ريحان إلى أن الكعك عرف في تاريخ الحضارة الإسلامية منذ عهد الدولة الطولونية الذي أسسها أحمد بن طولون 254ه وكان يصنع في قوالب خاصة مكتوب عليها كل وأشكر ثم تطور في عهد الدولة الإخشيدية الذي أسسها محمد بن طغج الإخشيدي 323ه وأصبح من مظاهر الاحتفال بالعيد. ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بالعديد من هذه القوالب التي كتب عليها كل هنيئًا وأشكر وكذلك كل وأشكر مولاك وفى العصر الفاطمي كانت تخصص مبالغ كبيرة لصناعة الكعك وكانت المصانع تبدأ في صناعته منذ منتصف شهر رجب وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه كما أنشئت في عهده أول دار لصناعة الكعك " دار الفطرة " وذلك طبقًا للدراسة الأثرية للدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة. كما أشارت الدراسة الأثرية للدكتور على أحمد الطايش إلى أن العصر الأيوبي شهد شهرة أمهر صناع الكعك من العصر الفاطمي ومن أشهرهن حافظة والذي عرف كعكها باسم كعك حافظة واهتم المماليك بالكعك وتوزيعه على الفقراء وكانت هناك سوقًا للحلاويين بالقاهرة ذكرت في الوقفيات ومنها وقفية الأميرة تتر الحجازية توزيع الكعك الناعم والخشن على موظفي مدرستها التي أنشأتها عام 748ه 1348م. وبخصوص العيدية يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن العيدية كلمة عربية منسوبة إلى العيد بمعنى العطاء أو العطف وترتبط بالعيد والعيدية لفظ اصطلاحي أطلقه الناس على كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف وكانت تعرف في دفاتر الدواوين بالرسوم ويطلق عليها التوسعة في وثائق الوقف وترجع هذه العادة إلى عصر المماليك وكان اسمها "الجامكية" وتم تحريفها إلى كلمة العيدية وكان السلطان المملوكي يصرف راتبًا بمناسبة العيد للأتباع من الأمراء وكبار رجال الجيش ومَن يعملون معه وتتفاوت قيمة العيدية تبعًا للرتبة فكانت تقدم للبعض على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية وآخرون تقدم لهم دنانير من الفضة وإلى جانب الدنانير كانت تقدم المأكولات الفاخرة وذلك طبقًا لما جاء في دراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة. ويضيف د. ريحان بأن الدراسة ألقت الضوء على عادة توزيع العيدية منذ العصر الفاطمي وكانت توزع مع كسوة العيد خارجا عما كان يوزع على الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضية وعندما كان الرعية يذهبون إلى قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلى أحد أبواب قصر الخلافة وقد أخذت العيدية الشكل الرسمي في العصر المملوكي وأطلقوا عليها الجامكية وحرفت بعد ذلك إلى كلمة عيدية وفى العصر العثماني أخذت العيدية أشكالًا أخرى فكانت تقدم نقودًا وهدايا كما يحدث اليوم.