أكد المندوبون الدائمون لدى جامعة الدول العربية عروبة الجولان، وشددوا على رفضهم الكامل للتصريحات التى أطلقها رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مؤخرا، خلال اجتماع مجلس وزرائه الذى عقده للمرة الأولى فى الجولان السورى المحتل. وغابت سوريا عن الاجتماع، نظرًا لتجميد عضويتها فى الجامعة منذ نهاية 2012، بسبب الاتهامات التى وجهتها أنظمة عربية إلى نظام الأسد بأنه يرتكب جرائم ضد شعبه. وأكد السفير راشد آل خليفة، سفير البحرين لدى مصر ومندوب المنامة لدى الجامعة العربية الذى تتولى بلاده رئاسة مجلس الجامعة العربية فى دورته الحالية، إدانة السلوك العدوانى الاستفزازى للحكومة الإسرائيلية بعقدها اجتماعا غير شرعى على أرض الجولان المحتل، وهو ما يتعارض مع جميع قرارات الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي. وشدد آل خليفة على مساندة الدول العربية لسوريا ومطلبها العادل استعادة الجولان المحتل، داعيا الاحتلال إلى الكف عن سياسات التصعيد الاستفزازية عبر ممارسات لا تزيد الوضع فى الشرق الأوسط إلا تأزما. ودعا إلى اتخاذ قرار يطلب من مصر كونها العضو العربى فى مجلس الأمن إثارة هذا الموضوع والدعوة لاتخاذ إجراء مناسب إزاء هذا التطور. وأكد الدكتور نبيل العربى، الأمين العام للجامعة العربية، ضرورة أن تكون هناك وقفة قوية ضد تعنت دولة الاحتلال التي ضربت كافة المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط، محملا مجلس الأمن الدولي مسئوليته تجاه المواقف الإسرائيلية والتصعيد المستمر تجاه الأراضي العربية المحتلة. وشدد العربى على أن السلام الحقيقي فى المنطقة مرهون بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه كافة، لاسيما أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للدول العربية، فى حين أن إسرائيل دأبت على ضرب جميع القوانين وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني. ودعا العربى، خلال الاجتماع، إلى ضرورة اتخاذ موقف جاد وقوى إزاء الخطوات التصعيدية الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، مؤكدا أن دولة الاحتلال تتصرف باستمرار وكأنها دولة فوق القانون والمحاسبة، وهو ما يستلزم وقفة من المجتمع الدولى لردعها. كما دعا السفير أحمد عبدالرحمن البكر، مندوب الكويت لدى الجامعة العربية، إلى اتخاذ موقف لإدانة سياسة حكومة الاحتلال الرافضة لعملية السلام والداعية إلى سياسات تصعيدية لخلق توتر مستمر فى المنطقة. وقال البكر إن «نتنياهو» اتخذ خطوته التصعيدية، وعقد اجتماعا لمجلس وزراء حكومة الإحتلال فى الجولان، باعتقاد واهم أن باستطاعته استغلال ما تمر به المنطقة من توتر وأزمات، مشددا على عروبة الجولان وحق الشعب السورى فى السيادة على هذا الجزء من الأرض العربية. وأكد البكر ضرورة التحرك العربى على كافة الأصعدة والطلب من المجموعة العربية فى نيويورك بالتنسيق مع العضو العربى فى مجلس الأمن، لمطالبة المجلس بتحمل مسئولياته والضغط على إسرائيل للالتزام بجميع قرارات المجلس، والتحرك أيضا باتجاه الجمعية العامة والطلب من المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى اتخاذ موقف من هذه التصريحات والإجراءات غير المسبوقة لحكومة الاحتلال الإسرائيلى. وشدد السفير طارق القونى، مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية، على دعم مصر للحق السورى فى استعادة الجولان المحتل، كونه جزءا لا يتجزأ من الأراضى السورية التى احتلتها إسرائيل فى حرب يونيو، وأن استمرار احتلال الجولان مع باقى الأراضى العربية منذ عام 1967 يشكل تهديدا لاستقرار المنطقة وسلامتها. وأكد القونى أن إسرائيل تخطئ فى اعتقادها بإمكانية استغلال الأزمة السورية لتشتيت العالم عن الحق السورى فى استعادة أراضيه، مطالبا المجتمع الدولى باتخاذ التدابير اللازمة لحمل دولة الاحتلال على تطبيق قرارات الشرعية الدولية بالإنسحاب التام من الجولان، ومن جميع الأراضى العربية المحتلة إلى خط الرابع من يونيو 1967. وأضاف: «فى الوقت الذى تشهد فيه سوريا تركيزا متزايدا من قبل المجتمع الدولى لمحاربة التنظيمات الإرهابية المنتشرة على أراضيها، وما يرتبط بذلك من جهود عسكرية وسياسية، فقد شهدنا انعقاد اجتماع الحكومة الإسرائيلية مطلع الأسبوع الجارى فى الجولان المحتل للمرة الأولى، حيث أعلن رئيس الحكومة نية إسرائيل الاحتفاظ بالجولان للأبد، وطالب المجتمع الدولى باعتبارها حدودا شمالية لإسرائيل، بما يمثل تحديا للإرادة الدولية وانتهاكا للقرارات الأممية ذات الصلة». وأشار إلى أن إقدام إسرائيل على هذه الخطوة يعكس رغبتها الأكيدة فى ضم الأراضى العربية التى احتلتها عام 1967، وأنها لن تتخلى عنها قط، ضاربة عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، وهو ما يؤكد عدم وجود إرادة سياسية لدى إسرائيل للمضى قدما فى تحقيق السلام الشامل مع العرب. وأعرب القونى عن قلق مصر إزاء استمرار مجريات الأزمة السورية مع ما تحمله من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وأمنها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية، إضافة إلى ما تخلفه من معاناة إنسانية قاسية للشعب السورى، نتيجة لتصاعد أعمال التدمير والعنف المرتكبة ضد المدنيين، وما تسفر عنه من تزايد مستمر فى أعداد النازحين واللاجئين داخل سوريا وفى دول الجوار العربى والأوروبى، مؤكدا ضرورة تعزيز الجهود الدولية الرامية لدعم سيادة سوريا واستعادتها لاستقرارها. وقال القونى: «إننا نعلق آمالا كبيرة على عملية المفاوضات الجارية تحت رعاية الأممالمتحدة بين المعارضة والحكومة السورية لتثبيت وقف إطلاق النار وتشكيل هيئة حكم انتقالى، بهدف التوصل لتسوية سياسية تنهى المأساة السورية». وأكد خليفة الطنيجى، القائم بأعمال السفير ومندوب الإمارات الدائم لدى الجامعة العربية، أن التصريحات الإسرائيلية حول الجولان المحتل بمثابة انتهاك صارخ للحقوق العربية وتزييف للتاريخ والواقع. وشدد الطنيجى على أن دولة الاحتلال تمعن فى سياستها الاستعمارية منتهكة جميع القرارات والمقررات الدولية والعربية ذات الصِّلة بعملية السلام فى الشرق الأوسط، مطالبا المجتمع الدولى بممارسة دوره بالضغط على إسرائيل لحملها على الانسحاب من جميع الأراضى العربية المحتلة، تنفيذا لقرارات مجلس الأمن الدولى التى أكدت جميعها وجوب الانسحاب الإسرائيلى الكامل من جميع الأراضى الفلسطينية والعربية المُحتلة، بما فيها الجولان العربى السورى المحتلّ. وقال إن دولة الإمارات العربية المتحدة تستذكر مع مجلسكم الموقر استمرار مسلسل التصعيد الإسرائيلى، وارتكابها الجرائم فى حق الشعب الفلسطينى الأعزل، وانتهاكها اليومى لحُرمات المسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية ودون وازع أو رادع. وأكد أن ما تقوم به إسرائيل يعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ وقواعد القانون الدولى والمواثيق الدولية والشرعية الدولية، المتمثلة فى قرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ويخالف بصورة فجة وصريحة لوثيقة الأممالمتحدة التى تنص على أنه لا يحق لدولة إعلان سيادتها على جزء من دولة أخرى. أما السفير أحمد قطان، سفير المملكة السعودية لدى مصر ومندوبها لدى الجامعة العربية، فقد أكد أن بلاده والعالم لن يقبلوا بتصريحات نتنياهو ويرفضون أى إجراءات تصعيدية تجاه الجولان التى ستبقى عربية إلى أن يبقى الله الأرض ومن عليها، مؤكدا أن الكيان الصهيونى يستغل الأزمة السورية التى نشبت منذ عدة سنوات طالما أن بشار الأسد وبطانته يصرون على قتل الشعب السورى. وأكد قطان دعم صمود الشعب السورى فى الجولان المحتل، ودعمه فى التمسك بهويته العربية، داعيا إلى ضرورة التصدى بقوة لهذا التصعيد الإسرائيلى المستمر الذى يسعى عبره لفرض سياسة الأمر الواقع، وهو الأمر الذى لن ترضى به الدول العربية.