محافظ البحيرة تضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة انتصارات أكتوبر    احتفالية في بنها بالقليوبية بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر    «التضامن» تشارك في ورشة عمل بجامعة الأزهر لمتابعة توصيات «المرأة في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة»    انتصار السيسي: نستلهم من روح أكتوبر معاني التضحية والانتماء ونغرسها في نفوس أبنائنا    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير العملية التعليمية بالمعهد الفني للتمريض    محمد رمضان يحتفل بذكرى نصر أكتوبر.. ويعلن ترشحه لجوائز Grammy    صعود جديد في سعر الذهب الآن منتصف تعاملات اليوم الاثنين 6-10-2025 (آخر تحديث)    زيادة جديدة في سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 6-10-2025 صباحًا    إزالة 38 حالة تعدي على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بأسيوط    طن «عز» الآن.. سعر الحديد اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025 محليا وأرض المصنع    كامل الوزير يبحث مع وفد البنك الدولي آفاق المشروعات المستقبلية    رئيس هيئة سلامة الغذاء يلتقي الشركات المصرية ويبحث التوسع في المكاتب لتسهيل إجراءات التسجيل والتصدير    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    محافظ الجيزة يتابع انتظام توزيع الأسمدة الزراعية المدعمة على المزارعين    وزير الخارجية الألماني: لأول مرة منذ عامين تتطرق محادثات غزة لحل سياسي قابل للتطبيق    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    مفاجأة.. الزمالك قد يتراجع عن الانسحاب من بطولة أفريقيا لليد خوفا من العقوبات    وكيل يانيك فيريرا: المدرب رفض عرضًا لتدريب الأهلي قبل موسيماني    ريال مدريد يتلقى نبئًا سارًا بشأن نجمه    الإسباني روسيندو يصل القاهرة لتدريب منتخب مصر للتايكوندو حتى أولمبياد لوس أنجلوس    ضبط 925 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    حالة الطقس اليوم الاثنين 6-10-2025 وبيان هام من الهيئة العامة للأرصاد    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    بسبب لعب الصغار.. وفاة سيدة إثر مشاجرة بإحدى قرى كفر الشيخ    شباب زي الورد.. المنوفية تودع 3 من أبنائها ضحايا حادث طريق الضبعة في جنازة مهيبة (بالأسماء)    مصرع عامل إثر سقوطه من مكان مرتفع داخل مصنع بمدينة 6 أكتوبر    «التراث الأثري المصري ثروة لا تُقدّر بثمن».. أول تحرك برلماني بعد سرقة «لوحة سقارة» (تفاصيل)    اليوم.. تكريم رياض الخولي والإسباني رافايل بينيتو في ختام «القاهرة للمونودراما»    الثقافة هذا الأسبوع| احتفالات مكثفة بنصر أكتوبر وانطلاق الملتقى الأول لمراسم الغربية    «النشر السعودية»: العلاقات الثقافية مع مصر تتجدد بروح العصر وتستند لرؤية مشتركة    لماذا يستجيب الله دعاء المسافر؟.. أسامة الجندي يجيب    «الصحة»: 36.5 مليار جنيه متوسط المبيعات الشهرية للأدوية بالسوق المصري    نائب وزير الصحة يختتم جولته بالدقهلية بتفقد مستشفيات المنصورة والمعهد الفني الصحي    للمسنين.. 5 نصائح ذهبية لنوم مريح بعيدا عن الأرق    صحف إسبانيا تحيي الذكرى الثانية لحرب غزة بمظاهرات حاشدة وتنديد بحصار إسرائيل    السعودية تتيح أداء العمرة لجميع حاملى التأشيرات.. انفوجراف    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    الرئيس السيسي يوجه التحية لترامب لمبادرته لوقف إطلاق النار في غزة    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    وليد صلاح الدين: لا صحة لمشادة أفشة مع الجهاز الفني.. والشائعات أصبحت متكررة    حدث في أمريكا .. قاضية فيدرالية تمنع ترامب من نشر الحرس الوطنى فى ولاية أوريجون    كامل الوزير يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر: ملحمة خالدة تلهم الأجيال    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    هيكون أسهل بكتير.. 5 نصائح من خبراء التنظيف تجعل بيتك نظيف ب أقل مجهود    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    «لا أعرف لماذا أنت سلبي بهذا الشكل اللعين.. ماذا دار في مكالمة ترامب ونتنياهو؟    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الملك لير
نشر في البوابة يوم 09 - 05 - 2016

من بين كل أنواع الفنون الدرامية، ومئات المواقف التى تتكلم عن معنى الحب الحقيقى، والفرق بينه وبين زلاقة اللسان التى يتمتع بها أى نصاب، وعما يفعله النفاق فى النفوس والمجتمعات، وكيف يمكنه أن يدمر أعتى الممالك وأعلاها شأنًا، لا يوجد نص فى الأدب العالمى ينافس أو يقترب من عظمة مسرحية «الملك لير» التى كتبها الإنجليزى ويليام شكسبير، وعرضت لأول مرة منذ أربعمائة وعشر سنوات بالتمام والكمال.
مثل معظم أعمال شكسبير تعتمد «الملك لير» على حكاية شعبية شهيرة ونصوص مكتوبة من قبل، وهو فى ذلك مثل العبقرى الآخر بيتهوفن الذى استقى الكثير من ألحانه من «ثيمات» شعبية معروفة، ولكن موهبة كل من شكسبير وبيتهوفن، تتمثل فى المعالجة الفنية شديدة البراعة والجمال والثراء، على مستوى الحبكة والشخصيات والحوار واللغة.. إلى آخر العناصر الفنية التى تميز أى دراما جيدة.
ومثل معظم أعمال شكسبير لا يمكن فصل المعنى المباشر للقصة التى يرويها النص عن المعانى السياسية والفلسفية والنفسية التى يتضمنها. بالرغم من أن «الملك لير» تدور فى ظاهرها عن جحود الأبناء، وعن خرف الشيخوخة الذى يؤدى بالكبار إلى عدم القدرة على التمييز بين الصدق والزيف وبين الإخلاص والتزلف، إلا أنها، مثل «هاملت» و«ماكبث» و«عطيل» و«روميو وجولييت»، يمكن قراءتها قراءة سياسية واضحة وكاشفة.
يدور النص كما هو معروف حول ملك إنجليزى عظيم يطعن فى السن ويرغب فى الراحة من الحكم، فيطلب بناته الثلاث لتوزيع مملكته بينهن، ولكنه يشترط أولًا أن تعبر كل منهن عن مدى حبها له، وتتسابق كل من الابنتين الكبرى والوسطى فى تدبيج عبارات التزلف والرياء، بينما تصاب الابنة الصغرى بالذهول من وقاحة نفاق أختيها، خاصة أنها الأدرى بسريرتيهما الخبيثة الانتهازية، وتبحث داخلها عن كلمات تقولها لأبيها فلا تجد لأنها تدرك أن الحب الحقيقى لا يقاس بمعسول الكلمات، ولكن بالأفعال ومدى الصدق الذى تحمله الكلمات، وعندما يحل عليها الدور لا تقول سوى ما يمليه عليها قلبها وضميرها، ولكن هذا لا يكفى لإشباع غرور الملك المهووس.
تأمل معى المشهد التالى من الفصل الأول للمسرحية الذى يجمع فيه لير بناته ليخبرهن بخطته وقد اعتمدت هنا على الترجمة البديعة التي قامت بها الدكتورة فاطمة موسى:
لير: من منكن تقول إنها الأكثر حبًا لأبيها، حتى تنال من العطاء ما يعادل حبها. جونريل يا كبرى بناتى ابدئى أنت.
جونريل: مولاى إن الألفاظ لا تفى بالتعبير عن حبى لك، إنك أغلى عندى من نور العين ومن الحرية، وأعز من كل غالٍ ونفيس. ولست أقل عندى من الحياة نفسها حين تجتمع فيها العزة والجمال والصحة والشرف. أحبك كأغلى ما تحب البنت أباها، وما يلقى أب من حب بنيه، حبًا يجلّ عن الكلام ويعجز عن وصفه اللسان. أحبك بأكثر وأعز من كل هذا.
كورديليا: «جانبًا» يا ويلتى ماذا أقول فى كل هذا؟ أحب وأصمت.
يقوم لير بمنح ابنته الكبرى ثلث مملكته، ثم يتوجه إلى الابنة الوسطى ريجان طالبًا منها التعبير عن حبها له فتقول ريجان: إنى يا مولاى خلقت من معدن شقيقتى. فلتقدرنى بمثل قدرها، فقلبى الصادق يهتف من أعماقه إنها تحدثت بما أكنه لك من حب، بل ربما قصرت فى التعبير. فأنا يا مولاى بكل جوارحى وإحساسى، لا أجد فى الحياة متعة إلا فى حبى لك.
كورديليا: «جانبًا» ويحك يا كورديليا! لكن لا! أنا أعرف أن حبى يزن فى الواقع أضعاف كلامى.
يهب لير ثلث مملكته إلى الابنة الثانية، ثم ينتقل إلى كورديليا، أحب بناته إليه، والأكثر معزة فى قلبه. لكنها تعجز عن الكلام، فيحاول استمالتها، ثم تهديدها، فتجيبه أخيرًا.
كورديليا: مولاى، إنك أنجبتنى وربيتنى ومنحتنى حبك وعطفك. وأنا أدين لك بكل هذا كما يجب علىّ، فأطيعك وأحبك وأكن لك كل إعزاز واحترام. كيف تعيش أى من شقيقتىّ مع زوجها وتقول إنها لا تحب فى الدنيا سواك؟ وإذا كان لى يوما أن أتزوج فسيكون للزوج الذى أضع قسمى فى يده الحق فى نصف حبى واهتمامى وولائى، وليس من المعقول أن أزف إلى زوج مثل شقيقتى إذا لم يتسع قلبى لحب غير حب أبى.
يصاب لير بالصدمة ويسألها: أهذا كلام من قلبك؟
كورديليا: نعم يا مولاى.
لير: صغيرة هكذا وقاسية؟
كورديليا: صغيرة وصادقة يا مولاى.
يجن جنون لير، الذى عجز عن التمييز بين الخبث المغلف بالنفاق والحب المغلف بالصدق مع النفس ومع المحبوب، فيعاقب ابنته بالتبرؤ منها وحرمانها من نصيبها، وعندما يتدخل أمير «كنت»، الصادق والمخلص أيضًا فى حبه للملك، ويحاول أن ينبهه إلى الخطأ الجسيم الذى ارتكبه بتقسيم المملكة وتوزيعها على من لا يستحق ومعاداة أخلص الناس وأكثرهم شرفًا، ولكن الملك الذى أصابه جنون السلطة المطلقة لا يريد أن يسمع بل ويعاقب أمير «كنت» نفسه بالنفى عن المملكة.
والنتيجة، كما هو متوقع، أن الابنتين الكبرى والصغرى سرعان ما تتنكران لأبيهما وتسيئان معاملته وتطردانه من قصريهما، فيهيم على وجهه ناعيًا الزمن وجحود الأبناء الأقسى من عضة الثعبان فى القلب. وعلى مستوى الحكم تكون نتيجة قراراته بمكافأة المنافقين وتقسيم المملكة بين الطماعين ومعاداة وطرد الصادقين أن المملكة تضعف تدريجيًا ويحل فيها الفساد والخوف والنفاق، وتفقد وحدتها وتدب الحرب الأهلية فى أركانها، فتنهار تحت وطأة خيول الغزاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.