رأى الخبير الاقتصادي محمد دشناوي إن مطالبة البعض للبنك المركزي والحكومة بضرورة تحرير سعر العملة المحلية الجنيه في الوقت الحالي تلبية لمطالب المؤسسات المالية الدولية هو أمر يصعب تحقيقه ولا يمثل الحل الامثل للأزمة ولا يتناسب مع وضعية الاقتصاد المصري. وقال دشناوي، إن حل مشكلات الاقتصاد المصري تحتاج إلى زيادة التركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة كثيفة العمالة والمنتجة، مشيدا بالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي وقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي برفع الجمارك على السلع الاستفزازية وسلع الرفاهية مشيرا إلى انها جزء من حل المشكلات التي تواجه الاقتصاد في مصر. وأضاف أن الاقتصاد المصري يعاني من مشكلات جذرية من نسب بطالة حقيقية تتجاوز 25 % ومعدلات تضخم وصلت إلى أكثر من 12 %، مشيرا إلى أن تحرير الجنيه أو تعويمه سيفاقم تلك المشكلتين الازليتين أمام الاقتصاد المصري منوها إلى أن البعد الاجتماعي لهذه الخطوة سيكون خطير للغاية مع تزايد البطالة وارتفاع الأسعار المتوقع نتيجة تلك الخطوة. وأشار إلى أن الاقدام على تلك الخطوة سيؤدي إلى مزيد من تآكل الطبقات الوسطى والفقيرة ومزيد من الممارسات الاحتكارية بالسوق وعدم القدرة على وضع آليات لتسعير السلع في دولة لا تزال تعتمد على الاستيراد حتى في توفير رغيف الخبز وتصل الفجوة بين الاستيراد والتصدير إلى أكثر من 60% لصالح الاستيراد. ونوه إلى أن تعويم الجنيه سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتج محليا حيث تستهدف أغلب المصانع السوق المحلية لتسويق منتجاتها، ما يعني مضاعفة الأسعار وفي ظل انخفاض الدخول وارتفاع البطالة لن تستطيع المصانع الاستمرار وسيؤدي بها ذلك إلى الاغلاق في نهاية المطاف، مشيرا إلى أن خطوة تعويم الجنيه تصبح ذات فائدة مضاعفة حال كوننا دولة مصدرة وليس مستوردة كما هو الوضع حاليا. ولفت إلى أن الاقتصاد المصري يعاني من تراجع ايراداته من العملات الاجنبية بسبب تراجع حركة التجارة العالمية واثرها على عوائد قناة السويس، فضلا عن استمرار أزمة السياحة التي تفاقمت منذ سقوط الطائرة الروسية بعدما وصلت ايراداتاها إلى أكثر من 7 مليارات دولار في العام السابق لسقوط الطائرة، كما لفت إلى أن تحويلات العاملين بالخارج والتي تبلغ 19 مليار دولار بحسب آخر الاحصائيات قد تتأثر بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية وهبوط أسعار البترول. وأشار إلى أن مصر ورغم محاولات الحكومة لتشجيع الصناعة المحلية، إلا إنها لا تزال دولة مستهلكة والفجوة بين ايراداتها وصادراتها كبيرة للغاية، ما يعني أن موراد الدولة الأساسية من الدولار محدودة، وبالتالي الاقدام على خطوة تعويم الجنيه ستكون سلبياته أكثر بكثير من إيجابياته وستمس بشكل مباشر المواطن العادي والعاطل والموظف. وطالب دشناوي بضرورة البحث عن بدائلة جديدة ومبتكرة لحل مشكلات الاقتصاد ترتكز جميعها حول زيادة معدلات الإنتاج والتشغيل، وبالتالي التصدير مشيرا إلى أن الطفرة في الصادرات لن تحدث بتعويم الجنيه وإنما بوجود منتج مصري عالي الجودة وقادر على المنافسة في السوق العالمي. وأكد أن المنادون بتعويم الجنيه يهدفون من ذلك ارضاء المستثمر كي يأتي إلى مصر، لكن الواقع يؤكد أن المستثمر يذهب إلى أي بلد قادرة على توفير العملة الصعبة للمستثمر متي طلب ذلك وهذا لا يأتي بالتعويم وإنما بتنشيط الاقتصاد ودعم الإنتاج والعمل على زيادة متحصلات الدولة من العملات الاجنبية الاخرى. يشار إلى أن البنك المركزي يحدد سعر تداول الجنيه عند 73ر7 جنيه وفي البنوك بين 78ر7 جنيه و83ر7 جنيه، بينما يبلغ سعره في السوق الموازية بين 60ر8 جنيه و70ر8 جنيه.