"بجري في مكاني، لكن طريقي نهايته ضي، بسبق زماني، لو يوم هموت أنا حلمي حي".. أغمض عينيك لوهلة واسرح مع معاني تلك الكلمات، التي ربما تبدو في ظاهرها اعتيادية أو كئيبة في مطلقها ومن المحتمل غير مفهومة في المقصود منها، لكنها بكل بساطة تجسد تلك الحالة التي يعيشها كل من يضيع عمره جريًا وراء سارب حلمه، لا منه سيلمسه بين يديه، لا هو يستطيع التوقف عن "الجري" خوفًا من ضياع فرصة رؤية الحلم ولو من بعيد. من قال أن الأحلام مجانية، ليست هناك شئ "ببلاش" في الحياة، فمهما كانت امنياتك سهلة التمني في خيالك، فتحقيقها سيستحوذ على رصيد من عمرك ولو "من غير متاخد بالك"، يسيطر على تفكيرك ويخطف منك أيام تلو الأشهر حتى تنال أمل الوصول لخط النهاية، وتجسد الحلم من مجرد خيال إلى واقع ملموس، ولكن في أغلب الأحيان تتغير الأحلام مع الوقت، تارة تقترب خطوط النهاية وتارة تبتعد وفي أحيان أخرى لا يوجد هنالك للحلم خط نهاية، فتجد نفسك "تجري في مكانك"، لا منك قد "طولته" ولا حتى اقتربت منه، وفي كلا الحالتين الجري في المكان أفضل من الوقوف دون حراك. ربما تكون هذه التوصيفات مبالغة في توصيف تلك الحالة التي استفشيتها من حالة أغنية "بجري في مكاني" لفريق صولو باند، خليط مختلف من الكلمات العميقة في معناها رغم بساطتها، وبين قوة مزيكا الروك، مع الأداء المفعم بالإحساس العالي في الانكسار والتفاؤل، هي إحدى أشهر أغنيات الباند، المنطلق من قلب العاصمة الثانية، مرتويًا بالهواء العليل لبحر إسكندرية وشواطئها، ساعيًا وراء حلم التعبير عن الذات وعن تفكير الجيل عبر الموسيقى، معتمدًا على الإنتاج الذاتي لإخراج صورة غنائية للأحلام والأفكار المبعثرة، رحلة بدأت بذرتها في النمو منذ قرابة الست سنوات، حلم طارد المطرب والجيتاريست مؤمن سترو، لتكوين فريق غنائي مستقل يعبر عن مكنونات الواقع بصورة مزيكا معتمدة بشكل أغلب على طابع الروك بعنفه وهدوئه وتنوع تركيباته اللحنية. "شكل الباند اتغير كزا مرة، ومكناش محددين صورة نهائية للمزيكا".. هكذا يصف سترو بدايات الباند، والذي انطلق بمجرد ثلاثي، جمع بينه وبين عازفي الجيتار مروان سترو وكريم يحيي، إلا ان الصورة الاخيرة للمحتوى لم تكتمل سوى في منتصف عام 2013، وتبلورت بشكلها النهائي بعد دخول بعض الأعضاء وانفصالهم عن الفريق بشكل مستمر، بانشغالهم بمشاغل الحياة من دراسة وجيش وعمل، حتى تم وضع حجر أساس أول ألبوماتهم المستقلة "بيقولك"، رحلة طويلة استمرت قرابة السنتين، بداية من تجميع كلمات الأغاني لوضع التصور المبدئ للألحان والطابع العام للمزيكا، حتى التسجيل المعتمد بشكل كامل على التمويل الذاتي، وصولًا إلى الماسترينج والذي تم خارج مصر وتحديدًا في ولاية تنسي بأمريكا، في نفس توقيت عمل ماسترينج ألبوم مسار إجباري الأخير "تقع وتقوم"، ولا ينسى الباند الدور الفعال للفنان أيمن مسعود من مسار والذي ساعد على إخراج ألبوم صولو للنور بالتسجيل والماستر، لينطلق الألبوم بعد عام تسجيل وعام من "سحلة" تخليص الإجراءات القانونية للترخيص والتوزيع، تحديدًا في سبتمبر من العام الماضي. 8 أغنيات مختلفة تنوعت مواضيعها بين الحلم والتفاؤل والعاطفة، والصراع النفسي والتفكيري، بين "حاول"، و"صوت ضميرك"، وأول كليباته المصورة "أي سكة"، وبين تجسيد حالة "اللي بيفتي في أي حاجة"، خاصة في أغنية "بيقولك"، " كل مرة أتوه في حتة أسأل خمسة ستة كل واحد ليه إجابة"، مرورًا بالأغنية التي ذاع صيتها للباند وسط الجماهير لخفة دمها وكلماتها المفاجئة "طز فيكي وفي جمالك أيوة طز في لون عنيكي، طز في اللي عجبه حالك واللي قلبه يحن ليكي"، وبين جرعة أمل بسيطة بين كلمات أغنية "افرد وشك"، "في حقيقة الناس بتبان بتكون راسمالك الوش، وبتظهرلك اوقات فالناس هتقول معش، ومحدش حاسس بيك". الطابع العام لنوعية المزيكا المتبني لها صولو تدور في فلك الروك، مع بعض اللمسات من الأورينتال والريجي وبصمات السايكديليك، خاصة مع الشكل الجديد للباند الذي يسعى للظهور به بعد ألبومه الأول، مع إطلاقه كل فترة تراك سنجل من حين لآخر، مثل "الحفرة"، وتحضيره لمفاجاته المرتقبة المتمثلة في تراك "القبلة"، ومن بعد غعادة تقديمه أغنية "أوقات يا دنيا"، للنجم محمد فؤاد ولكن على طريقته الخاصة، مع وضعه لمساته الأولية لعودته إلى الساحة الجماهيرية بجولة حفلات خلال موسم الصيف المقبل، مع إطلالته بين التارة والأخرى بأغنية منفردة تمهد لرجوعه للوسط بمحتوى مزيكاتي مختلف عن المعتاد.