قررت ألا تتشابه مع فتيات جيلها، لم يشغلها كثيرا البحث عن فارس الأحلام المنتظر، وإنما أولت اهتمامها للعلم، أخلصت له واتخذت منه رفيقاً لدربها، زحام منطقة مصر القديمة - مكان نشأتها - ملأ رأسها بالأفكار التى تتوارد فى تسلسل لا ينتهى، وبعد 21 عاما من تخرجها من كلية الهندسة، أسست أول نقابة للمخترعين فى العالم، وأصبحت نقيبا لها. الدكتورة هبة الرحمن أحمد، 40 عاما، تخرجت من كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1994، لتحصل بعدها على ماجستير هندسة التصميم الميكانيكى والإنتاج من جامعة عين شمس، ودبلوم التطبيقات الصناعية ومعالجة المواد بالليزر فى جامعة القاهرة، وبعدها ماجستير تطبيقات الليزر فى الصناعة، لتقرر بعدها استكمال رحلة العلم بأوروبا، وتحديدا فى هولندا التى حصلت منها على شهادتى دكتوراه، الأولى من الجامعة الحرة فى إدارة المشروعات الهندسية، والثانية فى علم المواد من الأكاديمية الهولندية للعلوم والآداب. هذا المشوار العلمى الحافل تواصل على مر السنوات، لتسجل باسمها 30 براءة اختراع، وتصدر 7 مؤلفات علمية، بجوار الإشراف على الكثير من الرسائل العلمية، وهو مشوار كان كفيلا أن يهيئ لها فرصا عديدة للسفر والاستقرار فى الغرب، حيث التقدم العلمى يستند إلى إمكانيات تدعمه، إلا أنها اختارت طريقا آخر، تقول «هبة الرحمن»: «اخترت استكمال طريقى فى مصر مع آلاف المبدعين اللى مش لاقيين حد يدعمهم، واعتبرت مشاكلى هى مشاكلهم، عارفاها وبدورلها على الحل فى كل مكان أروحه، يمكن لسه الطريق طويل لإنجاح مجال البحث العلمي، لكن فى أمل». وجودها فى منصب نقيب المخترعين جعلها تتعرف على مشكلاتهم، لخصتها «هبة الرحمن»: «فيه كتير من المبدعين بيتوصلوا لاختراعات، لكن يأسهم منعهم من تسجيلها، لإنهم عارفين إن مصيرها أدراج المسئولين، وكمان المستثمرين دلوقتى بيفكروا فى طرق سريعة للكسب وجنى الأرباح، ومفيش حد عايز يسمع أفكار اختراعات جديدة، أو يؤمن بمخترع ويدعمه للنهاية، على عكس اللى بيحصل فى باقى الدول المتقدمة المهتمة بالبحث العلمى وبتوفرله ميزانيات ضخمة». «مفيش دعم.. مفيش اهتمام.. مفيش فلوس».. أكثر الكلمات التى سمعتها «هبة الرحمن» من شباب المخترعين، ما جعلها تبحث عن حلول لتلك المشاكل التى يعانى منها كل مخترع فى مصر، فالمرحلة الأولى تمر بسلام، وهى مرحلة التوصل للاكتشاف، أما المرحلة الثانية فهى تسجيل براءة الاختراع، وتوضح: «معظم المخترعين ميعرفوش الخطوات الصحيحة لتسجيل براءة الاختراع، ولا يعرفوا إزاى يعملوا دراسة جدوى للمشروع، أو التسجيل الصناعي، وبنحاول من خلال نقابة المخترعين نعمل دورات تدريبية للمخترعين فى كل مكان، لتوعيتهم بحقوقهم والطريقة الصحيحة لتسجيل براءة الاختراع، والتواصل مع جهات عالمية لمساعدتهم فى تمويل المشروع، فى حالة لم يحصل على تمويل من جهات مصرية». «قانون المخترعين هو الحل».. تقترح «هبة الرحمن» أن يكون للمخترعين قانون خاص بهم يضمن حقوقهم، ويعطيهم الأمل لاستكمال مسيرتهم العلمية، ويتضمن القانون عمل بدل تفرغ للمخترعين، وحصولهم على تفرغ زمنى أسوة بالأدباء والشعراء وغيرهما من المبدعين، طبقا لقانون العاملين بالدولة، بالإضافة إلى تخصيص نسبة من الوظائف الحكومية للمخترعين تتعلق باختراعاتهم». ترى «هبة الرحمن» فى تلك الخطوات بداية لتشجيع المخترعين، أما الجانب الأكثر عملية من القانون فيتمثل فى إنشاء صندوق دعم المخترعين، لمساعدتهم فى سداد رسوم تسجيل براءات الاختراع، والرسوم السنوية ومصاريف النماذج الأولية، للتخفيف عن كاهلهم، وتضيف: «بعد تسجيل براءة الاختراع، يقدر المخترع يحصل على التمويل المبدئى لصناعة نموذج مصغر من مشروعه، وبتكون عنده الخبرة الكافية لربط المشروع بالسوق التجارية».