انتخابات الرئاسة الأمريكية ستجرى فى 8-11 (ومعها انتخابات ثلث أعضاء مجلس الشيوخ وجميع أعضاء مجلس النواب) واستطلاعات الرأى العام جميعها تشير إلى أن هيلارى كلينتون ستفوز بالرئاسة لتصبح أول امرأة تحتل البيت الأبيض بصفتها الرئيس الخامس والأربعين منذ الاستقلال سنة 1776. ثمة ثلاثة أشهر أو نحوها قبل التصويت وأشياء كثيرة قد تحدث فى هذه الفترة وتؤثر فى اختيار الأمريكيين رئيسًا أو عضوًا فى الكونجرس. هناك مناظرات تليفزيونية بين كلينتون ومنافسها دونالد ترامب فى 26-9 و9-10 و19-10 لا بد أن يكون لها تأثير كبير على مواقف الناخبين. وهناك مناظرة فى 4-10 بين المرشحَيْن لمنصب نائب الرئيس، الديمقراطى تيم كاين والجمهورى مايك بينس. ثم ينصّب الرئيس الجديد فى 20-1-2017. كلينتون تعانى من «أزمة ثقة»، أكثرها يعود إلى استعمال «الإيميل» الخاص بها فى عملها وزيرة للخارجية فى ولاية باراك أوباما الأولى. ومع أن وكالة الاستخبارات المركزية (سى. آى. إيه) اتهمتها بالإهمال فقط، فإن اليمين الأمريكى لا يزال حتى اليوم يعامل القضية وكأنها فى محور الانتخابات. فى المقابل، ترامب عدو نفسه قبل أن تكون كلينتون خصمه فى التنافس على الرئاسة. هو لا يفتح فمه إلا ويثير جدلًا جديداً. ولعل أسوأ خطأ له فى الأسابيع الأخيرة دخوله فى جدل حامٍ مستعر، أو مستمر، مع والدَى الكابتن همايون خان الذى قُتِل فى العراق سنة 2004 وعمره 27 سنة بعد أن أسرع ليقف بين سيارة فُجِّرَت فى عملية انتحارية وجنوده. الأب خِزر خان والأم غزالة ظهرا فى مؤتمر الحزب الديمقراطى، وكال لهما ترامب الإهانات، وقال إن الأم لم تتحدث ربما لأنها ممنوعة من الكلام. ووصف الأب بأنه خادم الأمة الإسلامية، ثم حاول أن يغيّر الموضوع إلى «الإرهاب الإسلامى» ورفض زعماء فى حزبه الجمهورى هذا التجاوز المفضوح للقضية الأصلية. كلينتون حملتها إلى يسار الوسط ولا تقدم تنازلات لأعضاء الحزب الديمقراطى الآخرين، إلا أنها أكثر خبرة وحذرًا من أن ترتكب مثل أخطاء ترامب الذى اتهمته بأنه أحمق ونصاب، وردّ بأنها محتالة. مهرجانات ترامب لا تخلو من بذاءة حتى أن بعض الشعارات ضد كلينتون أتعفف عن ترجمتها إلى العربية. اليوم هناك أعضاء كبار فى الحزب الجمهورى أعلنوا تأييدهم رئاسة هيلارى كلينتون. وبينهم ريتشارد أرميتاج وبرنت سكوكروفت ولارى برسلر وسالى برادشو وريتشارد هانا. فى المقابل ترامب اختلف مع قادة حزبه مثل بول ريان، رئيس الكونجرس، والسيناتور جون ماكين وآخرين. هو اختلف مع ريان على الهجرة والتجارة والأمن القومى. قادة الحزب الجمهورى أرغموا ترامب على أن يؤيد ريان لرئاسة الحزب فى الكونجرس وماكين فى حملته الانتخابية الصعبة فى أريزونا. هل يصدق القارئ أن ترامب سأل ثلاث مرات فى جلسة استماع عن الشئون الخارجية «لماذا لا نستطيع استعمال الأسلحة النووية؟» وماكين رفض اتهامه لأسرة الجندى خان الذى قُتِل فى العراق وهو يحمى زملاءه. كان تونى شوارتز شارك فى كتابة السيرة الذاتية لترامب سنة 1987 وعنوانها «فن الصفقة» ما جعل ترامب مشهورًا فى الولاياتالمتحدة والعالم. اليوم أقرأ لشوارتز قوله: أعتقد صادقًا أنه إذا فاز ترامب وحصل على شفرة الأسلحة النووية سيكون هناك احتمال كبير بأن يؤدى هذا إلى نهاية الحضارة العالمية. ترامب يقول إن كلينتون خطر على الأمن القومى، وهو قول سخر منه قادة جمهوريون كما ندد به الديمقراطيون. هو هاجم أيضًا باراك أوباما مرة بعد مرة وشكك فى هويته الأمريكية. وفى حين أن أوباما أعاد الاقتصاد الأمريكى إلى الصدارة العالمية بعد أن ورث من جورج بوش الابن الأزمة المالية الكبرى سنة 2008، فإن ترامب مستمر فى مهاجمته لسبب أو من دون سبب. أرجح أن هيلارى كلينتون ستفوز بالرئاسة ولا أجزم بذلك فقد رأينا الممثل الفاشل رونالد ريجان يفوز بالرئاسة، كما رأينا بوش الابن بعده يفوز ويشن حروبًا على العرب والمسلمين أسبابها زوّرها عمدًا المحافظون الجدد من أنصار إسرائيل. لا نزال حتى اليوم ندفع ثمن جرائم إدارة بوش الابن فى العراق وغيره، وترامب سيكون أسوأ إذا كان هذا ممكنًا. نقلًا عن «الحياة» اللندنية