سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسواق البديلة فشلت في علاج أزمة الباعة الجائلين.. أسواق عين حلوان وتوشكى تحولت إلى "خرابة".. البائعون: "بيوتنا اتخربت والبضاعة مرطرطة ومفيش زبائن وعشانا عليك يا رب"
تعد أزمة الباعة الجائلين على مدى سنوات طويلة من المشاكل التي لا تجد الحكومة لها حلولا، حتى بعد أن قامت محافظة القاهرة بإنشاء أسواق بديلة لهم، كان آخرها سوق عين حلوان وتوشكي لإنهاء أزمة تكدس الباعة على الأرصفة وإعادة المظهر الحضاري للشوارع والميادين، فضلًا عن حماية الباعة من المطاردات المستمرة من قبل شرطة المرافق إلا أن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد ازداد الأمر سوء، وسادت حالة من الغضب بين التجار بعد أن تعرضوا لخسائر جسيمة نتيجة لعدم قدرتهم على بيع بضائعهم، وانعدام الأسواق الجديدة من الزبائن، فارتفعت صراخهم بعد معاناة الخراب وهجروا منها وحاليا أسواق الحكومة تسكنها الأشباح. والحقيقة فلم تكن الأسواق البديلة هى الحل للتخلص من الباعة الجائلين، فقد خلقت مشاكل عديدة أهمها عدم اقبال المواطنين على تلك الأسواق لابتعادها عن أماكن عملهم، فأغلب الموظفين كانوا يفضلون الأسواق القريبة منهم اختصارًا للوقت، وبالرغم من كونها قضت على ظاهرة الأسواق العشوائية، إلا إن الحكومة لم تهتم بحل مشاكل هؤلاء الباعة، وكلفت تلك الأسواق ملايين الجنيهات. وكانت محافظة القاهرة قد انتهت العام الماضي من انشاء عدة أسواق لتسكين الباعة، إلا إنها لم تلق نجاحًا كما كان متوقعا، حيث تم إنشاء سوق في مدينة 15 مايو على مساحة 15 فدانا بتكلفة مالية تقدر ب 100 مليون جنيه، لاستيعاب نحو 979 محلا لنقل الباعة الموجودين بمنطقة التونسي، إلا إن هذا السوق تسكنه الاشباح، كما سبق وأكدت الحكومة في العام السابق أن هناك خطة لتطوير75منطقة وسوقا عشوائيا بتكلفة تصل لنحو 1.47 مليار جنيه، والتي بدأت بتطوير 5 أسواق عشوائية بمحافظتي القاهرة وبورسعيد بتكلفة بلغت نحو 39 مليون جنيه. وسعت محافظة القاهرة لتنفيذ خطة موسعة لنقل الباعة الجائلين الموجودين بالشوارع والميادين إلى أسواق حضارية مخصصة لهم، وبالفعل بدأت الخطة في عام 2014 الماضي، والتي تم تنفيذها على مرحلتين الأولى بدأت بنقل الباعة من منطقة وسط البلد وشوارع قصر النيل وطلعت حرب، إلى جراج الترجمان بصفة مؤقتة حتى تم نقلهم إلى أرض وابور الثلج بميدان عبد المنعم رياض، أما المرحلة الثانية، فكانت تضم الباعة الجائلين الموجودين بميدان رمسيس، ومنطقة بولاق أبو العلا، إلى جراج أحمد حلمي حيث يبلغ عددهم نحو 549 بائعا، جاء ذلك في إطار سياسة محافظة القاهرة بإنشاء مجمعات تجارية كبرى تستوعب أكبر حجم من الانشطة التجارية لتخفيف الضغط المروري، والتكدس من قلب العاصمة، وبالفعل قامت محافظة القاهرة على مدى العامين الماضيين بتنفيذ عدة أسواق تجارية، انتقل اليها عدد كبير من الباعة الجائلين وكان آخرها سوق عين حلوان وتوشكي الذي تم نقل باعة حلوان اليهما. في نهاية شهر سبتمبر الماضي، قامت الأجهزة التنفيذية بنقل الباعة الجائلين من أمام محطة مترو حلوان، حيث تم نقل عدد كبير منهم إلى سوق توشكي بجوارالموقف، وتم تسكين الآخرين بالسوق الجديد بمحطة عين حلوان، بينما فوجئ آخرون بعدم وجود أماكن لهم، ويبلغ عدد الباعة الجائلين الذين كانوا يعملون بمحيط محطة مترو حلوان نحو 3 آلاف بائع متجول تم تسكين أغلبهم بالأسواق الجديدة. مع العلم أن موقف عين حلوان يستوعب نحو 700 باكية وتبلغ مساحته 5 آلاف متر، اما موقف توشكي فتبلغ مساحته نحو 1200 متر ويضم 400 سيارة سيرفيس و800 باكية تم تخصيصها للباعة الجائلين، وقبل البدء في إخلاء منطقة حلوان من الباعة بأيام أكد الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة، أن سوق توشكي وعين حلوان انشأتهما المحافظة لنقل الباعة الجائلين تمهيدًا لإعادة المظهر الحضاري لمنطقة حلوان وتلبية لرغبة الأهالي، وأشار إلى أنه تم تخصيص 4 أتوبيسات نقل عام بالمجان، لتوصيل المواطنين من محطة المترو إلى الأسواق الجديدة، وشدد على اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد أي مخالف يحاول العودة إلى حلوان مرة أخرى، مؤكدًا أن عملية نقل الباعة تمت بكل سهولة، خاصة وأنه تم توفير أماكن بديلة لهم، وتسليمهم الكروت الخاصة بهم لاستلام أماكنهم وأكد على أن هناك عددًا من الباعة لم يحصلوا على كروت للباكيات وستسعى المحافظة لتوفير أماكن بديلة لهم في أقرب وقت. قامت "البوابة نيوز" بجولة بسوق عين حلوان وتوشكي لتفقد أوضاع الباعة الجائلين الذين تم نقلهم مؤخرًا بناء على قرار محافظ القاهرة الدكتور جلال مصطفى السعيد بنقلهم إلى هناك، وعندما اقتربنا من سوق عين حلوان كان الوضع مؤسفا للغاية، حيث خلت الأسواق من الباعة باستثناء عدد قليل جدًا، وسادت حالة من الغضب، والاستياء بين التجار بعد تسكينهم في الباكيات المخصصة لهم، وهجر أغلب التجار أماكنهم لعدم وجود زبائن، وابتعاد السوق عن المواقف الحيوية، وتحول المكان إلى صحراء بمجرد غروب الشمس. وقال "عاطف عبد الكريم" فكهاني "بيوتنا اتخربت والبضاعة مرطرطة.. وعشانا عليك يا رب"، وأوضح الوضع هنا سيئ للغاية فمنذ أن تم نقلنا ونحن نعاني من ضعف اقبال المواطنين على الشراء، خاصة وأن السوق بجوار موقف الصف وبني سويف وأغلب التجار يبيعون الفاكهة، علمًا بأن منطقة الصف منطقة زراعية ولديها اكتفاء ذاتي ولا يحتاج أهلها لشراء الفاكهة من التجار، هذا فضلًا عن كون المنطقة جبلية، ولا تتمتع بأية خدمات، كما أننا بجوار محطة عين حلوان التي لا تتمتع بكثافة سكانية، مما ادي لكساد بضائعنا وتعرضنا لخسائر جسيمة، وأنه كل يوم يعود لأسرته بلا أموال ويقول بصوت يغلب عليه اليأس احنا اتخرب بيوتنا فحركة البيع والشراء تكاد تكون منعدمة، ولا يوجد زبائن كما كان الحال في حلوان، كما أن المكان بعد الساعة الخامسة مساء يصبح خاويًا وبلا مارة، مما يزيد الأمر سوءا ويؤكد أن هناك العديد من التجار جلسوا في منازلهم بسبب عدم قدرتهم على البيع، وتعرضهم لخسائر جسيمة، ومع ذلك لم يهتم أحد بحل مشاكلنا وتركونا نصارع من أجل لقمة العيش. وأضاف" أحمد أبو النصر"،لم نعترض على قرار المحافظة بنقلنا لأسواق حضارية، لكننا منذ مجيئنا إلى السوق في نهاية شهر سبتمبر الماضي، ونحن نعيش مأساة حقيقية، فقد قامت المحافظة بتسليم الباعة الباكيات الخاصة بهم، وتركهم دون أي نوع من الرعاية، ولم يحاول أحد من المسئولين تفقد أوضاعنا بعد مجيئنا، فنحن نعاني من قلة مصادر الرزق وليس لنا دخل آخر يمكن من خلاله اطعام اطفالنا الصغار، والوضع في السوق الجديد لا يمكن أن تحمله، وكل منا لديه اسرة ومسئول عنها والغلاء أفسد علينا حياتنا ولم نعد قادرين على مواجهة الأعباء، ويتساءل من أين نعيش، وهل تقبل الحكومة بهذا الوضع. وأضاف بضرورة نقل مواقف مايو بالقرب من الأسواق لاحياء المكان، حتى يتردد المواطنون على السوق ونتمكن من العيش بكرامة. وقال "هاني أحمد"،عندما قام الحي بالقرعة لتسليم الباعة الجائلين أماكنهم بالسوق فوجئ العديد منا بعدم وجود مكان له، كما فوجئ الجميع بعدم تجهيز الباكيات المخصصة لهم، حتى يتم تحديدها فقط بالأرقام، وعلى كل بائع أن يتولى تقفيلها، حيث تتكلف الباكية الواحدة ما لا يقل عن 2500 جنيه، وهذا أمر يصعب تحمله في الوقت الذي لا توجد فيه حركة بيع وشراء، لذا نطالب المحافظ بالتدخل لانقاذنا. وأضاف الحاج "أحمد على"، تم تخصيص المكان لأكثر من 500 بائع، وحتى الآن لا يوجد منهم سوى 5 تجار فقط، فأنا أبيع الفاكهة منذ سنوات طويلة، وعندما تم نقلنا لسوق عين حلوان تعرضت لخسارة كبيرة بعد مرور شهر تقريبًا على تسكيننا في هذا المكان، فقد خسرت ما يقرب من 4500 جنيه، هذا فضلًا عن اشتراك أكثر من بائع في باكية واحدة لا تتعدى مساحتها متر في مترين، وأكد أن أغلب البائعين لا يجدون قوت يومهم، بعد أن أصبحنا نعيش في خراب وظلم، فقد فسدت بضائعنا لعدم وجود زبائن، وأصبحنا بلا حيلة، ويطالب المسئولين بنقل موقف مدينة مايو بجوار محطة عين حلوان وإنقاذهم من الضياع والتشرد. وقال ممدوح عبد الراضي بيوتنا اتخربت، وإنه رفض إحضار بضاعته بعد أن شاهد الوضع المأساوي لزملائه، الذين تعرضوا لخسائر، وأكد أنه كان يبيع احذية بسوق حلوان منذ أكثر من 25 سنة، وأضاف سائلا الحكومة عايزة الناس تسرق ولا تبيع مخدرات؟ احنا انفقنا كل ما نملك منذ مجيئنا إلى هذا السوق، واضطررت للاقتراض للتغطية نفقات أطفالي، فماذا نفعل؟. وأضاف "هشام أحمد" فقد قرر استبدال بيع الملابس ببيع الشاي والقهوة للتجار في السوق، بعد أن فقد الامل في تغيير الأوضاع، وغياب الزبائن فلم يجد سوى بيع الشاي حتى يتمكن من الإنفاق على إبنائه الصغار. وقال: انتقلنا إلى سوق توشكى الذي يبتعد بضعة أمتار عن سوق عين حلوان، وجدنا أن الوضع لا يختلف كثيرًا، حيث اكتست الوجوه بإمارات الغضب، وتعالت صرخات الباعة بعد أن عجزوا عن الحصول على أماكن بديلة كما وعدتهم الحكومة، أصيبت بضائعهم بالكساد والبوار لعدم قدرتهم على البيع والشراء، لجهل أغلب المواطنين بموقع السوق الجديد. وقال "محمد كمال" أعمل بسوق حلوان منذ 30 عاما، وعندما علمت بقرار المحافظ بنقل الباعة لأماكن حضارية، كنت مرحب بالقرار، لأن هذا يحمينا من المطاردات المستمرة، إلا إنني فوجئت بعدم وجود مكان لي بالسوق الجديد، ولم اتمكن من استلام «الباكية» الخاصة بي، رغم انني من أقدم البائعين بحلوان، فقام محافظ القاهرة بتسليم 200 بائع فقط مقراتهم، وباقي نحو 315 بائعًا لم يتسلموا أماكنهم حتى الآن، ولم تجر لهم القرعة، هذا فضلًا عن أن هناك عددًا كبيرًا من الباعة قاموا باستلام مواقعهم، ثم فوجئوا بعد عدة ايام بسحب كروت التسليم منهم دون معرفة الأسباب، ويتساءل من أين نعيش الآن؟ فلم أعد املك قوت يومي، وهذا الوضع سوف يجعلنا نصل لمرحلة لا نريد الوصول اليها فهل نلجأ للسرقة حتى نتمكن من الحصول على مصدر رزق أم ماذا نفعل؟ ولماذا تركنا المسئولون بالمحافظة ولم يتابعوا أحوالنا؟ وقال "عربي السيد"، مع الأسف لم يهتم المسئولون بالحي، بل تركوا الأزمة كما هى، فقد حصلت على الكارت الخاص باستلام الباكية، لكنني حتى الآن لم أحصل على الرخصة التي تمكنني من مزاولة نشاطي، فأنا أشعر أن الوضع أصبح سيئًا للغاية، لذا نناشد رئيس الجمهورية بالتدخل لانقاذنا من التشرد، فنحن لدنيا أطفال في مراحل مختلفة.