سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"داعش" يزعم قتل 20 عنصرًا من الجيش العراقي وحلفائه خلال عملية تحرير الفلوجة.. ويعيد نشر أنباء عمليات سابقة له لإظهار القوة.. وخبراء: على أمريكا التخلي عن دعمه بدلًا من ادعاء محاربته
بدأت القوات العراقية وحلفاؤها المحليون والدوليون عملية عسكرية موسعة لتحرير مدينة الفلوجة، التي يسيطر عليها داعش منذ نهاية 2013، بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم، عن العملية عبر سلسلة من الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد ستيف وارن، المتحدث باسم التحالف الدولي ضد داعش، أن التحالف سيشارك في تحرير المدينة بالدعم الجوي، وتمكن الجيش من قتل حجي حمزة والي التنظيم في الفلوجة وعدد من مساعديه، وتحرير منطقتي الدواية والحراريات وإحباط تفجير للتنظيم بسبع سيارات مفخخة، وفقًا لغرفة العمليات العسكرية العراقية التي يشرف عليها العبادي ميدانيًا. بينما زعم تنظيم داعش على قنواته الإعلامية، اليوم، أن معارك عنيفة قد اندلعت منذ الفجر بينه وبين القوات الحكومية العراقية المتعاونة مع قوات الحشد الشعبي الشيعية والقوات التي تشكلها القبائل السنية، التي يطلق عليها التنظيم لفظ "الصحوات"، خلال محاولات تقدمها في شرق وشمال وجنوب الفلوجة، لا سيما في مناطق النعيمية والصقلاوية والمعامل والموظفين وناحية الكرمة. وردًا على تقدم القوات العراقية شن لتنظيم عدة عمليات انتحارية وتفجيرات في الفلوجة، ما أدى إلى مقتل 20 عنصرًا على الأقل وإصابة العشرات من الجيش وحلفائه، وفقًا لرواية التنظيم. حيث لقي 16 شخصًا مصرعهم وتم تدمير جرافة مصفحة، إثر هجوم شنه انتحاري بسيارة مفخخة على تجمع للقوات بمنطقة المعامل شرق الفلوجة. كذلك تم تعطيل ثلاث جرافات فضلًا عن تدمير دبابة بصاروخ موجه. كما ادعى التنظيم إحباط محاولة اقتحام القوات لمنطقة النعيمية جنوب الفلوجة، وإسقاط 22 شخصًا بين قتيل وجريح. وأضاف داعش أنه قام، أمس الأحد، بقصف معسكريْ المزرعة وطارق شرق الفلوجة بحوالي 120 قذيفة هاون وعشر صواريخ جراد، مما أسفر عن احتراق عدد من الثكنات العسكرية للجيش العراقي ومستودع كبير للأسلحة. هجمات داعش في الفلوجة بدأت وتصاعدت وتيرتها منذ قرابة الأسبوعين، ضمن سلسلة عمليات انتقامية أطلق عليها اسم "غزوة أبي علي الأنباري"، بعد مقتله في الأول من مايو الجاري. حيث ذكرت صحيفة النبأ الصادرة عن داعش، في عددها الأخير، أن انتحاريين من مقاتليه، أحدهما إيراني الجنسية، نفذا هجومين متعاقبين بسيارات مفخخة على ثكنات ومقرات للقوات الشيعية في منطقة الحامضية شمال غرب الفلوجة، مما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا، في الثاني عشر من مايو. كذلك ادعى أن الإرهابيين شنوا هجومًا واسعًا على مواقع الجيش بمنطقتي الروفة والبحيرات بالكرمة، شمال شرق المدينة، في الثالث عشر من مايو، وسيطروا على عدة ثكنات كما دمروا 15 خيمة وتسعة عربات ومدفعين. وأضاف أن مجموعة إرهابية أخرى اشتبكت مع قوات الجيش والقبائل في التجمع السكني بالعامرية، في الرابع عشر من مايو، وتمكّن من السيطرة على عدة أبنية بالإضافة إلى مركز الشرطة وإحراق عدة آليات عسكرية، وقصف مواقع القوات العراقية بحوالي 150 قذيفة ومدفعية، وأفاد المكتب الإعلامي للتنظيم في الفلوجة بسقوط حوالي 100 شخص بين قتيل وجريح. ولكن يبدو كذب التنظيم فاضحًا في إعلان مسئوليته عن عمليات معينة ثم ادعاء تنفيذ نفس العمليات بعد أسبوع؛ حيث ذكر في النبأ أيضًا أنه قام في العاشر من مايو بقتل سبعة عناصر من الجيش قنصًا في منطقتيْ زوبع جنوب شرق الفلوجة وأرميلة بشمالها الغربي، وقام بتفجير منزل لقوات القبائل العراقية في منطقة الجفة قرب العامرية، جنوب غرب المدينة، وأسفر انهيار المنزل عن مقتل ثلاثة من القوات وإصابة اثنين آخرين. ثم ذكر القنوات الإعلامي الناطقة بلسانه على مواقع التواصل الاجتماعي نفس تفاصيل عمليتي التفجير والقنص على أنهما وقعتا أمس الأحد. قال د. حسن الجنابي، أستاذ العلوم السياسية والعضو السابق بالبرلمان العراقي، أن الجيش العراقي بدأ منذ فترة استعداداته الاستخباراتية للعملية الكبرى لتحرير الفلوجة من أيدي تنظيم داعش، بعد أن دمر مدينة الموصل ثم صلاح الدين ثم الرمادي ثم الفلوجة، وسفك دماء العراقيين وأشعل الفتنة فيما بينهم. وتابع في تصريحات ل "البوابة نيوز": "أقول آسفًا ان التنظيم دمر محافظات أهل السنة، فما هو إلا منظمة إرهابية جاءت لقتل السنة في العراق. وعملية تحرير الفلوجة قد تطول بعض الشيء، ولكن أعتقد أن مدينة الشرف والعزة التي قاومت الاحتلال الأمريكي منذ 2003 حتى 2011 ستعود في النهاية إلى أهلها، فهي عصية بكل مكوناتها وأطيافها على الاحتلال". ورأت د. نورهان الشيخ، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن معركة تحرير الفلوجة من تنظيم داعش من المعارك الصعبة والفاصلة، نظرًا لأن التنظيم يحتمي بأعداد كبيرة من المواطنين ويمنعهم من مغادرة المدينة، معتبرة في الوقت نفسه أن القوات العراقية اتخذت استعدادات جيدة للمعركة وبدأت بإجلاء المواطنين. وأضافت الشيخ في تصريحات ل "البوابة نيوز": "المشكلة تكمن بشكل أكبر في مناخ عدم الاستقرار الذي يجعل العراق أقل تهيئة لخوض المعركة، ولكن اتخاذ السلطات العراقية هذا القرار والإجراءات الواجبة لتنفيذه هو خطوة هامة بحد ذاتها. ولا شك أن داعش سيقاوم بعنف مع التضييق عليه، ويحاول تنفيذ عمليات نوعية موجعة، ولكن على الطرف العراقي تحمل الخسائر والاستمرار في حصار المدينة لتحريرها". وفيما يتعلق بعمليات داعش في الفلوجة، والتي ظهر كذب ادعائه في بعض منها، علقت الشيخ: "العراق يعاني من تلك الهجمات بالفعل في الأسواق والمناطق العامة بشكل مستمر، ويدفع فاتورة غالية جدًا لوجود التنظيم، لذا فحتى لو قام التنظيم بتنفيذ بعض العمليات، وهو شيء متوقع مع التضييق عليه كما حدث في سوريا، فإنه من الأفضل للعراق أن يتحمل تلك الفاتورة أثناء تحرير بلاده". أما عن المشاركة الأمريكية في تحرير المدينة، أشار الجنابي إلى أن داعش يحقق المصالح الأمريكية الإيرانية، مدللًا على ذلك بما رآه العراقيون من انسحابه من مدينتي نينوي والموصل بحماية أمريكية. وأكد أن المواجهة الحقيقية للتنظيم تعتمد على إرادة العشائر السنية التي عقدت العزم على تحرير الأنبار وبشكل خاص مدينة الفلوجة، مضيفًا: " أما الدعم اللوجستي والجوي الأمريكي فلسنا بحاجة إليه، فبالأساس لو انتهينا من الدعم الأمريكي للتنظيم لانتهينا مما سببه لنا من آلام في الدول العربية منذ زمن". واتفقت معه الشيخ التي أوضحت أن القوات العراقية والكردية معتمدة على إمكانيتها الذاتية بشكل كبير في تحرير البلاد، وتحاول الولاياتالمتحدة إضعافها من خلال عدم مدها بالسلاح لذا عقدت صفقات شراء الأسلحة والمعدات مع روسيا منذ 2014، وحققت من خلالها نقلة نوعية بالفعل. وتابعت: "الولاياتالمتحدة لا تشارك فعليًا في ضرب التنظيم، وكل طلعاتها الجوية غير موجعة له. والأهم من دعمها المباشر للجيش هو التوقف عن سلوكياتها التي تثير علامات الاستفهام مثل رمي أطنان المعونات إلى داعش بطريق الخطأ، فضلًا عن مدها للتنظيم بالسلاح حتى الآن؛ فالمطلوب منها هو السيطرة على الموقف من خلال أذرعها في العراق والضغط على حلفائها مثل تركيا لوقف دعم التنظيم".