طالب الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان بضرورة تطبيق شخصية مصر الوسطية فى الدستور ، الذى وضع أسسها المفكر والعالم والمبدع والفيلسوف جمال حمدان ، الذى أكد أن مصر هى قلب العالم العربي وواسطة العالم الإسلامي وحجر الزاوية فى العالم الأفريقي ، فهي أمة وسطا بكل معنى الكلمة فى الموقع والدور الحضاري والتاريخي والسياسة والحرب والنظرة والتفكير ، وسطا بين خطوط الطول والعرض بين المناطق الطبيعية وأقاليم الإنتاج بين القارات والمحيطات حتى بين الأجناس والسلالات والحضارات والثقافات فهى حلقة الوصل بين المشرق والمغرب وأضاف – فى تصريح له اليوم - أن البعد الأفريقي لمصر هو مصدر الحياة والماء والسكان ، والبعد الآسيوي مصدر الدين والحضارة والثقافة ، وكل هذه الأبعاد تتداخل مع الإطار العربي الكبير ، وهو ليس مجرد بعد توجيهي أو إشعاعي ولكنه خامة الجسم وكيان الجوهر وسيناء هي المدخل الشرقي لمصر ومفتاحها الأم ، والبحر الأحمر شريان الاتصال بالجزيرة العربية مسرح تيارات التاريخ والحضارة . واشار ريحان الى أن مصر كانت قطبا أساسيا في حلقات التاريخ بل مثلت طرفا فى قصة التوحيد بفصولها الثلاثة ، فمواطن الأديان التوحيدية كانت فى سيناء وفلسطين والحجاز ، وقد رسمت مثلثا قاعدته فى سيناء منطلق نبى الله موسى عليه السلام وكانت مصر ملجأً لنبي الله عيسى عليه السلام وملاذا لخير البشرية محمد عليه الصلاة والسلام . وقال إن البعد الأفريقي لمصر تجسد منذ القدم فى رحلات قدماء المصريين إلى “,”بلاد بونت “,” ، وهى في رأى الكثير من الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى ، ووجدت أدلة على المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين بعض قبائل نيجيريا وغرب أفريقيا وبين القبائل النيلوتية فى أعالي النيل وفى محور شمال أفريقيا ، و دخلت مصر مع الليبيين فى احتكاك بعيد المدى وامتد النفوذ السياسي المصري إلى برقة أيام البطالسة والعرب وكانت مصر بوابة التعريب بالنسبة للمغرب العربي . واضاف أن البعد الخاص بالبحر المتوسط لمصر تمثل فى علاقات مصر القديمة الحضارية والتجارية بكريت المينوية ثم باليونان وروما ، وفى العصر الإسلامي أصبح للبحر المتوسط دور حيوي في كيان النشاط التجاري بمصر وارتبطت مدن كالإسكندرية ودمياط مع البندقية وجنوة وبيزا بعلاقات تجارية وامتد بينهم جسرا بحريا ، وفى العصر المملوكي كانت الإسكندرية والقاهرة موطنا دائما لتجار نشيطين من تجار المدن الإيطالية ، وبالمثل كانت علاقات مصر مع بلاد الشام عن طريق البحر المتوسط . وأوضح أنه في العصر العثماني انتقل كثير من مهاجري سواحل البلقان واليونان وألبانيا إلى مصر وأقاموا بها ومنهم الإنكشارية والألبان وبقيت أسماؤه المعربة تكشف عن أصلهم أحيانا مثل الدرملي من مدينة دراما والجريتلى من كريت والأزميرلى من أزمير والمرعشلى (مرعش) والخربوطلى (خربوط) ، ثم جاءت قناة السويس فأعادت تأكيد البعد المتوسطى فى كيان مصر . / أ ش أ /