يهتاج المخبول حينما يرى صليبًا.. ويهتاج المخبول ضد المسيحى لأن الله تعالى قال: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ...}البقرة 120. مع أن المسيحى واليهودى لا يرضيان عنك إلا إذا اتبعت ملتهما لأنهما يريدان بك خيرًا لتدخل الجنة معهما.. فهذا معتقدهما.. وأراه من السوية النفسية.. لكن الكره والبغضاء والمشاحنات ليست للأسوياء. إنها الصورة العدوانية لممارسة الإسلام بلا وعى ولا إدراك قويم.. فليس معنى أن الله تعالى قال: {... وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ...}النساء157. أن نكره الصليب.. لأن الذين يكرهون الصليب لم يلتفتوا لقوله تعالى: [وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ].. فتشبيه الله لهم يجعلهم فى موقع المعذور حتى وإن ورد بالقرآن غير ذلك.. لسبب هام وهو أن الله هو الذى شَبَّه ذلك الصلب لهم. وتعلمون بأن تشبيها أقل من تشبيه الله قد أَفْزَعَ نبيا من أولى العزم من الرُّسُل وهو نبى الله موسى عليه السلام حين رأى من تشبيه السَّحَرَة أن حِبَال السحرة وعِصِيّهُم تسعى وكأنها ثعابين ما جعل الخوف يَدُبُّ فى قلب نبى من أولى العزم حتى ثَبَّتَهُ الله.. لذلك تدبر قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى{65} قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى{66} فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى{67} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى{68} وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى{69} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى{70}. ويقول رسول الله فيما روى عنه [خير الناس أعذرهم للناس].. فانتبهوا لفقه الدعوة ولا تنتبهوا لأمور ترونها سلبيات من وجهة نظركم.. بينما هى حقائق صنعها الله العلى الأعلى بينما أنتم تكرهونها. ولم ينزل الله القرآن لأجل الإيمان بعدم صلب المسيح أو صلبه.. لكن أنزله لنعيش الوئام الإنسانى فيما بيننا طالما اتحدنا على ثلاثة أمور: 1. أن الله واحد لا شريك له فى ملكه. 2. أن الساعة حق والقيامة حق لا ريب فيهما. 3. وأن العمل الصالح هو معبر تلك الحياة لحُسْنِ المصير. أما باقى الأمور فيمكن التفاهم حولها والتعايش مع الاختلاف بشأنها..يعنى أن يكون كتابك التوراة ويكون كتابى الإنجيل ويكون لآخر كتاب اسمه القرآن.. أو أن تصلى وتصوم بهيئة مغايرة لما أصلى أنا به أو أصوم.. فكل ذلك مقبول فيه الاختلاف ومن بينها الاختلاف حول الصليب والصلب. لأن الله تعالى قال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}المائدة 48. فكفانا مشاحنات وكرها وبغضاء فلقد أرسل الله نبينا رحمة للعالمين ولم يرسله نقمة ولا لينشر الكراهية ولا ليدق الصليب ولا ليهدم الكنائس ولا ليقتل الخنزير. فالخنزير من مخلوقات الله التى أراد الله لها الحياة.. ولا تحريم للخنزير كُلُّه إنما حرّم الله علينا أكل لحمه فقط.. فهو ليس مخلوقا مُحَرّمًا أو مكروها.. لكن أكل لحمه فقط هو الحرام على المسلمين.. لذلك ليس لنا أن نعادى أحدا لمفاهيم ضيقة وممارسات نظنها من الدين بينما الدين منها براء. محام بالنقض ومحكم دولى وباحث إسلامي