بعدما لوح عدد من أحزاب المعارضة المدنية، التي تتجمع في إطار ما يعرف ب“,”جبهة الإنقاذ الوطني“,”، بمقاطعتها، أصبح من المحتمل أن تخوض التيارات والأحزاب الإسلامية في مصر الانتخابات البرلمانية المقبلة بمفردها. ويتعزز موقف المعارضة بعدما رفض الرئيس محمد مرسي تأجيل الانتخابات. وقالت مصادر في المعارضة المصرية ل“,”الشرق الأوسط“,” إن إصرار الرئيس مرسي على تجاهل مطالبنا سيدفعنا إلى اتخاذ قرار المقاطعة، لنزع الشرعية عن هذه الانتخابات. وتبحث الهيئات العليا للأحزاب الرئيسية في المعارضة، ومنها الوفد والدستور والمصري الديمقراطي، في اجتماعات طارئة متواصلة منذ الأمس وحتى اليوم، قرارها النهائي من المشاركة في الانتخابات من عدمه، في انتظار اجتماع موحد لها تحت راية “,”جبهة الإنقاذ الوطني“,” لحسم الأمر. وقالت “,”مصادر“,” في حزب “,”الوفد“,” الليبرالي، إن الحزب سيعقد اجتماعًا لبحث قرار مرسي، وأن الأغلب هو تصويت الأعضاء برفض المشاركة في الانتخابات ونزع غطاء الشرعية عنها، حتى يتم إرغام الرئيس مرسي على الاستجابة لمطالب المعارضة، ومنها تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير العملية الانتخابية، ووضع إجراءات واضحة لضمان نزاهة الانتخابات. من جانبه، قال الدكتور عماد جاد، القيادي بالحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي، إن هناك انقسامًا داخل صفوف الحزب بشأن المشاركة، وهو ما سيتحدد عن طريق التصويت الداخلي، لكن في كل الأحوال فإن المشاركة ستكون مرتبطة بحزمة قرارات على الرئيس أن يتخذها الآن لنضمن نزاهة العملية الانتخابية. وكان مجلس الشورى، الذي يتولى العملية التشريعية بشكل مؤقت، قد وافق الخميس الماضي على قانون الانتخابات البرلمانية، بعد أن أدخل تعديلات طالبت بها المحكمة الدستورية العليا. وأعلن التيار الشعبي، وهو تجمع سياسي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي وأحد الأضلاع الرئيسية في جبهة الإنقاذ، مقاطعته للانتخابات رسميًا في موقف منفرد. من جهته، طالب الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، والمنسق العام ل“,”جبهة الإنقاذ الوطني“,”، بتأجيل إجراءات الانتخابات. وقال في تدوينة له أمس، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “,”تويتر“,”: “,”محاولة إجراء الانتخابات مع استمرار الاحتقان المجتمعي وهشاشة مفاصل الدولة وقبل التوصل إلى توافق وطني، أمر غير مسئول سيزيد الوضع اشتعالا“,”. كما علق عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، على قرار الدعوة للانتخابات بالقول: “,”الموعد يلتقي مع تواريخ متوقعة لانهيار الاحتياطي النقدي المصري، ما يتطلب التركيز على مواجهة الكارثة الاقتصادية ونتائجها الاجتماعية.“,” وأضاف موسى وهو أيضًا أحد أقطاب جبهة الإنقاذ “,”كان الأفضل إجراء تشاور بين القوى السياسية بشأن الموعد الأنسب للانتخابات ولا تنفرد به الرئاسة، وذلك في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها مصر“,”. فيما اعتبر الدكتور عمرو حمزاوي، عضو البرلمان السابق، أن إجراء الانتخابات البرلمانية وفقًا للقواعد المعمول بها حاليًا لن يرتب إلا المزيد من غياب العدالة عن السياسة وقد تتحول المعارضة إلى ديكور في مشهد معيب، مضيفًا أن “,”قواعد العملية السياسية، من انتهاكات حقوق الإنسان والدستور المشوه وأخونة المؤسسات إلى الحكومة غير المحايدة وقانون الانتخابات، غير عادلة“,”. وانتقد رجل الأعمال نجيب ساويرس قرار مرسي باعتبار أن موعد الاقتراع في انتخابات البرلمان يوافق عيد الفصح عند المسيحيين. وقال: “,”الموعد يعطي أمارة أخرى لتهميش الأقباط ومقاطعتهم الانتخابات“,”، مشيرًا في تغريدة له على “,”تويتر“,” “,”بالنيابة عن الأقباط أشكر الرئيس على اختياره “,”أحد الشعانين“,” و“,”عيد الفصح“,” لإجراء الانتخابات الباطلة.. فلقد أعطانا أمارة أخرى على التهميش والمقاطعة“,”. في المقابل، قال الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، إن مجلس النواب القادم سيكون متنوعًا، ويضم كل الأصوات الوطنية، الإسلامية بكل تنويعاتها، واليمينية والليبرالية بكل اختلافاتها، واليسارية أيًا كانت صراعاتها. كما أعلن حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، خوضه الانتخابات. وقال الحزب في بيان له أمس: “,”إنه كان يتمنى أن تتوافق كل القوى السياسية على موعد واحد للانتخابات، لكن ما دام الموعد الذي حدده رئيس الجمهورية في صالح الوطن فلا مفر من خوض الانتخابات.“,” وكشف عاصم عبدالماجد، عضو مجلس شورى الجماعة، عن وجود مشاورات مستمرة مع أحزاب “,”الأصالة والفضيلة والوطن“,” والشيخ حازم أبوإسماعيل، لخوض الانتخابات ضمن تحالف انتخابي. وبينما تحفظ حزب مصر الذي يرأسه الداعية الإسلامي عمرو خالد على قرار الرئيس بتحديد موعد الانتخابات، مؤكدًا أنه غير مناسب في ظل حالة عدم التوافق الوطني. وقال وليد عبدالمنعم، المتحدث الرسمي باسم الحزب إنه “,”رغم التحفظ على موعد إجراء الانتخابات لكننا سنستعد لخوضها عن طريق تجهيز القوائم عبر التشاور مع جميع الأحزاب.“,” وقالت “,”فيكتوريا نولاند“,” المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، أمس: “,”إننا نشجع الحكومة المصرية على إجراء الانتخابات البرلمانية في أجواء شفافة وحرة وأن تسمح الحكومة المصرية للمنظمات الدولية والمحلية بمراقبة الانتخابات“,”. وأضافت “,”نولاند“,” أن “,”المصريين لهم الحق في تطبيق المعايير الدولية لمراقبة الانتخابات وضمان أن تتم بشكل ديمقراطي وأن تتمتع بالشفافية والحرية، ونطالب الحكومة المصرية أن توفر الجو الملائم لإجراء الانتخابات، كما نشجع المصريين على التعبير عن آرائهم في عملية ديمقراطية“,”. وحول اعتراضات المعارضة المصرية لإجراء الانتخابات في أجواء مشحونة بالتوتر ومطالبتها بشروط لضمان نزاهة الانتخابات، قالت “,”نولاند“,”، “,”إننا نشجع كافة التيارات السياسية في مصر على المشاركة في الانتخابات، وهي عملية ديمقراطية يجب أن تتم ونريد أن نراها تتم في جو من الشفافية والنزاهة، وإذا كان لدى المعارضة المصرية مخاوف حول العملية الانتخابية فهذا يجب حله من خلال الحوار“,”. وكان الرئيس مرسي، قد أصدر أول أمس، قرارًا دعا فيه المواطنين لانتخاب أعضاء مجلس النواب، على أربع مراحل، اعتبارًا من 27 أبريل المقبل، على أن تنتهي في أواخر يونيو المقبل، بحيث يعقد المجلس الجديد أولى جلساته في 7 يوليو.